أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْفَحَّامُ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقَيْلٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَعَهُ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ ، فَنَهَضَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَتَهَادَى عَلَى عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعِكْرِمَةَ ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ ، إِذَا هُوَ بِقَوْمٍ يَتَجَادَلُونَ قَدْ عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ ، فَوَقَفَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَيْهِمْ ، وَقَالَ لِعِكْرِمَةَ : ادْعُ لِي ابْنَ مُنَبِّهٍ ، فَدَعَاهُ ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ : حَدِّثْ هَؤُلاءِ حَدِيثَ الْفَتَى ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : " لَمَّا اشْتَدَّ الْجِدَالُ بَيْنَ أَيُّوبَ وَأَصْحَابِهِ ، قَالَ : فَتًى مَعَهُمْ لأَصْحَابِ أَيُّوبَ فِي الْجِدَالِ قَوْلا شَدِيدًا ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَيُّوبَ ، فَقَالَ : وَأَنْتَ يَا أَيُّوبُ قَدْ كَانَ فِي عَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلالِ اللَّهِ ، وَذِكْرِ الْمَوْتِ مَا يَكِلُّ لِسَانَكَ وَيَكْسِرُ قَلْبَكَ وَيَقْطَعُ حُجَّتَكَ ، أَلَمْ تَعْلَمْ يَا أَيُّوبُ أَنَّ عِبَادًا أَسْكَتَتْهُمْ خَشْيَةُ لِلَّهِ عَنِ الْكَلامِ مِنْ غَيْرِ عِيٍّ وَلا بَكَمٍ ، وَإِنَّهُمْ لَهُمُ الْفُصَحَاءُ الطُّلَقَاءُ الأَلِبَّاءُ الْعَالِمُونَ بِاللَّهِ وَبِآيَاتِهِ لَكِنَّهُمْ إِذَا ذَكَرُوا عَظَمَةَ اللَّهِ انْقَطَعَتْ أَلْسِنَتُهُمْ ، وَانْكَسَرَتْ قُلُوبُهُمْ ، وَطَاشَتْ أَحْلامُهُمْ وَعُقُولُهُمْ فَرَقًا مِنَ اللَّهِ وَهَيْبَةً لَهُ ، فَإِذَا اسْتَفَاقُوا مِنْ تِلْكَ اسْتَبَقُوا إِلَى اللَّهِ بِالأَعْمَالِ الزَّكِيَّةِ وَالنِّيَّةِ الصَّادِقَةِ ، يَعُدُّونَ أَنْفُسَهُمْ مَعَ الظَّالِمِينَ وَإِنَّهُمْ لأَبْرَارٌ بُرَآءُ ، وَمَعَ الْمُقَصِّرِينَ الْمُقْطَعِينَ ، وَإِنَّهُمْ لأَكْيَاسٌ أَتْقِيَاءُ ، وَلَكِنَّهُمْ لا يَسْتَكْثِرُونَ لِلَّهِ الْكَثِيرَ ، وَلا يَرْضَوْنَ لَهُ بِالْقَلِيلِ وَلا يُدِلُّونَ لَهُ بِالأَعْمَالِ ، فَهُمْ حَيْثُ مَا أَلْفَيْتَهُمْ مُهْتَمُّونَ مُشْققُونَ خَائِفُونَ وَجِلُونَ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |