السابع من شعب الايمان وهو باب في الايمان بالبعث والنشور بعد الموت


تفسير

رقم الحديث : 240

وَرُوِّينَا عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الإِيمَانِ ، قَالَ : فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الإِيمَانُ ؟ قَالَ : " الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ ، وَمَلائِكَتِهِ ، وَكُتُبِهِ ، وَرُسُلِهِ ، وَبِالْبَعْثِ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ ، وَبِالْقَدَرِ كُلِّهِ " ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأُشْنَانِيُّ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ مَطَرٍ ، فَذَكَرَهُ ، وَهُوَ مُخَرَّجٌ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ ، وَالإِيمَانُ بِالْبَعْثِ هُوَ أَنْ يُؤْمِنَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعِيدُ الرُّفَاتَ مِنْ أَبْدَانِ الأَمْوَاتِ ، وَيَجْمَعُ مَا تَفَرَّقَ مِنْهَا فِي الْبِحَارِ ، وَبُطُونِ السِّبَاعِ وَغَيْرِهَا حَتَّى تَصِيرَ بِهَيْئَتِهَا الأُولَى ، ثُمَّ يَجْمَعُهَا حَيَّةً ، فَيَقُومُ النَّاسُ كُلُّهُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَحْيَاءً ، صَغِيرُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ حَتَّى السِّقْطُ الَّذِي قَدْ تَمَّ خَلْقُهُ ، وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ ، فَأَمَّا الَّذِي لَمْ يَتِمَّ خَلْقُهُ أَوْ لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ أَصْلا ، فَهُوَ وَسَائِرُ الأَمْوَاتِ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ، وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي صِفَةِ الْقِيَامَةِ : إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ { 1 } يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا سورة الحج آية 1-2 ، فَإِنَّمَا أَرَادَ الْحَوَامِلَ اللاتِي لَمْ يَضَعْنَ أَحْمَالَهُنَّ ، فَإِذَا بُعِثْنَ أَسْقَطْنَ تِلْكَ الأَحْمَالَ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، ثُمَّ إِنْ كَانَتِ الأَحْمَالُ أَحْيَاءً فِي الدُّنْيَا أَسْقَطْنَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحْيَاءً ، وَلا يَتَكَرَّرُ عَلَيْهَا الْمَوْتُ ، وَإِنْ كَانَتِ الأَحْمَالُ لَمْ يُنْفَخْ فِيهَا الرُّوحُ فِي الدُّنْيَا ، أَسْقَطْنَهَا أَمْوَاتًا ، كَمَا كَانَتْ لأَنَّ الإِحْيَاءَ إِنَّمَا هُوَ إِعَادَةُ الْحَيَاةِ إِلَى مِنْ كَانَ حَيًّا فَأُمِيتَ ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا نَصِيبٌ فَلا نَصِيبَ لَهُ فِي الْحَيَاةِ الآخِرَةِ . وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ إِثْبَاتَ الْبَعْثِ مِنْهَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ سورة يس آية 81 ، وَقَالَ : أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ سورة الأحقاف آية 33 ، فَأَحَالَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى عَلَى قُدْرَتِهِ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ جِسْمًا مِنَ النَّاسِ ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ { 78 } قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ { 79 } سورة يس آية 78-79 ، فَجَعَلَ النَّشْأَةَ الأُولَى دَلِيلا عَلَى جَوَازِ النَّشْأَةِ الآخِرَةِ لأَنَّهَا فِي مَعْنَاهَا ، ثُمَّ قَالَ : الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ سورة يس آية 80 ، فَجَعَلَ ظُهُورَ النَّارِ عَلَى حَرِّهَا وَيُبْسِهَا مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ عَلَى نَدَاوَتِهِ وَرُطُوبَتِهِ دَلِيلا عَلَى جَوَازِ خَلْقِهِ الْحَيَاةَ مِنَ الرِّمَّةِ الْبَالِيَةِ ، وَالْعِظَامِ النَّخِرَةِ ، وَقَدْ نَبَّهَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى بِالأَرْضِ ، تَكُونُ حَيَّةً تُنْبِتُ وَتُنَمَّى ، وَتُثْمِرُ ، ثُمَّ تَمُوتُ فَتَصِيرُ إِلَى أَنْ لا تُنْبِتَ ، وَتَبْقَى خَاشِعَةً هَامِدَةً ، ثُمَّ تُحْيَى فَتَصِيرُ إِلَى أَنْ تُنْبِتَ وَتُنَمَّى ، وَهُوَ الْفَاعِلَ لِحَيَاتِهَا وَمَوْتِهَا ، ثُمَّ حَيَاتِهَا ، فَإِذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُعْجِزْهُ أَنْ يُمِيتَ الإِنْسَانَ ، وَيَسْلُبَهُ مَعَانِيَ الْحَيَاةِ ، ثُمَّ يُعِيدَهَا إِلَيْهِ ، وَيَجْعَلَهُ كَمَا كَانَ . وَنَبَّهَنَا عَلَى إِحْيَاءِ النُّطْفَةِ الَّتِي هِيَ مَيِّتَةٌ ، وَخَلَقَ الْحَيَوَانَ مِنْهَا عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ سورة البقرة آية 28 ، يَعْنِي نُطَفًا فِي الأَصْلابِ وَالأَرْحَامِ ، فَخَلَقَكُمْ مِنْهَا بَشَرًا تَنْتَشِرُونَ ، وَقَالَ تَعَالَى : أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ { 20 } فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ { 21 } إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ { 22 } فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ { 23 } سورة المرسلات آية 20-23 ، فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ إِذَا أَخْرَجَ النُّطْفَةَ مِنْ صُلْبِ الأَبِ فَهِيَ مَيِّتَةٌ ، ثُمَّ إِنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَعَلَهَا حَيَّةُ فِي رَحِمِ الأُمِّ ، يَخْلُقُ مَنْ يَخْلُقُ مِنْهَا ، وَيُرَكِّبُ الْحَيَاةَ فِيهِ فَهَذِهِ إِحْيَاءُ مَيِّتَةٍ فِي الْمُشَاهَدَةِ ، فَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى هَذَا لا يَعْجِزُ عَنْ أَنْ يُمِيتَ هَذَا الْخَلْقَ ، ثُمَّ يُعِيدَهُ حَيًّا ، ثُمَّ بَسَطَ هَذَا الْمَعْنَى فِي آيَةٍ أُخْرَى ، فَقَالَ : أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى { 37 } ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى { 38 } فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى { 39 } أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى { 40 } سورة القيامة آية 37-40 ، وَنَبَّهَنَا عَلَى ذَلِكَ بِخَلْقِ الْحَبِّ وَالنَّوَى ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ : إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ سورة الأنعام آية 95 ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحَبَّ إِذَا جَفَّ وَيَبِسَ بَعْدَ انْتِهَاءِ تَمَامِهِ ، وَقَعَ الْيَأْسُ مِنِ ازْدِيَادِهِ ، فَكَذَلِكَ النَّوَى إِذَا تَنَاهَى عِظَمُهُ ، وَجَفَّ وَيَبِسَ كَانَا مَيِّتَيْنِ ، ثُمَّ إِنَّهُمَا إِذَا أُودِعَا الأَرْضَ الْحَيَّةَ فَلَقَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى ، وَأَخْرَجَ مِنْهُمَا مَا يُشَاهَدُ مِنَ النَّخْلِ ، وَالزَّرْعِ حَيًّا يَنْشَأُ وَيَنْمُو إِلَى أَنْ يَبْلُغَ غَايَتَهُ ، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى الْبَيْضَةُ تُفَارِقُ الْبَائِضَ ، وَيَجْرِي عَلَيْهَا حُكْمُ الْمَوْتِ ، ثُمَّ يَخْلُقُ اللَّهُ مِنْهَا حَيًّا فَهَلْ هَذَا إِلا إِحْيَاءُ الْمَيِّتَةِ ، وَهُوَ أَمْرٌ مُشَاهَدٌ وَالْعِلْمُ بِهِ ضَرُورَةٌ ، وَقَدْ نَبَّهَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى بِمَا أَخْبَرَ مِنَ إرَاءَةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ إِحْيَاءَ الأَمْوَاتِ ، وَقَدْ نَقَلَتْهُ عَامَّةُ أَهْلِ الْمِلَلِ ، وَبِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنِ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ ، وَهُمْ ألوفٌ حَذّرَ الْمَوْتِ ، فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ : مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ، وَبِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنِ الَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ ، وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ، قَالَ : أَنِّي يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ، فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ، ثُمَّ بَعَثَهُ ، وَبِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ عَصًا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ وَقَلْبِهِ إِيَّاهُ حَيَّةً ، ثُمَّ إعَادَتِهَا خَشَبَةً ، ثُمَّ جَعَلَهَا عِنْدَ مُحَاجَّةِ السَّحَرَةِ حَيَّةً ، ثُمَّ إعَادَتِهَا خَشَبَةً ، وَقَدْ أُشْرِكَتْ عَامَّةُ أَهْلِ الْمِلَلِ فِي نَقْلِهِ . وَبِمَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ شَأْنِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ الَّذِينَ ضَرَبَ عَلَى آذَانِهِمْ زِيَادَةً عَلَى ثَلاثِمِائَةِ سَنَةٍ ، ثُمَّ أَحْيَاهُمْ لِيُدِلَّ قَوْمَهُمْ عِنْدَمَا أُعْثِرَ عَلَيْهِمْ عَلَى أَنَّ مَا أُنْذِرُوا بِهِ مِنَ الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ حَقٌّ لا رَيْبَ فِيهِ ، وَقَدْ نَقَلْنَا الآثَارَ فِي شَرْحِ ذَلِكَ فِي الأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
مَطَرٍ

وحديثه عن عطاء ضعيف, صدوق كثير الخطأ

حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ

ثقة ثبت فقيه إمام كبير مشهور

سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ

ثقة إمام حافظ

عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

صحابي

ابْنِ عُمَرَ

صحابي

عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ

ثقة حافظ إمام

يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ

ثقة

أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ

صدوق حسن الحديث

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ

ثقة

أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأُشْنَانِيُّ

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.