أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بُنْدَارٍ الزِّنْجَانِيُّ بِبَغْدَادَ ، أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفَضْلُ الْهَاشِمِيُّ ، نا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ السَّامِرِيُّ ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأطروشِ ، قَالَ : كَانَ مَعْرُوفٌ الْكَرْخِيُّ عَلَى الدَّجْلَةِ وَنَحْنُ مَعَهُ إِذْ مَرَّ بِهَا أَقْوَامٌ أَحْدَاثٌ فِي زورقٍ يُغَنُّونَ وَيَضْرِبُونَ بِالدُّفِّ ، فَقُلْنَا لَهُ : يَا أَبَا مَحْفُوظٍ ، أَمَا تَرَى هَؤُلاءِ فِي هَذَا الْبَحْرِ يَعْصُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، ادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ ، قَالَ : فَرَفَعَ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، فَقَالَ : " إِلَهِي وَسَيِّدِي ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُفَرِّحَهُمْ فِي الآخِرَةِ ، كَمَا فَرَّحْتَهُمْ فِي الدُّنْيَا " . فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ : " إِنَّا سَأَلْنَاكَ أَنْ تَدْعُوَ عَلَيْهِمْ ، وَلَمْ نَسْأَلْكَ أَنْ تَدْعُوَ لَهُمْ ، قَالَ : إِذَا فَرَّحَهُمْ فِي الآخِرَةِ تَابَ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا ، وَلَمْ يَضُرَّكُمْ شَيْءٌ " . قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَمِنْ هَذَا الْبَابِ ، قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ { 11 } يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ سورة الحجرات آية 11-12 إِلَى قَوْلِهِ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ سورة الحجرات آية 12 فَاشْتَمَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلَى تَحْرِيمِ الاسْتِهْزَاءِ وَالسُّخْرِيَةِ ، وَتَحْرِيمِ اللَّمْزِ وَهُوَ الْغِيبَةُ وَالْوَقِيعَةُ ، وَمَعْنَى وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ سورة الحجرات آية 11 : أَيْ لا يَلْمِزْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَتَحْرِيمُ التَّنَابُزِ بِالأَلْقَابِ : هُوَ أَنْ يَدَعَ الْوَاحِدُ أَنْ يَدْعُوَ صَاحِبَهُ بِاسْمِهِ الَّذِي سَمَّاهُ أَبُوهُ ، وَيَضَعَ لَهُ لَقَبًا يُرِيدُ أَنْ يَشِينَهُ بِهِ أَوْ يَسْتِذِلَّهُ فَيَدْعُوَهُ بِهِ ، ثُمَّ قَالَ : بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ سورة الحجرات آية 11 ، فَأَبَانَ أَنَّ فِعْلَ هَذِهِ الْمَحْظُورَاتِ فُسُوقٌ بَعْدَ الإِيمَانِ ، وَالإِيمَانُ يُوجِبُ مُوَاصَلَةَ أَقْدَارِهِ الاعْتِرَاضَ عَلَى الْمَوْجُودِ مِنْهُ بِمَا لا يَلِيقُ بِهِ ، ثُمَّ قَالَ : وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ سورة الحجرات آية 11 : أَيْ هُمُ الظَّالِمُونَ أَنْفُسُهُمْ بِسَوْقِهَا إِلَى النَّارِ وَالْعَذَابِ الأَلِيمِ ، ثُمَّ قَالَ : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ سورة الحجرات آية 12 ، فَأَرَادَ أَنَّ ظَنَّ الْقَبِيحِ بِالْمُسْلِمِ كَهَمْزِهِ وَلَمْزِهِ وَالسُّخْرِيَةُ وَالْهُزْءُ بِهِ ، نَهَى عَنْهُ ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ إِثْمٌ وَنَهَى عَنْهُ وَعَنِ التَّجَسُّسِ ، وَهُوَ تَتَبُّعُ أَحْوَالِهِ فِي خَلَوَاتِهِ وَجَوْفِ دَارِهِ وَالتَّعَرُّفِ لَهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ إِذَا بَلَغَهُ سَاءَهُ وَشَقَّ عَلَيْهِ ، فَكَانَ التَّعَرُّضُ لَهُ مِنْ بَابِ الأَذَى الَّذِي لا مُوجِبَ لَهُ ، وَلا مُرَخِّصَ فِيهِ . وَبَسَطَ الْكَلامَ فِيهِ ، قَالَ : ثُمَّ نَهَى عَنِ الْغِيبَةِ ، فَقَالَ : وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا سورة الحجرات آية 12 : أَيْ لا يَذْكُرُهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ بِمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا فَسَمِعَهُ يَشُقَّ عَلَيْهِ ، وَشَبَّهَ الاغْتِيَابَ بِأَكْلِ لَحْمِ الْمَيِّتِ ، لأَنَّ الْمَيِّتَ لا يَشْعُرُ بِأَنْ يُؤْكَلَ لَحْمُهُ كَمَا لا يَشْعُرُ الْغَائِبُ بِأَنْ يُسْلَبَ عِرْضُهُ ، وَلا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يُصَاحِبَ مُسْلِمًا ، وَلا أَنْ يُغَلِّظَ لَهُ قَوْلا ، وَلا أَنْ يَتَعَرَّضَ لِمُسَاءَتِهِ ، وَلا أَنْ يَبْهَتَهُ ، وَرُوِيَ فِيهِ أَحَادِيثُ وَنَحْنُ نَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى مَا حَضَرَنَا مِنْ ذَلِكَ وَزِيَادَةٌ لائِقَةٌ بِهِ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ | الحاكم النيسابوري / ولد في :321 / توفي في :405 | ثقة حافظ |