تفسير

رقم الحديث : 705

أَنْبَأَنَا أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، قَالَ : أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، قَالَ : أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ رَاشِدِ الْحِمَّانِيُّ ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخْبِرْنَا عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِكَ فِيهَا ، قَالَ : " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ سورة الإسراء آية 1 ، قَالَ : فَأَخْبَرَهُمْ ، قَالَ : بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ عِشَاءً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِذْ أَتَانِي آتٍ فَأَيْقَظَنِي ، فَاسْتَيْقَظْتُ ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا ، ثُمَّ عُدْتُ فِي النَّوْمِ ، ثُمَّ أَيْقَظَنِي فَاسْتَيْقَظْتُ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا ، ثُمَّ عُدْتُ فِي النَّوْمِ ، ثُمَّ أَيْقَظَنِي فَاسْتَيْقَظْتُ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا ، فَإِذَا أَنَا بِكَهَيْئَةِ خَيَالٍ ، فَأَتْبَعْتُهُ بِبَصَرِي حَتَّى خَرَجْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ ، فَإِذَا أَنَا بِدَابَّةٍ أَدْنَى ، شَبِيهَةً بِدَوَابِّكُمْ هَذِهِ ، بِغَالِكُمْ هَذِهِ ، مُضْطَرِبُ الأُذُنَيْنِ ، يُقَالُ لَهُ : الْبُرَاقُ ، وَكَانَتِ الأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ تَرْكَبُهُ قَبْلِي ، يَقَعُ حَافِرُهُ مَدَّ بَصَرِهِ ، فَرَكِبْتُهُ ، فَبَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ عَلَيْهِ إِذْ دَعَانِي دَاعٍ عَنْ يَمِينِي : يَا مُحَمَّدُ ، أَنْظِرْنِي أَسْأَلْكَ ، يَا مُحَمَّدُ ، أَنْظِرْنِي أَسْأَلْكَ ، فَلَمْ أُجِبْهُ ، وَلَمْ أَقِمْ عَلَيْهِ ، فَبَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ عَلَيْهِ إِذْ دَعَانِي دَاعٍ عَنْ يَسَارِي : يَا مُحَمَّدُ ، أَنْظِرْنِي أَسْأَلْكَ ، يَا مُحَمَّدُ ، أَنْظِرْنِي أَسْأَلْكَ فَلَمْ أُجِبْهُ ، وَلَمْ أَقِمْ عَلَيْهِ وَبَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ عَلَيْهِ إِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ حَاسِرَةٍ عَنْ ذِرَاعَيْهَا وَعَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زِينَةٍ خَلَقَهَا اللَّهُ ، فَقَالَتْ : يَا مُحَمَّدُ ، أَنْظِرْنِي أَسْأَلْكَ ، فَلَمْ أَلْتَفِتُ إِلَيْهَا وَلَمْ أَقِمْ عَلَيْهَا حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، فَأَوْثَقْتُ دَابَّتِي بِالْحَلْقَةِ الَّتِي كَانَتِ الأَنْبِيَاءُ تُوثِقُهَا بِهِ ، فَأَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِإِنَاءَيْنِ : أَحَدِهِمَا خَمْرٌ ، وَالآخَرِ لَبَنٌ ، فَشَرِبْتُ اللَّبَنَ وَتَرَكَتُ الْخَمْرَ ، فَقَالَ جِبْرِيلُ : أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ ، فَقُلْتُ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، فَقَالَ جِبْرِيلُ : مَا رَأَيْتُ فِيَ وَجْهِكَ هَذَا ؟ قَالَ : فَقُلْتُ : بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ إِذْ دَعَانِي دَاعٍ عَنْ يَمِينِي يَا مُحَمَّدُ ، أَنْظِرْنِي أَسْأَلْكَ ، فَلَمْ أُجِبْهُ ، وَلَمْ أَقُمْ عَلَيْهِ ، قَالَ : ذَاكَ دَاعِي الْيَهُودِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَجَبْتَهُ أَوْ وَقَفْتَ عَلَيْهِ لَتَهَوَّدَتْ أُمَّتُكَ ، قَالَ : وَبَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ إِذْ دَعَانِي دَاعٍ عَنْ يَسَارِي ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أَنْظِرْنِي أَسْأَلْكَ ، فَلَمْ أَلْتَفِتْ إِلَيْهِ ، وَلَمْ أَقُمْ عَلَيْهِ ، قَالَ : ذَاكَ دَاعِي النَّصَارَى ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَجَبْتَهُ لَتَنَصَّرَتْ أُمَّتُكَ ، فَبَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ إِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ حَاسِرَةٍ عَنْ ذِرَاعَيْهَا عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زِينَةٍ خَلَقَهَا اللَّهُ ، تَقُولُ : يَا مُحَمَّدُ ، أَنْظِرْنِي أَسْأَلْكَ ، فَلَمْ أُجِبْهَا ، وَلَمْ أَقُمْ عَلَيْهَا ، قَالَ : تِلْكَ الدُّنْيَا أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَجَبْتَهَا لاختَارَتْ أُمَّتُكَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ ، قَالَ : ثُمَّ دَخَلْتُ أَنَا وَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَصَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ أُتِيتُ بِالْمِعْرَاجِ الَّذِي تَعْرُجُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ بَنِي آدَمَ فَلَمْ يَرَ الْخَلائِقُ أَحْسَنَ مِنَ الْمِعْرَاجِ ، مَا رَأَيْتُمُ الْمَيِّتَ حِينَ يُشَقُّ بَصَرُهُ طَامِحًا إِلَى السَّمَاءِ فَإِنَّمَا يُشَقُّ بَصَرُهُ طَامِحًا إِلَى السَّمَاءِ عَجَبٌ بِالْمِعْرَاجِ ، قَالَ : فَصَعَدْتُ أَنَا وَجِبْرِيلُ ، فَإِذَا أَنَا بِمَلَكٍ يُقَالُ لَهُ : إِسْمَاعِيلُ وَهُوَ صَاحِبُ سَمَاءِ الدُّنْيَا وَبَيْنَ يَدَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ مَعَ كُلِّ مَلَكٍ جُنْدُهُ مِائَةُ أَلْفِ مَلَكٍ ، قَالَ : وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ سورة المدثر آية 31 ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ بَابَ السَّمَاءِ ، قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ كَهَيْئَةِ يَوْمِ خَلَقَهُ اللَّهُ عَلَى صُورَتِهِ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ ذُرِّيَّتِهِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَيَقُولُ : رُوحٌ طَيِّبَةٌ وَنَفْسٌ طَيِّبَةٌ ، اجْعَلُوهَا عَلَى عِلِّيِّينَ ، ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ ذُرِّيَّتِهِ الْفُجَّارُ ، فَيَقُولُ : رُوحٌ خَبِيثَةٌ وَنَفْسٌ خَبِيثَةٌ اجْعَلُوهَا فِي سِجِّينٍ ، ثُمَّ مَضَتْ هُنَيَّةٌ فَإِذَا أَنَا بِأَخْوِنَةٍ يَعْنِي الْخِوَانَ ، الْمَائِدَةُ الَّتِي يُؤْكَلُ عَلَيْهَا لَحْمٌ مُشَرَّحٌ لَيْسَ يَقْرَبُهَا أَحَدٌ ، وَإِذَا أَنَا بِأَخْوِنَةٍ أُخْرَى عَلَيْهَا لَحْمٌ قَدْ أَرْوَحَ وَنَتِنَ ، عِنْدَهَا أُنَاسٌ يَأْكُلُونَ مِنْهَا ، قُلْتُ : يَا جِبْرِيلَ ، مَنْ هَؤُلاءِ ؟ قَالَ : هَؤُلاءِ مِنْ أُمَّتِكَ يَتْرُكُونَ الْحَلالَ وَيَأْتُونَ الْحَرَامَ ، قَالَ : ثُمَّ مَضَتْ هُنَيَّةٌ ، فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ بُطُونِهِمْ أَمْثَالِ الْبُيوتِ ، كُلَّمَا نَهَضَ أَحَدُهُمْ خَرَّ ، يَقُولُ : اللَّهُمَّ لا تُقِمِ السَّاعَةَ ، قَالَ : وَهُمْ عَلَى سَابِلَةِ آلَ فِرْعَوْنَ ، قَالَ : فَتَجِيءُ السَّابِلَةُ فَتَطَأَهُمْ ، قَالَ : فَسَمِعْتُهُمْ يَضِجُّونَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ ، قُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَؤُلاءِ ؟ قَالَ : هَؤُلاءِ مِنْ أُمَّتِكَ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ، قَالَ : ثُمَّ مَضَتْ هُنَيَّةٌ ، فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ مَشَافِرُهُمْ كَمَشَافِرِ الإِبِلِ ، قَالَ : فَتُفْتَحُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَيُلَقَّوْنَ ذَلِكَ الْحَجَرَ ؛ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ أَسَافِلِهِمْ ، فَسَمِعْتُهُمْ يَضِجُّونَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَقُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَؤُلاءِ ؟ قَالَ : هَؤُلاءِ مِنْ أُمَّتِكَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا : إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا سورة النساء آية 10 ، قَالَ : ثُمَّ مَضَتْ هُنَيَّةٌ فَإِذَا أَنَا بِنِسَاءٍ يُعَلَّقْنَ بِثُدِيِّهِنَّ ، فَسَمِعْتُهُنَّ يَصِحْنَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَؤُلاءِ النِّسَاءِ ؟ قَالَ : هَؤُلاءِ الزُّنَاةُ مِنْ أُمَّتِكَ ، قَالَ : ثُمَّ مَضَيْتُ هُنَيَّةً ، فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ تُقْطَعُ مِنْ جُنُوبِهِمِ اللَّحْمُ ، فَيُلْقَمُونَ ، فَيُقَالُ لَهُ : كُلْ كَمَا كُنْتَ تَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ أَخِيكَ ، قُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَؤُلاءِ ؟ قَالَ : هَؤُلاءِ الْهَمَّازُونَ مِنْ أُمَّتِكَ اللَّمَّازُونَ ، ثُمَّ صَعِدْنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ ، فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ قَدْ فُضِّلَ عَنِ النَّاسِ بِالْحُسْنِ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ، قُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا أَخُوكَ يُوسُفُ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، وَسَلَّمَ عَلَيَّ ، ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ ، فَإِذَا أَنَا بِيَحْيَى وَعِيسَى وَمَعَهُمَا نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِمَا ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَا عَلَيَّ ، ثُمَّ صَعَدْتُ إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ ، فَإِذَا أَنَا بِإِدْرِيسَ قَدْ رَفَعَهُ اللَّهُ مَكَانًا عَلِيًّا ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، وَسَلَّمَ عَلَيَّ ، ثُمَّ صَعَدْتُ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ ، فَإِذَا أَنَا بِهَارُونَ وَنِصْفُ لِحْيَتِهِ بَيْضَاءُ وَنِصْفُهَا سَوْدَاءُ ، تَكَادُ لِحْيَتُهُ تُصِيبُ سُرَّتَهُ مِنْ طُولِهَا ، قُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا الْمُحَبَّبُ فِي قَوْمِهِ ، هَذَا هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ ، ثُمَّ صَعَدْتُ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ رَجُلٌ آدَمُ كَثِيرُ الشَّعْرِ ، لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصَانِ لَنَفِدَ شَعْرُهُ دُونَ الْقَمِيصِ ، وَإِذَا هُوَ يَقُولُ : يَزْعُمُ النَّاسُ إِنِّي أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا ، بَلْ هَذَا أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنِّي ! ، قَالَ : قُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا أَخُوكَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ ، قَالَ : وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ ، ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ، فَإِذَا أَنَا بِأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ ، سَانِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ كَأَحْسَنِ الرِّجَالِ ؛ قُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ ، وَهُوَ وَنَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ ، وَإِذَا بِأُمَّتِي شَطْرَيْنِ : شَطْرٌ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيضٌ كَأَنَّهَا الْقَرَاطِيسُ ، وَشَطْرٌ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ رُمْدٌ ، قَالَ : فَدَخَلْتُ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ ، وَدَخَلَ مَعِيَ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ الثِّيَابُ الْبِيضُ ، وَحُجِبَ الآخَرُونَ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ رُمْدٌ ، وَهُمْ عَلَى خَيْرٍ ، فَصَلَّيْتُ أَنَا وَمَنْ مَعِي فِي الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ، ثُمَّ خَرَجْتُ أَنَا وَمَنْ مَعِيَ ، قَالَ : وَالْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لا يَعُودُونَ فِيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، قَالَ : ثُمَّ رُفِعَتُ إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى ، فَإِذَا كُلُّ وَرَقَةٍ مِنْهَا تَكَادُ أَنْ تُغَطِّيَ هَذِهِ الأُمَّةَ ، وَإِذَا فِيهَا عَيْنٌ تَجْرِي ، يُقَالُ : لَهَا سَلْسَبِيلٌ ، فَيَنْشَقُّ مِنْهَا نَهْرَانِ أَحَدُهُمَا : الْكَوْثَرُ ، وَالآخَرُ يُقَالُ لَهُ : نَهَرُ الرَّحْمَةِ ، فَاغْتَسَلْتُ فِيهِ ، فَغُفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي وَمَا تَأَخَّرَ ، ثُمَّ إِنِّي دُفِعْتُ إِلَى الْجَنَّةِ ، فَاسْتَقْبَلَتْنِي جَارِيَةٌ ، فَقُلْتُ : لِمَنْ أَنْتِ يَا جَارِيَةُ ؟ قَالَتْ : لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ، وَإِذَا أَنَا بِأَنْهَارٍ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ ، وَأَنْهَارٍ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ ، وَأَنْهَارٍ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ، وَأَنْهَارٍ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ، وَإِذَا رُمَّانُهَا كَأَنَّهُ الدِّلاءُ عِظَمًا ، وَإِذَا أَنَا بِطَيْرٍ كَالْبَخَاتِي هَذِهِ ، فَقَالَ : عِنْدَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَدَّ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ، قَالَ : ثُمَّ عَرَضْتُهُ عَلَى النَّارِ ، فَإِذَا فِيهَا غَضَبُ اللَّهِ وَرِجْزُهُ وَنِقْمَتُهُ ، لَوْ طُرِحَ فِيهَا الْحِجَارَةُ وَالْحَدِيدُ لأَكَلَتْهَا ، ثُمَّ أُغْلِقَتْ دُونِي ، ثُمَّ إِنِّي دُفِعْتُ إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى فَتَغَشَّى لِي ، وَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ، قَالَ : وَنَزَلَ عَلَى كُلِّ وَرَقَةٍ مَلَكٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ ، قَالَ : وَقَالَ : فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلاةً ، وَقَالَ : لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرٌ ، إِذَا هَمَمْتَ بِالْحَسَنَةِ فَلَمْ تَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَكَ حَسَنَةٌ فَإِذَا عَمِلْتَهَا كُتِبَتْ لَكَ عَشْرًا ، وَإِذَا هَمَمْتَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَمْ تَعْمَلْهَا لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكَ شَيْءٌ ، فَإِنْ عَمِلْتَهَا كُتِبَتْ عَلَيْكَ سَيِّئَةً وَاحِدَةً ، ثُمَّ دُفِعْتُ إِلَى مُوسَى ، فَقَالَ : بِمَا أَمَرَكَ رَبُّكَ ، قُلْتُ : بِخَمْسِينَ صَلاةً ، قَالَ : ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذَلِكَ وَمَتَى لا تُطِقْهُ تَكْفُرْ ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي ، فَقُلْتُ : يَا رَبِّ ، خَفِّفْ عَنْ أُمَّتِي فَإِنَّهَا أَضْعَفُ الأُمَمِ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا وَجَعَلَهَا أَرْبَعِينَ ، فَمَا زِلْتُ أَخْتَلِفُ بَيْنَ مُوسَى وَرَبِّي ، كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَيْهِ قَالَ لِي مِثْلَ مَقَالَتِهِ حَتَّى رَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ لِي : بِمَا أُمِرْتَ ؟ قُلْتُ : أُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ ، قَالَ : ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ عَنْ أُمَّتِكَ ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي ، فَقُلْتُ : أَيْ رَبِّ ، خَفِّفْ عَنْ أُمَّتِي فَإِنَّهَا أَضْعَفُ الأُمَمِ ، فَوَضَعَ عَنِّي خَمْسًا ، وَجَعَلَهَا خَمْسًا ، فَنَادَانِي مَلَكٌ عِنْدَهَا : تَمَّتْ فَرِيضَتِي ، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي ، وَأَعْطَيْتُهُمْ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى مُوسَى ، فَقَالَ : بِمَ أُمِرْتَ ؟ قُلْتُ : بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ ، قَالَ : ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ ، فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ ، فَإِنَّهُ لا يَئُودُهُ شَيْءٌ ، فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ ، فَقُلْتُ : رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُهُ ، ثُمَّ أَصْبَحَ بِمَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِالْعَجَائِبِ : أَنِّي أَتَيْتُ الْبَارِحَةَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، وَعُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ ، وَرَأَيْتُ كَذَا وَرَأَيْتُ كَذَا ، فَقَالَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ : أَلا تَعْجَبُونَ مِمَّا يَقُولُ مُحَمَّدٌ ! يَزْعُمُ أَنَّهُ أَتَى الْبَارِحَةَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، ثُمَّ أَصْبَحَ فِينَا ، وَأَحَدُنَا يَضْرِبُ مَطِيَّتَهُ مُصْعِدَةً شَهْرًا ، وَمُنْقَلِبَةً شَهْرًا ، فَهَذَا مَسِيرَةُ شَهْرَيْنِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ ، قَالَ : فَأَخْبَرَهُمْ بَعِيرٍ لِقُرَيْشٍ لَمَّا كَانَ فِي مَصْعَدِي رَأَيْتُهَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا ، وَأَنَّهَا نَفَرَتْ ، فَلَمَّا رَجَعْتُ رَأَيْتُهَا عِنْدَ الْعَقَبَةِ ، وَأَخْبَرَهُمْ بِكُلِّ رَجُلٍ وَبَعِيرِهِ كَذَا وَكَذَا وَمَتَاعِهِ كَذَا وَكَذَا ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ : يُخْبِرُنَا بِأَشْيَاءَ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ : أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَكَيْفَ بِنَاؤُهُ ؟ وَكَيْفَ هَيْئَتُهُ ؟ وَكَيْفَ قُرْبُهُ مِنَ الْجَبَلِ ؟ فَإِنْ يَكُنْ مُحَمَّدٌ صَادِقًا فَسَأُخْبِرَكُمْ ، وَإِنْ يَكُنْ كَاذِبًا فَسَأُخْبِرَكُمْ ، فَجَاءَهُ ذَلِكَ الْمُشْرِكُ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَأَخْبِرْنِي كَيْفَ بِنَاؤُهُ ؟ وَكَيْفَ هَيْئَتُهُ ؟ وَكَيْفَ قُرْبُهُ مِنَ الْجَبَلِ ؟ قَالَ : فَرُفِعَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ مِنْ مَقْعَدِهِ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ كَنَظَرِ أَحَدِنَا إِلَى بَيْتِهِ : بِنَاؤُهُ كَذَا وَكَذَا ، وَهَيْئَتُهُ كَذَا وَكَذَا ، وَقُرْبُهُ مِنَ الْجَبَلِ كَذَا وَكَذَا ، فَقَالَ الآخَرُ : صَدَقْتَ ، فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : صَدَقَ مُحَمَّدٌ فِيمَا قَالَ " . أَوْ نَحْوًا مِنْ هَذَا الْكَلامِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

صحابي

أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ

متروك الحديث

أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ رَاشِدِ الْحِمَّانِيُّ

صدوق حسن الحديث

عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ

صدوق حسن الحديث

أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ

صدوق حسن الحديث

أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ

ثقة حافظ

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ

ثقة حافظ