أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي وَالِدِي إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنَ الأَنْصَارِ , قَالُوا : " بَعَثَتْ قُرَيْشٌ يَوْمَ بَدْرٍ عُمَيْرَ بْنَ وَهْبٍ ، فَقَالُوا : احْزِرْ لَنَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ، فَاسْتَجَالَ حَوْلَ الْعَسْكَرِ عَلَى فَرَسٍ لَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِمْ , فَقَالَ : ثَلاثُ مِائَةٍ وَخَمْسُونَ يَزِيدُونَ قَلِيلا أَوْ يَنْقُصُونَ قَلِيلا ، وَلَكِنِ انْظُرُونِي حَتَّى أَنْظُرَ فِي الْوَادِي حَتَّى أَرَى هَلْ لَهُمْ مَدَدٌ أَوْ كَمِينٌ ، فَضَرَبَ فِي الْوَادِي حَتَّى أَمْعَنَ ، ثُمَّ رَجَعَ , فَقَالَ : مَا رَأَيْتُ شَيْئًا ، وَلَكِنْ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، قَدْ رَأَيْتُ الْبَلايَا تَحْمِلُ الْمَنَايَا ، نَوَاضِحُ تَحْمِلُ الْمَوْتَ النَّاقِعَ ، قَدْ رَأَيْتُ أَقْوَامًا مَا وَرَاءَهُمْ مَرْجِعٌ ، وَمَا عِصْمَتُهُمْ إِلا سُيوفَهُمْ ، وَلا وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ يُقْتَلَ رَجُلٌ حَتَّى يَقْتُلَ مِثْلَهُ ، فَإِذَا قَتَلُوا مِثْلَ أَعْدَادِهِمْ فَمَا خَيْرٌ فِي الْعَيْشِ بَعْدَهُ ، فَرَوْا رَأْيَكُمْ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ , قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ , فِي الإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرَ لِقِصَةِ بَدْرٍ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ فَلَمَّا سَمِعَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ ذَلِكَ , مَشَى فِي النَّاسِ فَلَقِيَ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ , قَالَ : يَا أَبَا الْوَلِيدِ ، إِنَّكَ كَبِيرُ قُرَيْشٍ وَسَيِّدُهَا وَالْمُطَاعُ فِيهَا ، فَهَلْ لَكَ إِلَى أَنْ لا تَزَالَ مِنْهَا بِخَيْرٍ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ ؟ فَقَالَ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : تَرْجِعُ بِالنَّاسِ وَتَحَمَّلُ دَمَ حَلِيفِكَ عَمْرِو بْنِ الْحَضْرَمِيِّ ، فَقَالَ عُتْبَةُ : قَدْ فَعَلْتُ فَائْتِ ابْنَ الْحَنْظَلِيَّةِ يَعْنِي أَبَا جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ ، ثُمَّ قَامَ عُتْبَةُ خَطِيبًا , فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، إِنَّكُمْ وَاللَّهِ مَا تَصْنَعُونَ بِأَنْ تَلْقَوْا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ شَيْئًا ، وَقَدْ نَجَّى اللَّهُ عِيرَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ فَلا حَاجَةَ لَكُمْ فِي أَنْ تَسِيرُوا فيَ غَيْرِ صَنِيعَةٍ ، وَإِنَّمَا خَرَجْتُمْ لِتَمْنَعُوا عِيرَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ فَاجْعَلُوا بِي جُبْنَهَا وَارْجِعُوا ، وَاللَّهِ لَئِنْ أَصَبْتُمْ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ لا يَزَالُ رَجُلٌ يَنْظُرُ فِي وَجْهِ رَجُلٍ يَكْرَهُ النَّظَرَ إِلَيْهِ قَتَلَ ابْنَ عَمِّهِ ، أَوِ ابْنَ خَالِهِ ، أَوْ رَجُلا مِنْ بَنِي عَشِيرَتِهِ ، فَارْجِعُوا وَخَلُّوا بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَبَيْنَ سَائِرِ الْعَرَبِ ، فَإِنْ أَصَابُوهُ فَذَاكَ الَّذِي أَرَدْتُمْ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ أَلْفَاكُمْ وَلَمْ تَعْرِضُوا مِنْهُ لِمَا لا تُرِيدُونَ , قَالَ حَكِيمٌ : فَانْطَلَقْتُ حَتَّى جِئْتُ أَبَا جَهْلٍ فَقُلْتُ : يَا أَبَا الْحَكَمِ ، إِنَّ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ بِكَذَا وَكَذَا لِلَّذِي قَالَ ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ : انْتَفَخَ وَاللَّهِ سَحْرُهُ حِينَ رَأَى مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ ، كَلا وَاللَّهِ لا نَرْجِعُ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ ، وَمَا بِعُتْبَةَ مَا قَالَ ، وَلَكِنَّهُ قَدْ رَأَى أَنَّ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ أُكْلَةُ جَزُورٍ وَفِيهِمُ ابْنُهُ وَقَدْ تَخَوَّفَكُمْ عَلَيْهِ , ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عَامِرِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ , فَقَالَ : هَذَا حَلِيُفُكَ يُرِيدُ أَنْ يَرْجِعَ بِالنَّاسِ ، وَقَدْ رَأَيْتَ ثَأْرَكَ بِعَيْنِكَ ، فَقُمْ فَأَنْشِدْ خُفْرَتَكَ وَمَقْتَلَ أَخِيكَ ، فَقَامَ عَامِرٌ فَاكْتَشَفَ ثُمَّ صَرَخَ : وَاعَمْرَاهُ ، وَاعَمْرَاهُ ، فَحَمِيَتِ الْحَرْبُ وَحَقِبَ أَمْرُ النَّاسِ وَاسْتَوْسَقَ عَلَى مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الشَّرِّ وَأَفْسَدَ عَلَى النَّاسِ الرَّأْيَ الَّذِي دَعَاهُمْ إِلَيْهِ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عُتْبَةَ مِنْ قَوْلِ أَبِي جَهْلٍ ، انْتَفَخَ سَحْرُهُ , قَالَ : سَيعْلَمُ مُصَفِّرُ اسْتِهِ أَيُّنَا الْجَبَانُ الْمُفْسِدُ لِقَوْمِهِ ، أَنَا أَمْ هُوَ ، ثُمَّ الْتَمَسَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ بَيْضَةً لِيُدْخِلَهَا رَأْسَهُ ، فَمَا وُجِدَتْ فِي الْجَيْشِ بَيْضَةٌ تَسَعُهُ مِنْ عِظَمِ هَامَتِهِ ، فَاعْتَجَرَ حِينَ رَأَى ذَلِكَ بِبُرْدٍ لَهُ عَلَى رَأْسِهِ ، وَأَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ حَتَّى وَرَدُوا حَوْضَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " دَعُوهُمْ " ، فَمَا شَرِبَ مِنْهُمْ رَجُلٌ يَوْمَئِذٍ إِلا قُتِلَ ، إِلا حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ فَإِنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ ، وَأَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَسُنَ إِسْلامُهُ ، فَكَانَ إِذَا اجْتَهَدَ يَمِينَهُ , قَالَ : وَالَّذِي نَجَّانِي يَوْمَ بَدْرٍ , قَالَ : فَلَمَّا رَأَى الأَسْودُ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ الْحَوْضَ , قَالَ : وَاللَّهِ لأَنْطَلِقَنَّ فَلأَهْدِمَنَّهُ أَوْ لأُقْتَلَنَّ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَكَانَ رَجُلا شَرِسًا سَيِّئَ الْخُلُقِ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ لِيَهْدِمَهُ ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَضَرَبَهُ فَأَطَنَّ قَدَمَهُ بِنِصْفِ سَاقِهِ ، وَهُمَا دُونَ الْحَوْضِ ، فَوَقَعَ عَلَى ظَهْرِهِ تَشْخُبُ رِجْلُهُ دَمًا نَحْوَ أَصْحَابِهِ ، ثُمَّ حَبَا إِلَى الْحَوْضِ حَتَّى اقْتَحَمَ فِيهِ يُرِيدُ أَنْ يَبَرَّ يَمِينَهُ ، وَاتَّبَعَهُ حَمْزَةُ يَضْرِبُهُ حَتَّى قَتَلَهُ فِي الْحَوْضِ ، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَشْيَاخٍ | اسم مبهم | |
إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ | إسحاق بن يسار المطلبي | ثقة |
ابْنِ إِسْحَاقَ | ابن إسحاق القرشي / توفي في :150 | صدوق مدلس |
يُونُسُ | يونس بن بكير الشيباني / توفي في :199 | صدوق حسن الحديث |
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ | أحمد بن عبد الجبار العطاردي | ضعيف الحديث |
أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ | محمد بن يعقوب الأموي / ولد في :247 / توفي في :346 | ثقة حافظ |
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ | الحاكم النيسابوري / ولد في :321 / توفي في :405 | ثقة حافظ |