وَرُوِّينَا عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الإِيمَانِ ، قَالَ : فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الإِيمَانُ ؟ قَالَ : " الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ ، وَمَلائِكَتِهِ ، وَكُتُبِهِ ، وَرُسُلِهِ ، وَبِالْبَعْثِ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ ، وَبِالْقَدَرِ كُلِّهِ " ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأُشْنَانِيُّ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ مَطَرٍ ، فَذَكَرَهُ ، وَهُوَ مُخَرَّجٌ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ ، وَالإِيمَانُ بِالْبَعْثِ هُوَ أَنْ يُؤْمِنَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعِيدُ الرُّفَاتَ مِنْ أَبْدَانِ الأَمْوَاتِ ، وَيَجْمَعُ مَا تَفَرَّقَ مِنْهَا فِي الْبِحَارِ ، وَبُطُونِ السِّبَاعِ وَغَيْرِهَا حَتَّى تَصِيرَ بِهَيْئَتِهَا الأُولَى ، ثُمَّ يَجْمَعُهَا حَيَّةً ، فَيَقُومُ النَّاسُ كُلُّهُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَحْيَاءً ، صَغِيرُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ حَتَّى السِّقْطُ الَّذِي قَدْ تَمَّ خَلْقُهُ ، وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ ، فَأَمَّا الَّذِي لَمْ يَتِمَّ خَلْقُهُ أَوْ لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ أَصْلا ، فَهُوَ وَسَائِرُ الأَمْوَاتِ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ، وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي صِفَةِ الْقِيَامَةِ : إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ { 1 } يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا سورة الحج آية 1-2 ، فَإِنَّمَا أَرَادَ الْحَوَامِلَ اللاتِي لَمْ يَضَعْنَ أَحْمَالَهُنَّ ، فَإِذَا بُعِثْنَ أَسْقَطْنَ تِلْكَ الأَحْمَالَ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، ثُمَّ إِنْ كَانَتِ الأَحْمَالُ أَحْيَاءً فِي الدُّنْيَا أَسْقَطْنَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحْيَاءً ، وَلا يَتَكَرَّرُ عَلَيْهَا الْمَوْتُ ، وَإِنْ كَانَتِ الأَحْمَالُ لَمْ يُنْفَخْ فِيهَا الرُّوحُ فِي الدُّنْيَا ، أَسْقَطْنَهَا أَمْوَاتًا ، كَمَا كَانَتْ لأَنَّ الإِحْيَاءَ إِنَّمَا هُوَ إِعَادَةُ الْحَيَاةِ إِلَى مِنْ كَانَ حَيًّا فَأُمِيتَ ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا نَصِيبٌ فَلا نَصِيبَ لَهُ فِي الْحَيَاةِ الآخِرَةِ . وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ إِثْبَاتَ الْبَعْثِ مِنْهَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ سورة يس آية 81 ، وَقَالَ : أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ سورة الأحقاف آية 33 ، فَأَحَالَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى عَلَى قُدْرَتِهِ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ جِسْمًا مِنَ النَّاسِ ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ { 78 } قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ { 79 } سورة يس آية 78-79 ، فَجَعَلَ النَّشْأَةَ الأُولَى دَلِيلا عَلَى جَوَازِ النَّشْأَةِ الآخِرَةِ لأَنَّهَا فِي مَعْنَاهَا ، ثُمَّ قَالَ : الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ سورة يس آية 80 ، فَجَعَلَ ظُهُورَ النَّارِ عَلَى حَرِّهَا وَيُبْسِهَا مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ عَلَى نَدَاوَتِهِ وَرُطُوبَتِهِ دَلِيلا عَلَى جَوَازِ خَلْقِهِ الْحَيَاةَ مِنَ الرِّمَّةِ الْبَالِيَةِ ، وَالْعِظَامِ النَّخِرَةِ ، وَقَدْ نَبَّهَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى بِالأَرْضِ ، تَكُونُ حَيَّةً تُنْبِتُ وَتُنَمَّى ، وَتُثْمِرُ ، ثُمَّ تَمُوتُ فَتَصِيرُ إِلَى أَنْ لا تُنْبِتَ ، وَتَبْقَى خَاشِعَةً هَامِدَةً ، ثُمَّ تُحْيَى فَتَصِيرُ إِلَى أَنْ تُنْبِتَ وَتُنَمَّى ، وَهُوَ الْفَاعِلَ لِحَيَاتِهَا وَمَوْتِهَا ، ثُمَّ حَيَاتِهَا ، فَإِذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُعْجِزْهُ أَنْ يُمِيتَ الإِنْسَانَ ، وَيَسْلُبَهُ مَعَانِيَ الْحَيَاةِ ، ثُمَّ يُعِيدَهَا إِلَيْهِ ، وَيَجْعَلَهُ كَمَا كَانَ . وَنَبَّهَنَا عَلَى إِحْيَاءِ النُّطْفَةِ الَّتِي هِيَ مَيِّتَةٌ ، وَخَلَقَ الْحَيَوَانَ مِنْهَا عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ سورة البقرة آية 28 ، يَعْنِي نُطَفًا فِي الأَصْلابِ وَالأَرْحَامِ ، فَخَلَقَكُمْ مِنْهَا بَشَرًا تَنْتَشِرُونَ ، وَقَالَ تَعَالَى : أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ { 20 } فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ { 21 } إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ { 22 } فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ { 23 } سورة المرسلات آية 20-23 ، فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ إِذَا أَخْرَجَ النُّطْفَةَ مِنْ صُلْبِ الأَبِ فَهِيَ مَيِّتَةٌ ، ثُمَّ إِنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَعَلَهَا حَيَّةُ فِي رَحِمِ الأُمِّ ، يَخْلُقُ مَنْ يَخْلُقُ مِنْهَا ، وَيُرَكِّبُ الْحَيَاةَ فِيهِ فَهَذِهِ إِحْيَاءُ مَيِّتَةٍ فِي الْمُشَاهَدَةِ ، فَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى هَذَا لا يَعْجِزُ عَنْ أَنْ يُمِيتَ هَذَا الْخَلْقَ ، ثُمَّ يُعِيدَهُ حَيًّا ، ثُمَّ بَسَطَ هَذَا الْمَعْنَى فِي آيَةٍ أُخْرَى ، فَقَالَ : أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى { 37 } ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى { 38 } فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى { 39 } أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى { 40 } سورة القيامة آية 37-40 ، وَنَبَّهَنَا عَلَى ذَلِكَ بِخَلْقِ الْحَبِّ وَالنَّوَى ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ : إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ سورة الأنعام آية 95 ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحَبَّ إِذَا جَفَّ وَيَبِسَ بَعْدَ انْتِهَاءِ تَمَامِهِ ، وَقَعَ الْيَأْسُ مِنِ ازْدِيَادِهِ ، فَكَذَلِكَ النَّوَى إِذَا تَنَاهَى عِظَمُهُ ، وَجَفَّ وَيَبِسَ كَانَا مَيِّتَيْنِ ، ثُمَّ إِنَّهُمَا إِذَا أُودِعَا الأَرْضَ الْحَيَّةَ فَلَقَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى ، وَأَخْرَجَ مِنْهُمَا مَا يُشَاهَدُ مِنَ النَّخْلِ ، وَالزَّرْعِ حَيًّا يَنْشَأُ وَيَنْمُو إِلَى أَنْ يَبْلُغَ غَايَتَهُ ، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى الْبَيْضَةُ تُفَارِقُ الْبَائِضَ ، وَيَجْرِي عَلَيْهَا حُكْمُ الْمَوْتِ ، ثُمَّ يَخْلُقُ اللَّهُ مِنْهَا حَيًّا فَهَلْ هَذَا إِلا إِحْيَاءُ الْمَيِّتَةِ ، وَهُوَ أَمْرٌ مُشَاهَدٌ وَالْعِلْمُ بِهِ ضَرُورَةٌ ، وَقَدْ نَبَّهَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى بِمَا أَخْبَرَ مِنَ إرَاءَةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ إِحْيَاءَ الأَمْوَاتِ ، وَقَدْ نَقَلَتْهُ عَامَّةُ أَهْلِ الْمِلَلِ ، وَبِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنِ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ ، وَهُمْ ألوفٌ حَذّرَ الْمَوْتِ ، فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ : مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ، وَبِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنِ الَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ ، وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ، قَالَ : أَنِّي يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ، فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ، ثُمَّ بَعَثَهُ ، وَبِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ عَصًا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ وَقَلْبِهِ إِيَّاهُ حَيَّةً ، ثُمَّ إعَادَتِهَا خَشَبَةً ، ثُمَّ جَعَلَهَا عِنْدَ مُحَاجَّةِ السَّحَرَةِ حَيَّةً ، ثُمَّ إعَادَتِهَا خَشَبَةً ، وَقَدْ أُشْرِكَتْ عَامَّةُ أَهْلِ الْمِلَلِ فِي نَقْلِهِ . وَبِمَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ شَأْنِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ الَّذِينَ ضَرَبَ عَلَى آذَانِهِمْ زِيَادَةً عَلَى ثَلاثِمِائَةِ سَنَةٍ ، ثُمَّ أَحْيَاهُمْ لِيُدِلَّ قَوْمَهُمْ عِنْدَمَا أُعْثِرَ عَلَيْهِمْ عَلَى أَنَّ مَا أُنْذِرُوا بِهِ مِنَ الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ حَقٌّ لا رَيْبَ فِيهِ ، وَقَدْ نَقَلْنَا الآثَارَ فِي شَرْحِ ذَلِكَ فِي الأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
مَطَرٍ | مطر بن طهمان الوراق / توفي في :129 | وحديثه عن عطاء ضعيف, صدوق كثير الخطأ |
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ | حماد بن زيد الأزدي | ثقة ثبت فقيه إمام كبير مشهور |
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ | سليمان بن حرب الواشحي | ثقة إمام حافظ |
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ | عمر بن الخطاب العدوي / توفي في :23 | صحابي |
ابْنِ عُمَرَ | عبد الله بن عمر العدوي / توفي في :73 | صحابي |
عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ | عثمان بن سعيد الدارمي / ولد في :199 / توفي في :280 | ثقة حافظ إمام |
يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ | يحيى بن يعمر القيسي / توفي في :89 | ثقة |
أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ | أحمد بن محمد الطرائفي | صدوق حسن الحديث |
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ | عبد الله بن بريدة الأسلمي / ولد في :15 / توفي في :115 | ثقة |
أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأُشْنَانِيُّ | أحمد بن حمدون الأشناني | ثقة |