باب وفد بني عامر ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم على عامر بن الطفيل وكفاية الله تعالى...


تفسير

رقم الحديث : 2136

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ يَشُوعَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ يُونُسُ ، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا وَأَسْلَمَ , أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ نَجْرَانَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ عَلَيْهِ طس سُلَيْمَانَ : " بِسْمِ إِلَهِ إِبْرَاهِيمَ ، وَإِسْحَاقَ ، وَيَعْقُوبَ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُسْقُفِّ نَجْرَانَ وَأَهْلِ نَجْرَانَ إِنْ أَسْلَمْتُمْ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ إِلَهَ إِبْرَاهِيمَ ، وَإِسْحَاقَ ، وَيَعْقُوبَ ، أَمَّا بَعْدُ : فَإِنِّي أَدْعُوكُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ مِنْ عِبَادَةِ الْعِبَادِ وَأَدْعُوكُمْ إِلَى وِلايَةِ اللَّهِ مِنْ وِلايَةِ الْعِبَادِ ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَالْجِزْيَةُ ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَقَدْ آذَنْتُكُمْ بِحَرْبٍ وَالسَّلامُ " , فَلَمَّا أَتَى الأُسْقُفَّ الْكِتَابُ وَقَرَأَهُ فَظِعَ بِهِ وَذَعَرَهُ ذُعْرًا شَدِيدًا ، فَبَعَثَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ يُقَالُ لَهُ شُرَحْبِيلُ بْنُ وَدَاعَةَ ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ هَمْدَانَ ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُدْعَى إِذَا نَزَلَتْ مُعْضِلَةٌ قَبْلَهُ ، لا الأَيْهَمُ ، وَلا السَّيِّدُ ، وَلا الْعَاقِبُ ، فَدَفَعَ الأُسْقُفُّ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شُرَحْبِيلَ ، فَقَرَأَهُ فَقَالَ الأُسْقُفُّ : يَا أَبَا مَرْيَمَ ! مَا رَأْيُكَ ؟ فَقَالَ شُرَحْبِيلُ : قَدْ عَلِمْتَ مَا وَعَدَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ فِي ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ مِنَ النُّبُوَّةِ ، فَمَا يَأْمَنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الرَّجُلُ هُوَ ذَلِكَ الرَّجُلُ ، لَيْسَ لِي فِي النُّبُوَّةِ رَأْيٌ ، لَوْ كَانَ أَمْرًا مِنَ الدُّنْيَا أَشَرْتُ عَلَيْكَ فِيهِ ، وَجَهِدْتُ لَكَ ، فَقَالَ لَهُ الأُسْقُفُّ : تَنَحَّ فَاجْلِسْ ، فَتَنَحَّى شُرَحْبِيلُ فَجَلَسَ نَاحِيَةً , فَبَعَثَ الأُسْقُفُّ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ , يُقَالُ لَهُ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُرَحْبِيلَ ، وَهُوَ مِنْ ذِي أَصْبَحَ مِنْ حِمْيَرٍ ، فَأَقْرَأَهُ الْكِتَابَ ، وَسَأَلَهُ عَنِ الرَّأْيِ فِيهِ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ قَوْلِ شُرَحْبِيلَ ، فَقَالَ لَهُ الأُسْقُفُّ : فَاجْلِسْ , فَتَنَحَّى فَجَلَسَ نَاحِيَةً ، فَبَعَثَ الأُسْقُفُّ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ , يُقَالُ لَهُ : جَبَّارُ بْنُ فَيْضٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ أَحَدُ بَنِي الْحِمَاسِ ، فَأَقْرَأَهُ الْكِتَابَ وَسَأَلَهُ عَنِ الرَّأْيِ فِيهِ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ قَوْلِ شُرَحْبِيلَ ، وَعَبْدِ اللَّهِ ، فَأَمَرَهُ الأُسْقُفُّ فَتَنَحَّى فَجَلَسَ نَاحِيَةً , فَلَمَّا اجْتَمَعَ الرَّأْيُ مِنْهُمْ عَلَى تِلْكَ الْمَقَالَةِ جَمْعًا أَمَرَ الأُسْقُفُّ بِالنَّاقُوسِ فَضُرِبَ بِهِ ، وَرُفِعَتِ الْمُسُوحُ فِي الصَّوَامِعِ ، وَكَذَلِكَ كَانُوا يَفْعَلُونَ إِذَا فَزِعُوا بِالنَّهَارِ وَإِذَا كَانَ فَزَعُهُمْ لَيْلا ضَرَبُوا بِالنَّاقُوسِ وَرُفِعَتِ النِّيرَانُ فِي الصَّوَامِعِ ، فَاجْتَمَعَ حِينَ ضُرِبَ النَّاقُوسُ وَرُفِعَتِ الْمُسُوحُ أَهْلُ الْوَادِي أَعْلاهُ وَأَسْفَلُهُ ، وَطُولُ الْوَادِي مَسِيرَةُ يَوْمٍ لِلرَّاكِبِ السَّرِيعِ وَفِيهِ ثَلاثٌ وَسَبْعُونَ قَرْيَةً ، وَعِشْرُونَ وَمِائَةُ أَلْفِ مُقَاتِلٍ ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَأَلَهُمْ عَنِ الرَّأْيِ فِيهِ فَاجْتَمَعَ رَأْيُ أَهْلِ الْوَادِي مِنْهُمْ عَلَى أَنْ يَبْعَثُوا شُرَحْبِيلَ بْنَ وَدَاعَةَ الْهَمْدَانِيَّ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ شُرَحْبِيلَ الأَصْبَحِيَّ ، وَجَبَّارَ بْنَ فَيْضٍ الْحَارِثِيَّ فَيَأْتُونَهُمْ بِخَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَانْطَلَقَ الْوَفْدُ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْمَدِينَةِ وَضَعُوا ثِيَابَ السَّفَرِ عَنْهُمْ وَلَبِسُوا حُلَلا لَهُمْ يَجُرُّونَهَا مِنْ حِبَرَةٍ ، وَخَوَاتِيمَ الذَّهَبِ ، ثُمَّ انْطَلَقُوا حَتَّى أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمُ السَّلامَ ، وَتَصَدَّوْا لَكَلامِهِ نَهَارًا طَوِيلا فَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ وَعَلَيْهِمْ تِلْكَ الْحُلَلُ وَالْخَوَاتِيمُ الذَّهَبُ ، فَانْطَلَقُوا يَتْبَعُونَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ، وَكَانَا مَعْرِفَةً لَهُمْ ، كَانَا يَجْدَعَانِ الْعَتَائِرَ إِلَى نَجْرَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَيَشْتَرُوا لَهُمَا مِنْ بَزِّهَا وثَمَرِهَا وَذُرَتِهَا ، فَوَجَدُوهُمَا فِي نَاسٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ فِي مَجْلِسٍ ، فَقَالُوا : يَا عُثْمَانُ وَيَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ! إِنَّ نَبِيَّكُمَا كَتَبَ إِلَيْنَا بِكِتَابٍ فَأَقْبَلْنَا مُجِيبِينَ لَهُ ، فَأَتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ سَلامَنَا ، وَتَصَدَّيْنَا لَكَلامِهِ نَهَارًا طَوِيلا فَأَعْيَانَا أَنْ يُكَلِّمَنَا ، فَمَا الرَّأْيُ مِنْكُمَا ، أَنَعُودُ أَمْ نَرْجِعُ ؟ فَقَالا لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ فِي الْقَوْمِ : مَا تَرَى يَا أَبَا الْحَسَنِ فِي هَؤُلاءِ الْقَوْمِ ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ ، لِعُثْمَانَ ، وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ : أَرَى أَنْ يَضَعُوا حُلَلَهُمْ هَذِهِ وَخَوَاتِيمَهُمْ وَيَلْبَسُوا ثِيَابَ سَفَرِهِمْ ، ثُمَّ يَعُودُوا إِلَيْهِ , فَفَعَلَ وَفْدُ نَجْرَانَ ذَلِكَ ، وَوَضَعُوا حُلَلَهُمْ وَخَوَاتِيمَهُمْ ، ثُمَّ عَادُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ فَرَدَّ بِسَلامِهِمْ , ثُمَّ قَالَ : " وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ ، لَقَدْ أَتَوْنِي الْمَرَّةَ الأُولَى وَإِنَّ إِبْلِيسَ لَمَعَهُمْ " , ثُمَّ سَاءَلَهُمْ وَسَاءَلُوهُ فَلَمْ تَزَلْ بِهِ وَبِهِمُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى قَالُوا لَهُ : مَا تَقُولُ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ؟ , فَإِنَّا نَرْجِعُ إِلَى قَوْمِنَا وَنَحْنُ نَصَارَى يَسُرُّنَا إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا أَنْ نَعْلَمَ مَا تَقُولُ فِيهِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا عِنْدِي فِيهِ شَيْءٌ يَوْمِي هَذَا ، فَأَقِيمُوا حَتَّى أُخْبِرَكُمَا بِمَا يُقَالُ فِي عِيسَى " , فَأَصْبَحَ الْغَدُ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الآيَةَ : إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ { 59 } الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ { 60 } فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ سورة آل عمران آية 58-60 إِلَى قَوْلِهِ : فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ سورة آل عمران آية 61 فَأَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا بِذَلِكَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغَدَ بَعْدَ مَا أَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ أَقْبَلَ مُشْتَمِلا عَلَى الْحَسَنِ ، وَالْحُسَيْنِ فِي خَمِيلٍ لَهُ وَفَاطِمَةُ تَمْشِي عِنْدَ ظَهْرِهِ لِلْمُلاعَنَةِ وَلَهُ يَوْمَئِذٍ عِدَّةُ نِسْوَةٍ ، فَقَالَ شُرَحْبِيلُ لِصَاحِبَيْهِ : يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شُرَحْبِيلَ وَيَا جَبَّارُ بْنَ فَيْضٍ ، قَدْ عَلِمْتُمَا أَنَّ الْوَادِيَ إِذَا اجْتَمَعَ أَعْلاهُ وَأَسْفَلُهُ لَمْ يَرِدُوا وَلَمْ يَصْدُرُوا إِلا عَنْ رَأْيِي ، وَإِنِّي وَاللَّهِ أَرَى أَمْرًا مُقْبِلا ، إِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ مَلِكًا مَبْعُوثًا فَكُنَّا أَوَّلَ الْعَرَبِ طَعَنَ فِي عَيْنِهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ أَمْرَهُ لا يَذْهَبُ لَنَا مِنْ صَدْرِهِ وَلا مِنْ صُدُورِ قَوْمِهِ حَتَّى يُصِيبُونَا بِجَائِحَةٍ وَإِنَّا لأَدْنَى الْعَرَبِ مِنْهُمْ جِوَارًا ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ نَبِيًّا مُرْسَلا فَلاعَنَّاهُ فَلا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مِنَّا شَعْرٌ وَلا ظُفُرٌ إِلا هَلَكَ ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبَاهُ : فَمَا الرَّأْيُ يَا أَبَا مَرْيَمَ ، فَقَدْ وَضَعَتْكَ الأُمُورُ عَلَى ذِرَاعٍ ؟ فَهَاتِ رَأْيَكَ ، فَقَالَ : رَأْيِي أَنْ أُحَكِّمَهُ فَإِنِّي أَرَى رَجُلا لا يَحْكُمُ شَطَطًا أَبَدًا ، فَقَالا لَهُ : أَنْتَ وَذَاكَ , فَتَلَقَّى شُرَحْبِيلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ خَيْرًا مِنْ مُلاعَنَتِكَ ، فَقَالَ : " وَمَا هُوَ ؟ " ، قَالَ شُرَحْبِيلُ : حُكْمُكَ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَيْلَتُكَ إِلَى الصَّبَاحِ فَمَهْمَا حَكَمْتَ فِينَا فَهُوَ جَائِزٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَعَلَّ وَرَاءَكَ أَحَدٌ يُثَرِّبُ عَلَيْكَ ! " ، فَقَالَ شُرَحْبِيلُ : سَلْ صَاحِبَيَّ فَسَأَلَهُمَا ، فَقَالا لَهُ : مَا تَرِدُ الْوَادِي وَلا تَصْدُرُ إِلا عَنْ رَأْيِ شُرَحْبِيلَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَافِرٌ , أَوْ قَالَ جَاحِدٌ مُوَفَّقٌ " , فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلاعِنُهُمْ ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ أَتَوْهُ فَكَتَبَ لَهُمْ هَذَا الْكِتَابَ : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , هَذَا مَا كَتَبَ مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَجْرَانَ إِذْ كَانَ عَلَيْهِمْ حُكْمُهُ فِي كُلِّ ثَمَرَةٍ وَكُلِّ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ وَسَوْدَاءَ وَرَقِيقٍ ، وَأَفْضَلَ عَلَيْهِمْ ، وَتَرَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى أَلْفَيْ حُلَّةٍ مِنْ حُلَلِ الأَوَاقِي فِي كُلِّ رَجَبٍ أَلْفُ حُلَّةٍ ، وَفِي كُلِّ صَفَرٍ أَلْفُ حُلَّةٍ ، وَمَعَ كُلِّ حُلَّةٍ أُوقِيَّةٌ مِنَ الْفِضَّةِ فَمَا زَادَتْ عَلَى الْخَرَاجِ أَوْ نَقَصَتْ عَنِ الأَوَاقِي فَبِالْحِسَابِ ، وَمَا قَضَوْا مِنْ دُرُوعٍ أَوْ خَيْلٍ أَوْ رِكَابٍ أَوْ عُرُوضٍ أُخِذَ مِنْهُمْ بِالْحِسَابِ ، وَعَلَى نَجْرَانَ مُؤْنَةُ رُسُلِي , وَمُتْعَتُهُمْ مَا بَيْنَ عِشْرِينَ يَوْمًا فَدُونَهُ ، وَلا تُحْبَسُ رُسُلِي فَوْقَ شَهْرٍ ، وَعَلَيْهِمْ عَارِيَةٌ ثَلاثِينَ دِرْعًا وَثَلاثِينَ فَرَسًا وَثَلاثِينَ بَعِيرًا إِذَا كَانَ كَيَدٌ وَمَعَرَّةٌ ، وَمَا هَلَكَ مِمَّا أَعَارُوا رُسُلِي مِنْ دُرُوعٍ أَوْ خَيْلٍ أَوْ رِكَابٍ فَهُوَ ضَمَانٌ عَلَى رُسُلِي حَتَّى يؤَدُّوهُ إِلَيْهِمْ ، وَلِنَجْرَانَ وَحَاشِيَتِهَا جِوَارُ اللَّهِ وَذِمَّةُ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَمِلَّتِهِمْ وَأَرْضِيهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَغَائِبِهِمْ وَشَاهِدِهِمْ وَعَشِيرَتِهِمْ وَبِيَعِهِمْ وَأَنْ لا يُغَيِّرُوا مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ وَلا يُغَيِّرُوا حَقًّا مِنْ حُقُوقِهِمْ وَلا مِلَّتِهِمْ ، وَلا يُغَيِّرُوا أُسْقَفًّا عَنْ أُسْقُفِّيَتِهِ وَلا رَاهِبًا مِنْ رَهْبَانِيَّتِهِ ، وَلا وَاقِهًا مِنْ وُقَيْهَاهُ ، وَكُلَّ مَا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ دِنْيَةٌ وَلا دَمُ جَاهِلِيَّةٍ وَلا يُحْشَرُونَ وَلا يُعْشَرُونَ وَلا يَطَأُ أَرْضَهُمْ جَيْشٌ ، وَمَنْ سَأَلَ فِيهِمْ حَقًّا فَبَيْنَهُمُ النِّصْفُ غَيْرَ ظَالِمِينَ وَلا مَظْلُومِينَ بِنَجْرَانَ ، وَمَنْ أَكَلَ رِبًا مِنْ ذِي قَبَلٍ فَذِمَّتِي مِنْهُ بَرِيئَةٌ ، وَلا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ رَجُلٌ بِظُلْمِ آخَرَ ، وَعَلَى مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ جِوَارُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَذِمَّةُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَدًا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ، مَا نَصَحُوا وَأَصْلَحُوا فِيمَا عَلَيْهِمْ غَيْرَ مُثْقَلِينَ بِظُلْمٍ " , شَهِدَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ ، وَغَيْلانُ بْنُ عَمْرٍو ، وَمَالِكُ بْنُ عَوْفٍ مِنْ بَنِي نَصْرٍ ، وَالأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيُّ ، وَالْمُغِيرَةُ وَكَتَبَ , حَتَّى إِذَا قَبَضُوا كِتَابَهُمُ انْصَرَفُوا إِلَى نَجْرَانَ فَتَلَقَّاهُمُ الأُسْقُفُّ وَوُجُوهُ نَجْرَانَ عَلَى مَسِيرَةِ لَيْلَةٍ مِنْ نَجْرَانَ وَمَعَ الأُسْقُفِّ أَخٌ لَهُ مِنْ أُمِّهِ وَهُوَ ابْنُ عَمِّهِ مِنَ النَّسَبِ يُقَالُ لَهُ بِشْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَلْقَمَةَ ، فَدَفَعَ الْوَفْدُ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الأُسْقُفِّ فَبَيْنَا هُوَ يَقْرَؤُهُ وَأَبُو عَلْقَمَةَ مَعَهُ وَهُمَا يَسِيرَانِ إِذْ كَبَّتْ بِبِشْرٍ نَاقَتُهُ فَتَعَّسَ بِشْرٌ غَيْرَ أَنَّهُ لا يُكَنِّي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ الأُسْقُفُّ عِنْدَ ذَلِكَ : قَدْ وَاللَّهِ تَعَّسْتَ نَبِيًّا مُرْسَلا ، فَقَالَ : بِشْرٌ : لا جَرَمَ وَاللَّهِ لا أَحُلُّ عَنْهَا عُقَدًا حَتَّى آتِيَهُ ، فَضَرَبَ وَجْهَ نَاقَتِهِ نَحْوَ الْمَدِينَةِ وَثَنَى الأُسْقُفُّ نَاقَتَهُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ : افْهَمْ عَنِّي إِنِّي إِنَّمَا قُلْتُ هَذَا لِيَبْلُغَ عَنِّي الْعَرَبَ مَخَافَةَ أَنْ يَرَوْا أَنَّا أَخَذْنَا حَقَّهُ , أَوْ رَضِينَا نُصْرَتَهُ ، أَوْ بَخَعْنَا لِهَذَا الرَّجُلِ بِمَا لَمْ تَبْخَعْ بِهِ الْعَرَبُ ، وَنَحْنُ أَعَزُّهُمْ وَأَجْمَعُهُمْ دَارًا ، فَقَالَ لَهُ بِشْرٌ : لا وَاللَّهِ لا أَقْبَلُ مَا خَرَجَ مِنْ رَأْسِكِ أَبَدًا ، فَضَرَبَ بِشْرٌ نَاقَتَهُ وَهُوَ مُوَلٍّ لِلأُسْقُفِّ ظَهْرَهُ وَهُوَ يَقُول : إِلَيْكَ تَعْدُو قَلِقًا وَضِيَنُهَا مُعْتَرِضًا فِي بَطْنِهَا جَنِينُهَا مُخَالِفًا دِينَ النَّصَارَى دِينُهَا حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَسْلَمَ , وَلَمْ يَزَلْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اسْتُشْهِدَ أَبُو عَلْقَمَةَ بَعْدَ ذَلِكَ , وَدَخَلَ وَفْدُ نَجْرَانَ فَأَتَى الرَّاهِبَ لَيْثُ بْنُ أَبِي شَمِرٍ الزُّبَيْدِيُّ وَهُوَ فِي رَأْسِ صَوْمَعَةٍ , فَقَالَ لَهُ : إِنَّ نَبِيًّا بُعِثَ بِتِهَامَةَ ، وَإِنَّهُ كَتَبَ إِلَى الأُسْقُفِّ فَأَجْمَعَ رَأْيُ أَهْلِ الْوَادِي عَلَى أَنْ يَسِيرَ إِلَيْهِ شُرَحْبِيلُ بْنُ وَدَاعَةَ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُرَحْبِيلَ ، وَجَبَّارُ بْنُ فَيْضٍ فَتَأْتُونَهُمْ بِخَبَرِهِ ، فَسَارُوا حَتَّى أَتَوَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَاهُمْ إِلَى الْمُلاعَنَةِ ، فَكَرِهُوَا مُلاعَنَتَهُ وَحَكَّمَهُ شُرَحْبِيلُ ، فَحَكَمَ عَلَيْهِمْ حُكْمًا وَكَتَبَ لَهُمْ بِهِ كِتَابًا ، ثُمَّ أَقْبَلَ الْوَفْدُ بِالْكِتَابِ حَتَّى دَفَعُوا بِهِ إِلَى الأُسْقُفِّ ، فَبَيْنَا الأُسْقُفُّ يَقْرَؤُهُ وَبِشْرٌ مَعَهُ إِذْ كَبَّتْ بِشْرًا نَاقَتُهُ فَتَعَّسَهُ ، فَشَهِدَ الأُسْقُفُّ أَنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، فَانْصَرَفَ أَبُو عَلْقَمَةَ نَحْوَهُ يُرِيدُ الإِسْلامَ ، فَقَالَ الرَّاهِبُ : أَنْزِلُونِي وَإِلا رَمَيْتُ نَفْسِي مِنْ هَذِهِ الصَّوْمَعَةِ فَأَنْزَلُوهُ ، فَانْطَلَقَ الرَّاهِبُ بِهَدِيَّةٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا هَذَا الْبُرْدُ الَّذِي يَلْبَسُهُ الْخُلَفَاءُ ، وَالْقَعْبُ وَالْعَصَا ، وَأَقَامَ الرَّاهِبُ بَعْدَ ذَلِكَ سِنِينَ يَسْمَعُ كَيْفَ يَنْزِلُ الْوَحْيُ وَالسُّنَنُ وَالْفَرَائِضُ وَالْحُدُودُ ، وَأَبَى اللَّهُ لِلرَّاهِبِ الإِسْلامَ فَلَمْ يُسْلِمْ ، وَاسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّجْعَةِ إِلَى قَوْمِهِ ، فَأَذِنَ لَهُ ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَكَ حَاجَتُكَ يَا رَاهِبُ إِذْ أَبِيتَ الإِسْلامَ " ، فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ : إِنَّ لِي حَاجَةً وَمَعَاذَ اللَّهِ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ حَاجَتَكُ وَاجِبَةٌ يَا رَاهِبُ ، فَاطْلُبْهَا إِذَا كَانَ أَحَبَّ إِلَيْكَ " ، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَلَمْ يَعُدْ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِنَّ الأُسْقُفَّ أَبَا الْحَارِثِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ السَّيِّدُ وَالْعَاقِبُ وَوُجُوهُ قَوْمِهِ وَأَقَامُوا عِنْدَهُ يَسْمَعُونَ مَا يُنْزِلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ ، فَكَتَبَ لِلأُسْقُفِّ هَذَا الْكِتَابَ وَلأَسَاقِفَةِ نَجْرَانَ , " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلأُسْقُفِّ أَبِي الْحَارِثِ وَكُلِّ أَسَاقِفَةِ نَجْرَانَ وَكَهَنَتِهِمْ وَرُهْبَانِهِمْ وَبِيَعِهِمْ وَأَهْلِ بِيَعِهِمْ وَرَقِيقِهِمْ وَمِلَّتِهِمْ وَمُتَوَاطِئِهِمْ ، وَعَلَى كُلِّ مَا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ جِوَارُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لا يُغَيَّرُ أُسْقُفٌّ مِنْ أُسْقُفَّتِهِ ، وَلا رَاهِبٌ مِنْ رَهْبَانِيَّتِهِ ، وَلا كَاهِنٌ مِنْ كَهَانَتِهِ وَلا يُغَيَّرُ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِهِمْ ، وَلا سُلْطَانِهِمْ وَلا مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ ، عَلَى ذَلِكَ جِوَارُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَبَدًا مَا نَصَحُوا اللَّهَ وَأَصْلَحُوا عَلَيْهِمْ غَيْرَ مُثْقَلِينَ بِظُلْمٍ وَلا ظَالِمِينَ " , وَكَتَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ , فَلَمَّا قَبَضَ الأُسْقُفُّ الْكِتَابَ اسْتَأْذَنَ فِي الانْصِرَافِ إِلَى قَوْمِهِ وَمَنْ مَعَهُ ، فَأَذِنَ لَهُمْ ، فَانْصَرَفُوا حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

الرواه :

الأسم الرتبة
جَدِّهِ

أَبِيهِ

سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ يَشُوعَ

مجهول الحال

يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ

صدوق حسن الحديث

أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ

ضعيف الحديث

أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ

ثقة حافظ

وَأَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ

ثقة

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ

ثقة حافظ

Whoops, looks like something went wrong.