أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ ، أنا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ ، نا عُمَرُ بْنُ سِنَانٍ ، نا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ ، أنا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ ، قَالَ : " قِيلَ لِحُذَيْفَةَ أَلا تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ ؟ قَالَ : إِنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ لَحَسَنٌ ، وَلَكِنْ لَيْسَ مِنَ السُّنَةِ أَنْ تَرْفَعَ السِّلاحَ عَلَى إِمَامِكَ " . قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَالإِمَامُ الْعَادِلُ طَاعَتُهُ وَاجِبَةٌ ، وَمُخَالَفَتُهُ حَرَامٌ ، وَالثَّبَاتُ عَلَى عَهْدِهِ وَعَقْدِهِ فَرْضٌ ، وَأَمَّا الْجَائِرُ فَمَنْ قَالَ : إِنَّ الْفِسْقَ لا يُنَاقِضُ الإِمَامَةَ احْتَجَّ بِظَوَاهِرِ هَذِهِ الأَخْبَارِ ، وَقَالَ : إِنَّهَا نَطَقَتْ بِإِيجَابِ الطَّاعَةِ لِلْعَادِلِ وَالْجَائِرِ ، وَبَسَطَ الْكَلامَ فِيهِ ، وَمَنْ قَالَ : إِنَّ الْفِسْقَ يُنَاقِضُ الإِمَامَةَ ، قَالَ : إِنَّ ذِكْرَ الإِمَامِ الْجَائِرِ مُنْفَرِدًا عَنِ الإِمَامِ الْعَادِلِ لَيْسَ إِلا أَنَّ الْجَائِرَ إِمَامٌ فِي صُورَةِ أَمْرِهِ ، وَظَاهِرِ حَالِهِ دُونَ إِثْبَاتِ أَنْ يَكُونَ إِمَامًا بِالإِطْلاقِ كَالْعَادِلِ ، وَعَرَفْنَا أَنَّ مُفَارَقَتَهُ وَنَبْذَ طَاعَتِهِ إِذَا كَانَتْ لا تَكُونُ إِلا بِنَقْضِ الْجَمَاعَةِ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُفَارَقَتَهُ إِذَا أَمْكَنَتْ بِغَيْرِ نَقْضِ الْجَمَاعَةِ وَجَبَتْ مُفَارَقَتُهُ ، وَمَعْنَى مُفَارَقَةِ الْجَمَاعَةِ أَنَّ الْجُمْهُورَ إِذَا كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ فِسْقَهُ لا يُنَاقِضُ إِمَامَتَهُ ، وَكَانَ نَفَرٌ يَسِيرٌ يَرَوْنَ أَنَّهُ يُنَاقِضُهَا فَهَؤُلاءِ النَّفَرُ الْيَسِيرُ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَبُوحُوا بِمَا فِي نُفُوسِهِمْ ، لأَنَّ الْجُمْهُورَ يُخَالِفُونَهُمْ وَيَرُدُّونَهُمْ عَنْ رَأْيِهِمْ ، فَإِمَّا أَنْ تَقَعَ الْفُرْقَةُ ، وَإِمَّا أَنْ تُصِيبَهُمْ مِنَ الإِمَامِ مَعَرَّةٌ اسْتِظْهَارًا مِنْهُ بِالْجُمْهُورِ ، فَيَكُونُوا قَدْ تَعَرَّضُوا مِنَ الْبَلاءِ لِمَا لا يُطِيقُونَهُ ، وَذَلِكَ مِمَّا قَدْ نُهُوا عَنْهُ ، وَهَكَذَا إِنْ كَانَ أَهْلُ الرَّأْيِ يَرَوْنَ أَنَّ الْفِسْقَ يُنَاقِضُ الإِمَامَةَ إِلا أَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْهُمْ أَنْ يُخَالِفُوهُ لأَنَّ الْجُنْدَ قَدْ أَلِفُوهُ ، فَإِنْ أَظْهَرُوا لَهُمْ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الرَّأْيِ اضْطَرَبُوا وَمَاجُوا وَثَارَتِ الْفِتْنَةُ ، فَسَبِيلُهُمْ أَنْ يَسْكُتُوا أَوْ يَلْزَمُوا الْجَمَاعَةَ . ثُمَّ بَسَطَ الْكَلامَ فِي إِتْيَانِ الصَّلَوَاتِ وَإِقَامَتِهَا خَلْفَهُ إِنْ أَقَامَهَا وَدَفْعِ الصَّدَقَاتِ إِلَيْهِ إِنْ طَلَبَهَا وَالتَّرَافُعِ إِلَى مَنْ نَصَبَهُ قَاضِيًا ، وَالْخُرُوجِ مَعَهُ فِي جِهَادِ الْكُفَّارِ ، وَإِنْ كَانَ فِي دَفْعِ وَاحِدٍ مِثْلِهِ قَصَدَ بِالْقِتَالِ تَوْهِينَ الْمَدْفُوعِ ، وَإِنْ كَانَ فِي دَفْعِ مَنْ قَصَدَهُ بِالْحَقِّ لِيُزِيلَهُ عَنْ مَكَانِهِ أَعَانَ أَهْلَ الْحَقِّ إِلا أَنْ يَرَى فِيهِمْ ضَعْفًا فَيَحْتَالُ فِي الْقُعُودِ وإِنْ عُذِرَ فِيهِ ، وَإِنْ لَمْ يُعْذَرْ فِيهِ خَرَجَ مَعَهُ وَيَبْقَى الرَّمْيُ وَالضَّرْبُ وَالطَّعْنُ مَا أَطَاقَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
لِحُذَيْفَةَ | حذيفة بن اليمان العبسي | صحابي |