التاسع والثلاثون من شعب الايمان وهو باب في المطاعم والمشارب وما يجب التورع عنه منها


تفسير

رقم الحديث : 5215

وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، ثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، فِيمَا يَقْرَأُ عَلَى مَالِكٍ . وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ سُهَيْلٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَافَهُ ضَيْفٌ وَهُوَ كَافِرٌ ، فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ حُلِبَتْ فَشَرِبَ ، ثُمَّ أُخْرَى فَشَرِبَ ، حَتَّى شَرِبَ حِلابَ سَبْعِ شِيَاهٍ ، ثُمَّ أَصْبَحَ فَأَسْلَمَ ، فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ فَشَرِبَ حِلابَهَا ، ثُمَّ أَمَرَ بِأُخْرَى فَلَمْ يَسْتَتِمَّهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْمُؤْمِنُ يَشْرَبُ فِي معي وَاحِدٍ ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ " ، وَفِي رِوَايَةِ الْقَعْنَبِيِّ : بِشَاةٍ فَحُلِبَتْ فَشَرِبَ حِلابَهَا ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِأُخْرَى فَلَمْ يَسْتَتِمَّهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الْمُسْلِمَ يَشْرَبُ فِي مَعْيٍ وَاحِدٍ ، وَالْكَافِرُ يَشْرَبُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ " . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عِيسَى . قَالَ الشَّيْخُ : وَقَدْ أَشَارَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ إِلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمُفَسَّرَةِ ، فَلَمْ أَرَ الْحَلِيمِيَّ رَضِيَهُ ، فَكَأَنَّ الْحَلِيمِيَّ لَمْ يَحْفَظْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ ، ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ كَلامِهِ ، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا قَالَهُ حِينَ وُصِفَ لَهُ رَجُلٌ بِعَيْنِهِ فَمَعْنَاهُ إِذًا : أَنَّ الَّذِي يَلِيقُ بِالْكَافِرِ أَنْ يَكْثُرَ أَكْلُهُ ، وَبِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَذَرَ أَكْلَهُ ، لأَنَّ الْكَافِرَ لا يَقْصِدُ إِلا تَسْكِينَ الْمَجَاعَةِ وَقَضَاءَ الشَّهْوَةِ ، وَالْمُؤْمِنُ يَدَعُ الْبَعْضَ لأَنَّهُ حَرَامٌ ، وَيَدَعُ الْبَعْضَ إِيثَارًا بِهِ عَلَى نَفْسِهِ ، وَيَدَعُ التَّخَلِّيَ لِئَلا يُثَقِّلَ فَتَنْقَطِعَ الْعِبَادَةُ ، وَيَدَعُ بَعْضَ الْبَعْضِ لِفَرْطِ مَا فِيهِ مِنَ النِّعْمَةِ ضيفة أَلا يَسْتَطِيعَ الْقِيَامَ بِشُكْرِهِ ، وَيَدَعُ الْبَعْضَ رِيَاضَةً لِنَفْسِهِ وَقَمْعًا لِشَهْوَتِهِ حَتَّى لا يُسْتَقْصَى عَلَيْهِ ، وَيَدَعُ الْبَعْضَ لِئَلا يَعْتَادَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فِي وَقْتٍ اشْتَدَّ ذَلِكَ أَوْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ بِهِ إِلا مِلْءُ بَطْنِهِ ، لأَنَّ هَذِهِ الْوُجُوهَ كُلَّهَا إِنَّمَا تَبْعَثُ عَنِ النَّظَرِ مِنْ قِبَلِهَا الإِيمَانَ وَالتَّقْوَى ، فَهُوَ لا يَتْرُكُ لأَجْلِهِمَا شَيْئًا ، وَإِنَّمَا أَمَامَهُ شَهْوَتُهُ دُونَ مَا عَدَاهَا ، وَالْمِعَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمَعِدَةُ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَأْكُلُ الْكَافِرُ أَكْلَ مَنْ لَهُ سَبْعَةُ أَمْعَاءٍ ، وَالْمُؤْمِنُ لِخِفَّةِ أَكْلِهِ يَأْكُلُ أَكْلَ مَنْ لَيْسَ لَهُ إِلا مَعْيٌ وَاحِدٌ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ الْغَرِيبَيْنِ ، قَالَ : قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : نَرَى ذَلِكَ بِتَسْمِيَةِ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ طَعَامِهِ فَيَكُونُ فِيهِ الْبَرَكَةُ ، وَالْكَافِرُ لا يَفْعَلُ ذَلِكَ ، وَقِيلَ إِنَّهُ خَاصٌّ لِرَجُلٍ ، قَالَ غَيْرُهُ : وَفِيهِ وَجْهٌ أَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ ، وَهُوَ أَنَّهُ مَثَلٌ ضَرَبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُؤْمِنِ وَزُهْدِهِ فِي الدُّنْيَا ، وَالْكَافِرِ وَحِرْصِهِ عَلَيْهَا ، وَلِهَذَا قِيلَ الرَّغَبُ شُؤْمٌ ، لأَنَّهُ يَحْمِلُ صَاحِبَهُ عَلَى اقْتِحَامِ النَّارِ ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ كَثْرَةَ الأَكْلِ دُونَ اتِّسَاعِ الرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا ، وَذَكَرَ أَبُو سُلَيْمَانَ هَذِهِ الْوُجُوهَ ، اللَّفْظُ مُخْتَلِفٌ ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ ، ثُمَّ قَالَ : وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ النَّاسَ فِي الأَكْلِ عَلَى طَبَقَاتٍ : فَطَائِفَةٌ يَأْكُلُونَ كُلَّمَا وَجَدُوا مَطْعُومًا عَنْ حَاجَةٍ إِلَيْهِ وَعَنْ غَيْرِ حَاجَةٍ ، وَهَذَا فِعْلُ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالْغَفْلَةِ الَّذِينَ شَاكَلَتْ طِبَاعُهُمْ طِبَاعَ الْبَهَائِمِ ، وَطَائِفَةٌ يَأْكُلُونَ إِذَا جَاعُوا ، فَإِذَا ارْتَفَعَ الْجُوعُ أَمْسَكُوا ، وَهَذِهِ عَادَةُ الْمُقْتَصِدِينَ مِنَ النَّاسِ وَالْمُتَمَاسِكِينَ مِنْهُمْ فِي الشَّمَائِلِ والأَخْلاقِ ، وَطَائِفَةٌ يَتَجَوَّعُونَ وَيَرْتَاضُونَ الْجُوعَ قَمْعًا لِشَهَوَاتِ النُّفُوسِ ، فَلا يَأْكُلُونَ إِلا عِنْدَ الضَّرُورَةِ ، وَلا يَزِيدُونَ مِنْهُ عَلَى مَا يَكْسِرُ غَرْبَ الْجُوعِ ، وَهَذَا مِنْ عَادَةِ الأَبْرَارِ ، وَشَمَائِلِ الصَّالِحِينَ الأَخْيَارِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي هُرَيْرَةَ

صحابي

أَبِيهِ

ثقة ثبت

سُهَيْلٍ

ثقة

مَالِكٍ

رأس المتقنين وكبير المتثبتين

إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ

صدوق حسن الحديث

الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ

ثقة

أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ

صدوق حسن الحديث

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ

ثقة حافظ

مَالِكٍ

رأس المتقنين وكبير المتثبتين

الْقَعْنَبِيُّ

ثقة

عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ

ثقة حافظ إمام

أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ

صدوق حسن الحديث

أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى

ثقة متقن

Whoops, looks like something went wrong.