أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ناقِلُهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْمَذْكُورُ ، يَقُولُ : حَكَى جَدِّي فِي كُتُبِهِ ، عَنْ شُيُوخِهِ ، أَنَّ أَبَا الْعَتَاهِيَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنَ الْقَاسِمِ جَاءَ إِلَى دُكَّانِ سَقِيفَةِ الْوَرَّاقِ ، فَجَلَسَ وَتَحَدَّثَ ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى دَفْتَرٍ فَكَتَبَ فِي ظَهْرِهِ : فَيَا عَجَبًا كَيْفَ يُعْصَى الإِلَه أَمْ كَيْفَ يَجْحَدُهُ الْجَاحِدُ وَلِلَّهِ فِي كُلِّ تَحْرِيكَةٍ وَتَسْكِينَةٍ أَبَدًا شَاهِدُ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدُ ثُمَّ أَلْقَاهُ وَنَهَضَ ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ ، أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ جَاءَ أَبُو نُواسٍ فَجَلَسَ وَتَحَدَّثَ ، وَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى ذَلِكَ الدَّفْتَرِ ، فَقَالَ : أَحْسَنَ قَاتَلَهُ اللَّهُ ! وَاللَّهِ لَوَدِدْتُهُ لِي بِجَمِيعِ مَا قُلْتُهُ . لِمَنْ هِيَ ؟ قُلْنَا : لأَبِي الْعَتَاهِيَةِ ، فَقَالَ : هُوَ أَحَقُّ بِهِ ، ثُمَّ أَخَذَ أَبُو نُوَاسٍ الدَّفْتَرَ ، فَكَتَبَ : سُبْحَانَ مَنْ خَلَقَ الْخَلْقَ مِنْ ضَعِيفٍ مَهِينِ يَسُوقُهُ مِنْ قَرَار إِلَى قَرَارٍ مَكِينِ يَحُوزُ شَيْئًا فَشَيْئًا فِي الْحُجُبِ دُونَ الْعُيُونِ حَتَّى بَدَتْ حَرَكَاتٌ مَخْلُوقَةٌ مِنْ سُكُونِ فَلمَّا عَادَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ نَظَرَ فِيهِ ، فَقَالَ : أَحْسَنَ ، قَاتَلَهُ اللَّهُ ! وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّهَا لِي بِجَمِيعِ مَا قُلْتُ وَمَا أَقُولُ ، لِمَنْ هِيَ ؟ فَقُلْنَا : لأَبِي نُوَاسٍ ، فَقَالَ : الشَّيْطَانُ ، ثُمَّ كَتَبَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ : فَإِنْ أَكُ حَالِكًا فَالْمِسْكُ أَحْوَى وَمَا لِسَوَادِ جِلْدِي مِنْ بَقَاءِ وَلَكِنِّي عَنِ الْفَحْشَاءِ ناءٍ كَبُعْدِ الأَرْضِ عَنْ جَوِّ السَّمَاءِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |