تفسير

رقم الحديث : 6924

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ ، نا النُّعْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نُعَيْمٍ الْوَاسِطِيُّ قَاضِي تُسْتَرَ ، نا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الأَزْدِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ السِّمْسَارِ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ النَّحْوِيُّ ، نا الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ ، قَالَ : حَجَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونُ الرَّشِيدُ ، قَالَ : فَبَيْنَمَا أَنَا لَيْلَةٌ نَائِمٌ بِمَكَّةَ إِذْ سَمِعْتُ قَرْعَ الْبَابِ ، فَقُلْتُ : مَنْ هَذَا ؟ فَقَالَ : أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَخَرَجْتُ مُسْرِعًا ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، هَلا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَكَ ؟ فَقَالَ : حَلَّ فِي نَفْسِي شَيْءٌ فَانْظُرْ لِي رَجُلا أَسْأَلُهُ عَنْهُ ، فَقُلْتُ : هَاهُنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، قَالَ : فَامْضِ بِنَا إِلَيْهِ ، فَأَتَيْنَاهُ فَقَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقَالَ : أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَخَرَجَ مُسْرِعًا ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، لَوْ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ أَتَيْتُكَ ، فَقَالَ لَهُ : خُذْ لِمَا جِئْنَاكَ لَهُ رَحِمَكَ اللَّهُ ، فَحَادَثَهُ سَاعَةً ، فَقَالَ لَهُ : أَعَلَيْكَ دَيْنٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : يَا عَبَّاسُ ، اقْضِ دَيْنَهُ ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ ، فَقَالَ : يَا عَبَّاسُ مَا أَغْنَى عَنِّي صَاحِبُكَ شَيْئًا ، فَانْظُرْ لِي رَجُلا أَسْأَلُهُ ، فَقُلْتُ : هاهُنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ ، فَقَالَ : امْضِ بِنَا إِلَيْهِ ، فَأَتَيْنَاهُ فَقَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ ، فَقُلْتُ : أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَخَرَجَ مُسْرِعًا ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، لَوْ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ أَتَيْتُكَ ، فَقَالَ : خُذْ لِمَا جِئْنَاكَ لَهُ رَحِمَكَ اللَّهُ ، فَحَادَثَهُ سَاعَةً ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : أَعَلَيْكَ دَيْنٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : يَا عَبَّاسُ اقْضِ دَيْنَهُ ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ ، فَقَالَ : مَا أَغْنَى عَنِّي صَاحِبُكَ شَيْئًا ، فَانْظُرْ لِي رَجُلا أَسْأَلُهُ ، فَقُلْتُ : هاهُنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ ، فَقَالَ : امْضِ بِنَا إِلَيْهِ ، فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَتْلُو آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَيُرَدِّدُهَا ، وَكَانَ هَارُونُ رَجُلا رَقِيقًا فَبَكَى بُكَاءً شَدِيدًا ، ثُمَّ قَالَ لِي : اقْرَعِ الْبَابَ فَقَرَعْتُهُ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ : مَا لِي وَلأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقُلْتُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، أَوَ مَا عَلَيْكَ طَاعَةٌ ؟ أَوَ لَيْسَ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : " لا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ ؟ ! ، قَالَ : فَنَزَلَ فَفَتَحَ الْبَابَ ثُمَّ ارْتَقَى إِلَى الْغُرْفَةِ وَأَطْفَأَ السِّرَاجَ ، وَالْتَجَأَ إِلَى زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا الْغُرْفَةِ فَجَلَسَ فِيهَا ، فَجَعَلْنَا نَجُولُ عَلَيْهِ بِأَيْدِينَا ، فَسَبَقَتْ كَفُّ هَارُونَ كَفِّي إِلَيْهِ ، فَقَالَ : أَوَّهْ مِنْ كَفٍّ مَا أَلْيَنَهَا إِنْ نَجَتْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ ، قَالَ : فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : لَتُكَلِّمَنَّهُ اللَّيْلَةَ بِكَلامٍ نَقِيٍّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ ، قَالَ فَقَالَ لَهُ : خُذْ لِمَا جِئْنَاكَ لَهُ رَحِمَكَ اللَّهُ ، فَقَالَ لَهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، بَلَغَنِي أَنَّ عَامِلا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ شَكَا إِلَيْهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ : يَا أَخِي ، اذْكُرْ طُولَ سَهَرِ أَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ مَعَ خُلُودِ الأَبَدِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَطْرُقُ بِكَ إِلَى الرَّبِّ نَائِمًا وَيَقْظَانًا وَإِيَّاكَ أَنْ يُنْصَرَفَ بِكَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَيَكُونَ آخِرَ الْعَهْدِ بِكَ ، وَمُنْقَطَعَ الرَّجَاءِ ، فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ طُوَى الْبِلادَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُمَرَ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : مَا أَقْدَمَكَ ؟ قَالَ : خَلَعْتَ قَلْبِي بِكِتَابِكَ ، لا وَلِيتُ وِلايَةً حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ ، قَالَ : فَبَكَى هَارُونُ بُكَاءً شَدِيدًا ، ثُمَّ قَالَ : زِدْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا وَلِي الْخِلافَةَ دَعَا سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، وَمُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ ، وَرَجَاءَ بْنَ حَيْوَةَ ، فَقَالَ لَهُمْ : إِنِّي بُلِيتُ الْبَلاءَ فَأَشِيرُوا عَلَيَّ ، فَعَدَّ الْخِلافَةَ بَلاءً وَعَدَدْتَهَا أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ نِعْمَةً ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ : إِنْ أَرَدْتَ النَّجَاةَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فَلْيَكُنْ كَبِيرُ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَكَ أَبًا ، وَأَوْسَطَهُمْ عِنْدَكَ أَخًا ، وَأَصْغَرُهُمْ عِنْدَكَ وَلَدًا ، فَوَقِّرْ أَبَاكَ ، وَأَكْرِمْ أَخَاكَ ، وَتَحَنَّنْ عَلَى وَلَدِكَ ، وَقَالَ لَهُ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : إِنْ أَرَدْتَ النَّجَاةَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فَصُمِ الدُّنْيَا وَلْيَكُنْ إِفْطَارُكَ مِنْهَا الْمَوْتَ ، وَقَالَ لَهُ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ : إِنْ أَرَدْتَ النَّجَاةَ غَدًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فَأَحِبَّ لِلْمُسْلِمِينَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ ، وَاكْرَهْ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ ، وَإِنِّي لأَقُولُ لَكَ هَذَا وَإِنِّي لأَخَافُ عَلَيْكَ أَشَدَّ الْخَوْفِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الأَقْدَامُ ، فَهَلْ مَعَكَ رَحِمَكَ اللَّهُ مَنْ يَأْمُرُكَ بِمِثْلِ هَذَا ؟ فَبَكَى هَارُونُ بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ ، فَقُلْتُ لَهُ : ارْفُقْ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ لَهُ : يَا ابْنَ أُمِّ الرَّبِيعِ ، تَقْتُلُهُ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ ، وَأَرْفُقُ بِهِ أَنَا ؟ ! ثُمَّ إِنَّهُ أَفَاقَ فَقَالَ لَهُ : زِدْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ ، فَقَالَ لَهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، يَا حَسَنَ الْوَجْهِ أَنْتَ الَّذِي يَسْأَلُهُ اللَّهُ عَنْ هَذَا الْخَلْقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَقِيَ هَذَا الْوَجْهَ مِنَ النَّارِ فَافْعَلْ ، فَقَالَ لَهُ هَارُونُ الرَّشِيدُ : عَلَيْكَ دَيْنٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، دَيْنٌ لِرَبِّي لَمْ يُحَاسِبْنِي عَلَيْهِ ، فَالْوَيْلُ لِي إِنْ نَاقَشَنِي ، وَالْوَيْلُ لِي إِنْ لَمْ أُلْهَمْ حُجَّتِي ، فَقَالَ : إِنَّمَا أَعْنِي دَيْنَ الْعِيَالِ ، فَقَالَ : إِنَّ رَبِّي لَمْ يَأْمُرْنِي بِهَذَا ، أَمَرَنِي أَنْ أُصَدِّقَ وَعْدَهُ ، وَأَنْ أُطِيعَ أَمْرَهُ ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ { 56 } مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ { 57 } إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ سورة الذاريات آية 56-58 فَقَالَ لَهُ : هَذِهِ أَلْفُ دِينَارٍ فَخُذْهَا وَأَنْفِقْهَا عَلَى نَفْسِكَ وَتَقَوَّ بِهَا عَلَى عِبَادَةِ رَبِّكَ ، فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، أَنَا أَدُلُّكَ عَلَى النَّجَاةِ وَأَنْتَ تُكَافِئُنِي بِمِثْلِ هَذَا ؟ سَلَّمَكَ اللَّهُ وَوَفَّقَكَ ، قَال : فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ عَلَى الْبَابِ إِذْ بِامْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ ، قَالَتْ لَهُ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، قَدْ تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الْحَالِ ، فَلَوْ قَبِلْتَ هَذَا الْمَالَ وَفَرَّحْتَنَا بِهِ ؟ فَقَالَ لَهَا : مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ مَثَلُ قَوْمٍ كَانَ لَهُمْ بَعِيرٌ يَسْتَقُونَ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا كَبِرَ نَحَرُوهُ وَأَكَلُوا لَحْمَهُ ، فَلَمَّا سَمِعَ هَذَا الْكَلامَ ، قَالَ : يَرْجِعُ فَعَسَى أَنْ يَقْبَلَ هَذَا الْمَالَ ، فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِ الْفُضَيْلُ خَرَجَ إِلَى تُرَابٍ فِي السَّطْحِ فَجَلَسَ عَلَيْهِ ، وَجَاءَ هَارُونُ إِلَى جَنْبِهِ فَجَعَلَ يُكَلِّمُهُ وَلا يُجِيبُهُ بِشَيْءٍ ، وَيُكَلِّمُهُ فَلا يُجِيبُهُ بِشَيْءٍ ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذَا بِجَارِيَةٍ سَوْدَاءَ قَدْ خَرَجَتْ عَلَيْنَا ، فَقَالَتْ : قَدْ آذَيْتُمُ الشَّيْخَ مِنَ اللَّيْلَةِ ، انْصَرِفُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ ، قَالَ : فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ ، فَقَالَ لَهُ : يَا عَبَّاسُ إِذَا دَلَلْتَنِي عَلَى رَجُلٍ فَدُلَّنِي عَلَى مِثْلِ هَذَا ، فَهَذَا سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ ، قَالَ : وَقَالَ الْفُضَيْلُ : تَقْرَأُ فِي وِتْرِكَ نَخْلَعُ وَنتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ ثُمَّ تَغْدُو إِلَى الْفَاجِرِ فَتُعَامِلَهُ ! قَالَ : وَقَالَ الْفُضَيْلُ : لا تَنْظُرْ إِلَيْهِمْ مِنْ طَرِيقِ الْغِلْظَةِ عَلَيْهِمْ ، وَلَكِنِ انْظُرْ مِنْ طَرِيقِ الرَّحْمَةِ يَعْنِي السُّلْطَانَ " .

الرواه :

الأسم الرتبة
هَارُونُ الرَّشِيدُ

مقبول

الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ

مجهول الحال

مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ النَّحْوِيُّ

مجهول الحال

النُّعْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نُعَيْمٍ الْوَاسِطِيُّ

ثقة

أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ

ثقة

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ

ثقة حافظ

Whoops, looks like something went wrong.