باب القول في ايمان المقلد والمرتاب


تفسير

رقم الحديث : 79

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أَنْبَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ ، أنبا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ ، ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الأَهْوَاءِ ، فَقَالَ : عَلَيْكَ بِدِينِ الأَعْرَابِيِّ ، وَالْغُلامِ فِي الْكِتَابِ وَالْهُ عَمَّنْ سِوَاهُ " ، قَالَ الإِمَامُ الْبَيْهَقِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَهُ غَيْرُهُ مِنَ السَّلَفِ ، فِي النَّهْيِ عَنِ الْخَوْضِ فِي مَسَائِلِ الْكَلامِ ، فَإِنَّمَا هُوَ لأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّهُ لا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لَتَبْيِينِ صِحَّةِ الدِّينِ فِي أَصْلِهِ ، إِذَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا بُعِثَ مُؤَيَّدًا بِالْحُجَجِ ، فَكَانَتْ مُشَاهَدَتُهَا لِلَّذِينَ شَاهَدُوهَا ، وَبَلاغُهَا الْمُسْتَفِيضُ ، وَمَنْ بَلَغَهُ كَافِيًا فِي إِثْبَاتِ التَّوْحِيدِ ، وَالنُّبُوَّةِ مَعًا عَنْ غَيْرِهَا ، وَلَمْ يَأْمَنُوا أَنْ يُوَسِّعَ النَّاسُ فِي عِلْمِ الْكَلامِ ، وَأَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ لا يَكْمُلُ عَقْلُهُ ، وَيَضْعُفُ رَأْيُهُ فَيَرْتَبُكَ فِي بَعْضِ ضَلالَةِ الضَّالِّينَ ، وَشُبَهِ الْمُلْحِدِينَ ، ولا يَسْتَطِيعُ مِنْهَا مَخْرَجًا كَالرَّجُلِ الضَّعِيفِ غَيْرِ الْمَاهِرِ بِالسِّبَاحَةِ إِذَا وَقَعَ فِي مَاءٍ غَامِرٍ قَوِيٍّ ، لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَغْرَقَ فِيهِ ، وَلا يَقْدِرُ عَلَى التَّخَلُّصِ مِنْهُ ، وَلَمْ يَنْهُوا عَنْ عِلْمِ الْكَلامِ لأَنَّ عَيْنَهُ مَذْمُومٌ ، أَوْ غَيْرُ مُفِيدٍ ، وَكَيْفَ يَكُونُ الْعِلْمُ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَعِلْمِ صِفَاتِهِ ، وَمَعْرِفَةِ رُسُلِهِ ، وَالْفَرْقِ بَيْنَ النَّبِيِّ الصَّادِقِ ، وَبَيْنَ الْمُتَنَبِّئِ الْكَاذِبِ عَلَيْهِ مَذْمُومًا أَوْ مَرْغُوبًا عَنْهُ ؟ ، وَلَكِنَّهُمْ لإِشْفَاقِهِمْ عَلَى الضُّعَفَاءِ لِئَلا يَبْلُغُوا مَا يُرِيدُونَ مِنْهُ فَيَضِلُّوا ، نَهُوا عَنِ الاشْتِغَالِ بِهِ ، ثُمَّ بَسَطَ الْحَلِيمِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، الْكَلامَ فِي التَّحْرِيضِ عَلَى تَعَلُّمِهِ إِعْدَادًا لأَعْدَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَقَالَ غَيْرُهُ فِي نَهْيِهِمْ عَنْ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ لأَنَّ السَّلَفَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَالْجَمَاعَةِ كَانُوا يَكْتَفُونَ بِمُعْجِزَاتِ الرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّا ، وَإِنَّمَا يَشْتَغِلُ فِي زَمَانِهِمْ بِعِلْمِ الْكَلامِ أَهْلُ الأَهْوَاءِ ، فَكَانُوا يَنْهُونَ عَنِ الاشْتِغَالِ بِكَلامِ أَهْلِ الأَهْوَاءِ ، ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ الأَهْوَاءِ كَانُوا يَدَّعُونَ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ مَذَاهِبَهُمْ فِي الأُصُولِ تُخَالِفُ الْمَعْقُولَ ، فَقَيَّضَ اللَّهُ تَعَالَى جَمَاعَةً مِنْهُمْ لِلاشْتِغَالِ بِالنَّظَرِ ، وَالاسْتِدْلالِ حَتَّى تَبَحَّرُوا فِيهِ ، وَبَيَّنُوا بِالدَّلائِلِ النَّيِّرَةِ ، وَالْحُجَجِ الْبَاهِرَةِ أَنَّ مَذَاهِبَ أَهْلِ السُّنَّةِ تُوَافِقُ الْمَعْقُولَ ، كَمَا هِيَ مُوَافَقَةٌ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، إِلا أَنَّ الإِيجَابَ يَكُونُ بِالْكِتَابِ ، وَالسُّنَّةِ فِيمَا يَجُوزُ فِي الْعَقْلِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ وَاجِبٍ ، دُونَ الْعَقْلِ ، وَقَدْ كَانَ مِنَ السَّلَفِ مَنْ يَشْرَعُ فِي عِلْمِ الْكَلامِ ، وَيَرُدُّ بِهِ عَلَى أَهْلِ الأَهْوَاءِ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.