تفسير

رقم الحديث : 276

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلالٍ ، ثنا يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ الْمَكِّيُّ ، ثنا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ لَهُمْ فِي بَيْعَةِ النِّسَاءِ : " تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا ، وَلا تَسْرِقُوا ، وَلا تَزْنُوا ، يَعْنِي الآيَةَ كُلَّهَا ، فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ " ، أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ ، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : قَوْلُهُ فِي بَيْعَةِ النِّسَاءِ أَرَادَ كَمَا فِي بَيْعَةِ النِّسَاءِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ سورة الممتحنة آية 12 ، وَقَوْلُهُ : مَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، أَرَادَ بِهِ مَا خَلا الشِّرْكَ كَمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ : فَعُوقِبَ بِهِ ، مَا خَلا الشِّرْكَ ، فَجَعَلَ الْحَدَّ كَفَّارَةً ، لِمَا أَصَابَ مِنَ الذَّنْبِ بَعْدَ الشِّرْكِ ، وَجَعَلَ مَا لَمْ يُحَدَّ فِيهِ مَوْكُولا إِلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ ، ثُمَّ التَّعْذِيبِ لا يَكُونُ مُؤَبَّدًا لِدَلِيلِ أَخْبَارِ الشَّفَاعَةِ ، وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِنْ قِيلَ : الْمَعْنَى أَنَّهُ يَغْفِرُ الصَّغَائِرَ لِمُجْتَنِبِ الْكَبَائِرِ ، وَلا يَغْفِرُهَا لِمَنْ لا يَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ كَمَا قَالَ : فِي آيَةٍ أُخْرَى : إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا سورة النساء آية 31 ، قِيلَ : الْمُرَادُ بِالْكَبَائِرِ الَّتِي شَرَطَ فِي الْمَغْفِرَةِ اجْتِنَابَهَا هِيَ الشِّرْكُ فَهِيَ فِي هَذِهِ الآيَةِ مُطْلَقَةٌ ، وَتَكْفِيرُ السَّيِّئَاتِ بِهَا مُطْلَقَةٌ ، وَهُمَا فِي الآيَةِ الَّتِي احْتَجَجْنَا بِهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ مُقَيَّدَتَانِ فَوَجَبَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ، وَحَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ ، فَإِنْ قِيلَ قَدْ تَوَعَّدَ أَصْحَابَ الْكَبَائِرِ بِالنَّارِ وَالْخُلُودِ فِيهَا ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُمْ إِلا التَّائِبِينَ فَقَالَ : وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ سورة الفرقان آية 68 إِلَى أَنْ قَالَ : إِلا مَنْ تَابَ سورة الفرقان آية 70 ، قِيلَ : هَذَا الْوَعِيدُ يَنْصَرِفُ إِلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ، فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ افْتَتَحَ هَذِهِ الآيَةَ بِذِكْرِ الشِّرْكِ ، فَقَالَ : وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ سورة الفرقان آية 68 ، فَانْصَرَفَ قَوْلُهُ : وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ سورة الفرقان آية 68 ، إِلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ، وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ هَذِهِ الْكَبَائِرِ هَذَا الْوَعِيدُ ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّهُ قَالَ : يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ سورة الفرقان آية 69 ، وَإِنَّمَا أَرَادَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنَّ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الشِّرْكِ ، وَغَيْرِهِ مِنَ الْكَبَائِرِ ، جَمَعَ عَلَيْهِ مَعَ عَذَابِ الشِّرْكِ عَذَابَ الْكَبَائِرِ ، فَيَصِيرُ الْعَذَابُ مُضَاعَفًا عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا سورة الفرقان آية 70 ، فَذَكَرَ فِي التَّوْبَةِ الإِيمَانَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ ، وَذَلِكَ لِيُحْبِطَ الإِيمَانُ كُفْرَهُ ، وَيُحْبِطُ إِصْلاحَهُ فِي الإِيمَانِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إِفْسَادِهِ فِي الْكُفْرِ ، كَمَا رُوِّينَا فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنْ قِيلَ : وَقَدْ قَالَ : وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا سورة النساء آية 93 ، قِيلَ : قَدْ ذَهَبَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيمَنْ قَتَلَ ، وَارْتَدَّ عَنِ الإِسْلامِ ، وَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّ الآيَةَ مَقْصُورَةٌ عَلَى سَبَبِهَا .

الرواه :

الأسم الرتبة
عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ

صحابي

أَبِي إِدْرِيسَ

ثقة

الزُّهْرِيِّ

الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه

سُفْيَانُ

ثقة حافظ حجة

يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ الْمَكِّيُّ

مجهول الحال

أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلالٍ

ثقة مأمون

أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ

ثقة إمام

Whoops, looks like something went wrong.