أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : " ثُمَّ انْصَرَفَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ آخِذًا بِيَدِ عَبْدِ اللَّهِ ، فَمَرَّ بِهِ فِيمَا يَزْعُمُونَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ ، وَهِيَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ ، فَقَالَتْ لَهُ حِينَ نَظَرَتْ إِلَى وَجْهِهِ : أَيْنَ تَذْهَبُ يَا عَبْدَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : مَعَ أَبِي ، قَالَتْ : لَكَ عِنْدِي مِنَ الإِبِلِ مِثْلُ الَّتِي نُحِرَتْ عَنْكَ ، وَقَعْ عَلَيَّ الآنَ ، فَقَالَ لَهَا : إِنِّي مَعِيَ أَبِي الآنَ ، لا أَسْتَطِيعُ خِلافَهُ وَلا فِرَاقَهُ ، وَلا أُرِيدُ أَنْ أَعْصِيَهُ شَيْئًا ، فَخَرَجَ بِهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ حَتَّى أَتَى بِهِ وَهْبَ بْنَ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ ، وَوَهْبٌ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ بَنِي زُهْرَةَ نَسَبًا وَشَرَفًا ، فَزَوَّجَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ أَفْضَلُ امْرَأَةٍ فِي قُرَيْشٍ نَسَبًا وَمَوْضِعًا ، وَهِيَ لِبَرَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ ، وَأُمُّ بَرَّةَ : أُمُّ حَبِيبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ ، وَأُمُّ حَبِيبٍ بِنْتُ أَسَدٍ : لِبَرَّةَ بِنْتِ عَوْفِ بْنِ عُبَيْدٍ ، يَعْنِي ابْنَ عُوَيْجِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ ، قَالَ : وَذَكَرُوا أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا حِينَ مَلَكَهَا مَكَانَهُ ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا عَبْدُ اللَّهِ ، فَحَمَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا حَتَّى أَتَى الْمَرْأَةَ الَّتِي قَالَتْ لَهُ مَا قَالَتْ ، وَهِيَ أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَهِيَ فِي مَجْلِسِهَا ، فَجَلَسَ إِلَيْهَا ، وَقَالَ لَهَا : مَا لَكِ لا تَعْرِضِينَ عَلَيَّ الْيَوْمَ مِثْلَ الَّذِي عَرَضْتِ أَمْسِ ؟ فَقَالَتْ : قَدْ فَارَقَكَ النُّورُ الَّذِي كَانَ فِيكَ ، فَلَيْسَ لِي بِكَ الْيَوْمَ حَاجَةٌ ، وَكَانَتْ فِيمَا زَعَمُوا تَسْمَعُ مِنْ أَخِيهَا وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ ، وَكَانَ قَدْ تَنَصَّرَ وَاتَّبَعَ الْكُتُبَ ، يَقُولُ : إِنَّهُ لَكَائِنٌ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ نَبِيٌّ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ ، فَقَالَتْ فِي ذَلِكَ شِعْرًا ، وَاسْمُهَا : أُمُّ قِتَالٍ بِنْتُ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدٍ : الآنَ وَقَدْ ضَيَّعْتَ مَا كُنْتَ قَادِرًا عَلَيْهِ وَفَارَقَكَ الَّذِي كَانَ جَاءَكَا غَدَوْتَ عَلَيَّ حَافِلا قَدْ بَذَلْتَهُ هُنَاكَ لِغَيْرِي فَالْحَقَنَّ بِشَانِكَا وَلا تَحْسَبَنِّي الْيَوْمَ خِلْوًا وَلَيْتَنِي أَصَبْتُ جَنِينًا مِنْكَ يَا عَبْدَ دَارِكَا وَلَكِنَّ ذَاكُمْ صَارَ فِي آلِ زُهْرَةٍ بِهِ يَدْعَمُ اللَّهُ الْبَرِيَّةَ نَاسِكَا وَقَالَتْ أَيْضًا : عَلَيْكَ بِآلِ زُهْرَةَ حَيْثُ كَانُوا وَآمَنَةَ الَّتِي حَمَلَتْ غُلامَا تَرَى الْمَهْدِيَّ حِينَ تَرَى عَلَيْهِ وَنُورًا قَدْ تَقَدَّمَهُ أَمَامَا وَذَكَرَتْ أَبْيَاتًا ، وَقَالَتْ فِيهَا : فَكُلُّ الْخَلْقِ يَرْجُوهُ جَمِيعًا يَسُودُ النَّاسَ مُهْتَدِيًا إِمَامَا بَرَاهُ اللَّهُ مِنْ نُورٍ صَفَاءً فَأَذْهَبَ نُورُهُ عَنَّا الظَّلامَا وَذَاكَ صَنِيعُ رَبِّكَ إِذْ حَبَاهُ إِذَا مَا سَارَ يَوْمًا أَوْ أَقَامَا فَيَهْدِي أَهْلَ مَكَّةَ بَعْدَ كُفْرٍ وَيَفْرِضُ بَعْدَ ذَلِكُمُ الصِّيَامَا قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهَذَا الشَّيْءُ قَدْ سَمِعَتْهُ مِنْ أَخِيهَا فِي صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ كَانَتِ امْرَأَةَ عَبْدِ اللَّهِ مَعَ آمِنَةَ " .