وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، ثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، فِيمَا يَقْرَأُ عَلَى مَالِكٍ . وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ سُهَيْلٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَافَهُ ضَيْفٌ وَهُوَ كَافِرٌ ، فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ حُلِبَتْ فَشَرِبَ ، ثُمَّ أُخْرَى فَشَرِبَ ، حَتَّى شَرِبَ حِلابَ سَبْعِ شِيَاهٍ ، ثُمَّ أَصْبَحَ فَأَسْلَمَ ، فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ فَشَرِبَ حِلابَهَا ، ثُمَّ أَمَرَ بِأُخْرَى فَلَمْ يَسْتَتِمَّهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْمُؤْمِنُ يَشْرَبُ فِي معي وَاحِدٍ ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ " ، وَفِي رِوَايَةِ الْقَعْنَبِيِّ : بِشَاةٍ فَحُلِبَتْ فَشَرِبَ حِلابَهَا ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِأُخْرَى فَلَمْ يَسْتَتِمَّهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الْمُسْلِمَ يَشْرَبُ فِي مَعْيٍ وَاحِدٍ ، وَالْكَافِرُ يَشْرَبُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ " . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عِيسَى . قَالَ الشَّيْخُ : وَقَدْ أَشَارَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ إِلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمُفَسَّرَةِ ، فَلَمْ أَرَ الْحَلِيمِيَّ رَضِيَهُ ، فَكَأَنَّ الْحَلِيمِيَّ لَمْ يَحْفَظْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ ، ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ كَلامِهِ ، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا قَالَهُ حِينَ وُصِفَ لَهُ رَجُلٌ بِعَيْنِهِ فَمَعْنَاهُ إِذًا : أَنَّ الَّذِي يَلِيقُ بِالْكَافِرِ أَنْ يَكْثُرَ أَكْلُهُ ، وَبِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَذَرَ أَكْلَهُ ، لأَنَّ الْكَافِرَ لا يَقْصِدُ إِلا تَسْكِينَ الْمَجَاعَةِ وَقَضَاءَ الشَّهْوَةِ ، وَالْمُؤْمِنُ يَدَعُ الْبَعْضَ لأَنَّهُ حَرَامٌ ، وَيَدَعُ الْبَعْضَ إِيثَارًا بِهِ عَلَى نَفْسِهِ ، وَيَدَعُ التَّخَلِّيَ لِئَلا يُثَقِّلَ فَتَنْقَطِعَ الْعِبَادَةُ ، وَيَدَعُ بَعْضَ الْبَعْضِ لِفَرْطِ مَا فِيهِ مِنَ النِّعْمَةِ ضيفة أَلا يَسْتَطِيعَ الْقِيَامَ بِشُكْرِهِ ، وَيَدَعُ الْبَعْضَ رِيَاضَةً لِنَفْسِهِ وَقَمْعًا لِشَهْوَتِهِ حَتَّى لا يُسْتَقْصَى عَلَيْهِ ، وَيَدَعُ الْبَعْضَ لِئَلا يَعْتَادَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فِي وَقْتٍ اشْتَدَّ ذَلِكَ أَوْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ بِهِ إِلا مِلْءُ بَطْنِهِ ، لأَنَّ هَذِهِ الْوُجُوهَ كُلَّهَا إِنَّمَا تَبْعَثُ عَنِ النَّظَرِ مِنْ قِبَلِهَا الإِيمَانَ وَالتَّقْوَى ، فَهُوَ لا يَتْرُكُ لأَجْلِهِمَا شَيْئًا ، وَإِنَّمَا أَمَامَهُ شَهْوَتُهُ دُونَ مَا عَدَاهَا ، وَالْمِعَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمَعِدَةُ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَأْكُلُ الْكَافِرُ أَكْلَ مَنْ لَهُ سَبْعَةُ أَمْعَاءٍ ، وَالْمُؤْمِنُ لِخِفَّةِ أَكْلِهِ يَأْكُلُ أَكْلَ مَنْ لَيْسَ لَهُ إِلا مَعْيٌ وَاحِدٌ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ الْغَرِيبَيْنِ ، قَالَ : قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : نَرَى ذَلِكَ بِتَسْمِيَةِ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ طَعَامِهِ فَيَكُونُ فِيهِ الْبَرَكَةُ ، وَالْكَافِرُ لا يَفْعَلُ ذَلِكَ ، وَقِيلَ إِنَّهُ خَاصٌّ لِرَجُلٍ ، قَالَ غَيْرُهُ : وَفِيهِ وَجْهٌ أَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ ، وَهُوَ أَنَّهُ مَثَلٌ ضَرَبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُؤْمِنِ وَزُهْدِهِ فِي الدُّنْيَا ، وَالْكَافِرِ وَحِرْصِهِ عَلَيْهَا ، وَلِهَذَا قِيلَ الرَّغَبُ شُؤْمٌ ، لأَنَّهُ يَحْمِلُ صَاحِبَهُ عَلَى اقْتِحَامِ النَّارِ ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ كَثْرَةَ الأَكْلِ دُونَ اتِّسَاعِ الرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا ، وَذَكَرَ أَبُو سُلَيْمَانَ هَذِهِ الْوُجُوهَ ، اللَّفْظُ مُخْتَلِفٌ ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ ، ثُمَّ قَالَ : وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ النَّاسَ فِي الأَكْلِ عَلَى طَبَقَاتٍ : فَطَائِفَةٌ يَأْكُلُونَ كُلَّمَا وَجَدُوا مَطْعُومًا عَنْ حَاجَةٍ إِلَيْهِ وَعَنْ غَيْرِ حَاجَةٍ ، وَهَذَا فِعْلُ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالْغَفْلَةِ الَّذِينَ شَاكَلَتْ طِبَاعُهُمْ طِبَاعَ الْبَهَائِمِ ، وَطَائِفَةٌ يَأْكُلُونَ إِذَا جَاعُوا ، فَإِذَا ارْتَفَعَ الْجُوعُ أَمْسَكُوا ، وَهَذِهِ عَادَةُ الْمُقْتَصِدِينَ مِنَ النَّاسِ وَالْمُتَمَاسِكِينَ مِنْهُمْ فِي الشَّمَائِلِ والأَخْلاقِ ، وَطَائِفَةٌ يَتَجَوَّعُونَ وَيَرْتَاضُونَ الْجُوعَ قَمْعًا لِشَهَوَاتِ النُّفُوسِ ، فَلا يَأْكُلُونَ إِلا عِنْدَ الضَّرُورَةِ ، وَلا يَزِيدُونَ مِنْهُ عَلَى مَا يَكْسِرُ غَرْبَ الْجُوعِ ، وَهَذَا مِنْ عَادَةِ الأَبْرَارِ ، وَشَمَائِلِ الصَّالِحِينَ الأَخْيَارِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي هُرَيْرَةَ | أبو هريرة الدوسي / توفي في :57 | صحابي |
أَبِيهِ | أبو صالح السمان | ثقة ثبت |
سُهَيْلٍ | سهيل بن أبي صالح السمان | ثقة |
مَالِكٍ | مالك بن أنس الأصبحي / ولد في :89 / توفي في :179 | رأس المتقنين وكبير المتثبتين |
إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ | إسحاق بن عيسى البغدادي | صدوق حسن الحديث |
الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ | الحارث بن أبي أسامة التميمي | ثقة |
أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ | محمد بن محمد الطوسي / توفي في :344 | صدوق حسن الحديث |
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ | الحاكم النيسابوري / ولد في :321 / توفي في :405 | ثقة حافظ |
مَالِكٍ | مالك بن أنس الأصبحي / ولد في :89 / توفي في :179 | رأس المتقنين وكبير المتثبتين |
الْقَعْنَبِيُّ | عبد الله بن مسلمة الحارثي / توفي في :221 | ثقة |
عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ | عثمان بن سعيد الدارمي / ولد في :199 / توفي في :280 | ثقة حافظ إمام |
أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ | أحمد بن محمد الطرائفي | صدوق حسن الحديث |
أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى | يحيى بن أبي إسحاق النيسابوري / توفي في :414 | ثقة متقن |