أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، نا هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ ، نا ابْنُ رَجَاءٍ ، نا هَمَّامٌ ، عَنْ إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي الْمُنْذِرِ الْبَزَّارِ ، عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ ، أَنَّ سَارِقًا سَرَقَ مَتَاعًا ، فَوَجَدُوا مَعَهُ الْمَتَاعَ ، فَاعْتَرَفَ بِهِ ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : " لا إِخَالُكَ سَرَقْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْطَعَ ، فَلَمَّا قُطِعَ ، قَالَ : تُبْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى . فَقَالَ : أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ " . قُلْتُ : هَذَا السَّارِقُ بِاعْتِرَافِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الْمَتَاعِ عَلَى صَاحِبِهِ ، وَلَوْ رَجَعَ عَنِ الإِقْرَارِ سَقَطَ عَنْهُ الْقَطْعُ لِمَا وَرَدَ مِنَ التَّخْفِيفِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَلَمَّا لَمْ يَرْجِعْ قُطِعَ ، وَأَمَرَهُ بِالتَّوْبَةِ مِنْ ذَنْبٍ ، وَدَعَا لَهُ . وَقَدْ وَرَدَتْ أَخْبَارٌ فِي أَنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَاتٌ ، وَكَأَنَّهَا إِنَّمَا تَكُونُ كَفَّارَاتٍ إِذَا تَابَ صَاحِبُهَا بِهَذَا الْخَبَرِ وَغَيْرِهِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ . قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَإِنَّ الذَّنْبَ مِنْ مَظَالِمِ الْعِبَادِ ، فَلا تَصِحُّ التَّوْبَةُ مِنْهُ إِلا بِأَدَاءِ الْوَاجِبِ عَيْنَا كَانَ أَوْ دَيْنًا مَا دَامَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْدُورًا عَلَيْهِ ، فَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ إِذَا قَدَرَ فِي أَعْجَلِ وَقْتِهِ وَأَسْرَعِهِ ، وَتَصِحُّ التَّوْبَةُ مِنْ كَبِيرَةٍ يَتُوبُ عَنْهَا دُونَ أُخْرَى مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا لَمْ يَتُبْ عَنْهَا ، كَمَا لا تَصِحُّ إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهِ لأَجْلِهَا ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ حَدٌّ آخَرُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ ، وَإِذَا تَابَ الْعَبْدُ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى اللَّهِ جَلَّ جَلالُهُ أَنْ يَقْبَلَ تَوْبَتَهُ ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ، وَلَمْ يُخْبِرْ أَنْ يُخْلِفَ وَعْدَهُ عَلِمْنَا أَنَّهُ لا يَرُدُّ التَّوْبَةَ الصَّحِيحَةَ عَلَى صَاحِبِهَا فَضْلا مِنْهُ ، وَلا يَجِبُ لِعِبَادِهِ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِحَالٍ ، فَلَيْسَ هُوَ تَحْتَ أَمْرِ آمِرٍ وَلا نَهْيِ نَاهٍ فَيَلْزَمَهُ شَيْءٌ ، وَقَوْلُهُ : كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ سورة الأنعام آية 54 ، وَقَوْلُهُ : كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا سورة مريم آية 71 ، فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمَّا قَضَى ذَلِكَ وَأَخْبَرَ بِهِ ، فَهُوَ يَفْعَلُهُ وَلا يُخْلِفُ وَعْدَهُ ، وَقَوْلُهُ : إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ سورة النساء آية 17 ، فَمَعْنَاهُ : إِنَّمَا التَّوْبَةُ الَّتِي وَعَدَ اللَّهُ قَبُولَهَا وَهُوَ لا يُخْلِفُ وَعْدَهُ بِالْقَبُولِ مِنْهُ وَاقِعٌ لا مَحَالَةَ ، كَمَا يَقَعُ الْفِعْلُ الْوَاجِبُ مِمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ ، وَقَوْلُهُ : ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ سورة النساء آية 17 ، فَمَا قَبْلَ التَّوْبَةِ قَرِيبٌ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقِيَامَةِ : عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا سورة الإسراء آية 51 فَإِذَا كَانَ أَجَلُ الْجَمِيعِ قَرِيبًا ، كَذَلِكَ أَجَلُ كُلِّ وَاحِدٍ قَرِيبٌ ، وَبَيَانُهُ فِيمَا .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي أُمَيَّةَ | أبو أمية المخزومي | صحابي |
أَبِي الْمُنْذِرِ الْبَزَّارِ | أبو المنذر الغفاري | مقبول |
إِسْحَاقَ | إسحاق بن عبد الله الأنصاري | ثقة حجة |
هَمَّامٌ | همام بن يحيى العوذي / توفي في :164 | ثقة |
ابْنُ رَجَاءٍ | عبد الله بن رجاء الغداني / توفي في :219 | ثقة |
هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ | هشام بن علي السدوسي / توفي في :284 | صدوق حسن الحديث |
أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ | أحمد بن عبيد الصفار | ثقة ثبت |
عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ | علي بن أحمد الشيرازي / توفي في :415 | ثقة |