وَرُوِّينَا هَذَا ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، " وَهَذَا لِمَا فِي الصِّيَامِ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ الْمُعْتَادَيْنِ بِالنَّهَارِ ، مَعَ تَحَرُّكِ الطَّبْعِ نَحْوَهُمَا ، وَنُزُوعِ النَّفْسِ إِلَيْهِمَا ، وَلِهَذَا قِيلَ لِشَهْرِ رَمَضَانَ : شَهْرُ الصَّبْرِ ، وَقَدْ مَضَى الْخَبَرُ فِيهِ فِي بَابِ الصِّيَامِ ، وَقِيلَ : أَرَادَ بِالصَّبْرِ الصَّبْرَ عَلَى مَا يَعْرِضُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ قَتْلِ أَعْدَائِهِمُ الْمُشْرِكِينَ ، ثُمَّ قَالَ : وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ سورة البقرة آية 45 ، فَقِيلَ : رَجَعَتِ الْكِنَايَةُ إِلَى الصَّلاةِ وَحْدَهَا ، وَقِيلَ : رَجَعَتْ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَعْنَى : الْخَصْلَةِ , أَوِ الطَّاعَةِ , أَوِ الْفِعْلَةِ ، كَأَنَّهُ قَالَ : وَإِنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ لَكَبِيرَةٌ أَيْ شَاقَّةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ ، الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ , فَهُمْ يُحِبُّونَ أَنْ يُرَدُّوا إِلَى اللَّهِ صَائِمِينَ ، قَالَ جَلَّ جَلالُهُ : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ سورة البقرة آية 153 ، فَالأَشْبَهُ بِالصَّبْرِ فِي هَذِهِ الآيَةِ الصَّبْرُ عَلَى الشَّدِيدَةِ ؛ لأَنَّهُ أَتْبَعَ مَدْحَ الصَّابِرِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ سورة البقرة آية 154 ، وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ { 155 } الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ { 156 } أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ { 157 } سورة البقرة آية 155-157 ، وَبَسَطَ الْكَلامَ فِي مَعْنَى هَذِهِ الآيَةِ " .