تفسير

رقم الحديث : 310

أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُكْرَمٍ بِالْبَصْرَةِ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ تَسْنِيمٍ ، ثنا رَوْحٌ ، ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ خَالِدٍ يَعْنِي الْحَذَّاءَ ، عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ ، " عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسِبُهُ ابْنَ عُمَرَ إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ سورة البقرة آية 284 ، قَالَ : " نَسَخَتْهَا الآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا " ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ ، عَنْ رَوْحٍ ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهَذَا النَّسْخُ بِمَعْنَى التَّخْصِيصِ وَالتَّبْيِينِ ، فَإِنَّ الآيَةَ الأُولَى وَرَدَتْ مَوْرِدَ الْعُمُومِ فَوَرَدَتِ الآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا فَبَيَّنَتْ أَنَّمَا لا يَخْفَى مَا لا يُؤَاخَذُ بِهِ ، وَهُوَ حَدِيثُ النَّفْسِ الَّذِي لا يَسْتَطِيعُ الْعَبْدُ دَفْعَهُ عَنْ قَلْبِهِ ، وَهَذَا لا يَكُونُ مِنْهُ كَسْبٌ فِي حُدُوثِهِ وَبَقَائِهِ ، وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ كَانُوا يُطْلِقُونَ عَلَيْهِ اسْمَ النَّسْخِ عَلَى الاتِّسَاعِ ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْلا الآيَةُ الأُخْرَى لَكَانَتِ الآيَةُ الأُولَى تَدُلُّ عَلَى مُؤَاخَذَتِهِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا خَبَرًا مُضَمَّنًا بِحُكْمٍ ، وَكَأَنَّهُ حُكْمٌ بِمُؤَاخَذَةِ عِبَادِهِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَتَعَبُّدِهِمْ بِهِ وَلَهُ أَنْ يَتَعَبَّدَهُمْ بِمَا شَاءَ ، فَلَمَّا قَابَلُوهُ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ خَفَّفَ عَنْهُمْ ، وَوَضَعَ عَنْهُمْ حَدِيثَ النَّفْسِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ : يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ سورة البقرة آية 284 ، خَبَرًا مُضَمَّنًا لِحُكْمٍ ، أَيْ حَكَمَ بِمُحَاسَبَتِكُمْ بِهِ ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ سورة الأنفال آية 65 ، أَيْ حَكَمَ بِذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ : الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ سورة الأنفال آية 66 ، فَنَسَخَ الْحُكْمَ الأَوَّلَ وَأَثْبَتَ الثَّانِيَ كَذَلِكَ هَذَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَهَذَا الَّذِي كَتَبْتُهُ مُخْتَصَرٌ مِنْ جُمْلَةٍ ذَكَرَهَا الشَّيْخُ الإِمَامِ أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْبَابِ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الأَدِيبُ عَنْهُ ، وَذَكَرَ فِيمَا لا يُؤَاخَذُ بِهِ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ مَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ ، ثُمَّ قَالَ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى مَا رُوِيَ : " لَكَ النَّظْرَةُ الأُولَى ، وَلَيْسَتْ لَكَ الثَّانِيَةُ " ، إِذَا كَانَتِ الأُولَى لا عَنْ قَصْدِ تَعَمُّدٍ ، فَإِذا أَعَادَ النَّظَرَ فَهُوَ كَمَنْ حَقَّقَ الْخَطْرَةَ ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : إِذَا تَحَقَّقَ الْخَطْرَةُ فَهُوَ كَمَنْ حَقَّقَ النَّظَرَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ، وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : النَّسْخُ لا يَجْرِي فِيمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ وَأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى ، لأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الْكَذِبِ وَالْخُلْفِ ، وَيَجْرِي عِنْدَ بَعْضِهِمْ فِيمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ مَا أَخْبَرَ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَهُ بِشَرْطٍ ، وَإِخْبَارِهِ عَمَّا فَعَلَهُ لا يَجُوزُ دُخُولُ الشَّرْطِ فِيهِ ، وَهَذَا أَصَحُّ الْوُجُوهِ ، وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَ ابْنُ عُمَرَ الآيَةَ وَيَجْرِي ذَلِكَ مَجْرَى الْعَفْوِ وَالتَّخْفِيفِ عَنْ عِبَادِهِ ، وَهُوَ كَرَمٌ مِنْهُ وَفَضْلٌ وَلَيْسَ بِخُلْفٍ ، قَالَ : وَأَمَّا مَا تَعَلَّقَ مِنَ الإِخْبَارِ بِالأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَالنَّسْخُ فِيهِ جَائِزٌ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ خَبَرًا عَنْ مَاضٍ أَوْ عَنْ زَمَانٍ مُسْتَقْبَلٍ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.