باب المغرب والعشاء


تفسير

رقم الحديث : 679

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو بكر , قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " أَسْفِرُوا بِصَلاةِ الْفَجْرِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ لِلأَجْرِ " ، أَوْ قَالَ : " أَعْظَمُ لأُجُورِكُمْ " . فَرَجَّحَ الشَّافِعِيُّ حَدِيثَ عَائِشَةَ بِأَنَّهُ : أَشْبَهُ بِكِتَابِ اللَّهِ ، لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى سورة البقرة آية 238 ، فَإِذَا حل الْوَقْتُ فَأَوْلَى الْمُصَلِّينَ بِالْمُحَافَظَةِ : الْمُقَدِّمُ لِلصَّلاةِ ، وَهُوَ أَيْضًا أَشْهَرُ رِجَالا بِالثِّقَةِ وَأَحْفَظُ ، وَمَعَ حَدِيثِ عَائِشَةَ ثَلاثَةٌ ، كُلُّهُمْ يَرْوُونَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِثْلَ مَعْنَى حَدِيثِ عَائِشَةَ ، زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لا يَأْمُرُ بِأَنْ تُصَلَّى صَلاةٌ فِي وَقْتٍ يُصَلِّيهَا فِي غَيْرِهِ ، وَهَذَا أَشْبَهُ بِسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ حَدِيثَ " أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ وَآخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ " ، وَهُوَ لا يُؤْثِرُ عَلَى رِضْوَانِ اللَّهِ شَيْئًا ، وَالْعَفْوُ لا يَحْتَمِلُ إِلا مَعْنَيَيْنِ : عَفْوٌ عَنِ تَقْصِيرٍ ، أَوْ تَوْسِعَةٌ ، وَالتَّوْسِعَةُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْفَضْلُ فِي غَيْرِهَا إِذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِتَرْكِ ذَلِكَ الْغَيْرِ الَّذِي وُسِّعَ فِي خِلافِهِ يُرِيدُ الْوَقْتَ الأَوَّلَ قَالَ : وَقَدْ أَبَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا قُلْنَا ، وَسُئِلَ : " أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ ؟ " ، فَقَالَ : " الصَّلاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا " ، وَهُوَ لا يَدَعُ مَوْضِعَ الْفَضْلِ ، وَلا يَأْمُرُ النَّاسَ إِلا بِهِ ، قَالَ : وَالَّذِي لا يَجْهَلُهُ عَالِمٌ ، أَنّ تَقْدِيمَ الصَّلاةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا أَوْلَى بِالْفَضْلِ لِمَا يَعْرِضُ لِلآدَمِيِّينَ مِنَ الأَشْغَالِ وَالنِّسْيَانِ وَالْعِلَلِ ، وَذَكَرَ تَقْدِيمَ صَلاةِ الْفَجْرِ عَنِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ قَبْلَ هَذَا ، قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي حَدِيثِ رَافِعٍ : لَهُ وَجْهٌ يُوَافِقُ حَدِيثَ عَائِشَةَ وَلا يُخَالِفُهُ ، وَذَلِكَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَمَّا حَضَّ النَّاسَ عَلَى تَقْدِيمِ الصَّلاةِ ، وَأَخْبَرَ بِالْفَضْلِ فِيهَا ، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الرَّاغِبِينَ مَنْ يُقَدِّمُهَا قَبْلَ الْفَجْرِ الآخِرِ ، فَقَالَ : " أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْفَجْرُ الآخَرُ مُعْتَرِضًا " وَحَكَى فِي الْقَدِيمِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ صَلَّى بِمَكَّةَ مِرَارًا ، فَكُلَّمَا بَانَ لَهُ أَنَّهُ صَلاهَا قَبْلَ الْفَجْرِ أَعَادَ ، وَأَنَّ أَبَا مُوسَى فَعَلَ ذَلِكَ بِالْبَصْرَةِ ، فِيمَا بَلَغَنَا ، فَلا نَدْرِي لَعَلَّ النَّاسَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدْ كَانُوا يَفْعَلُونَ شَبِيهًا بِفِعْلِهِمَا حِينَ أُخْبِرُوا بالفعل فِي الْوَقْتِ ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِيمَا نَرَى الْخُرُوجَ مِنَ الشَّكِّ ، حَتَّى يُصَلِّيَ الْمُصَلِّي بَعْدَ الْيَقِينِ مِنَ الْفَجْرِ ، فَأَمَرَهُمْ بِالإِسْفَارِ ، أَيْ بِالتَّبَيُّنِ ، قَالَ فِي الْجَدِيدِ : وَإِذَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِلأَحَادِيثِ , كَانَ أَوْلَى بِنَا أَنْ لا نَنْسِبَهُ إِلَى الاخْتِلافِ ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا ، فَالْحُجَّةُ فِي تَرْكِنَا حَدِيثِنَا ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا وَصَفْ مِنَ الدَّلائِلِ مَعَهُ ، قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ : وَقَدْ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ الأَحَادِيثَ الَّتِي وَرَدَتْ فِي تَغْلِيسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالْفَجْرِ ، ثُمَّ زَعَمَ أَنْ لَيْسَ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى الأَفْضَلِ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي حَدِيثِ رَافِعٍ ، وَلَمْ يُعْلَمْ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُدَاوِمُ إِلا عَلَى مَا هُوَ الأَفْضَلُ ، وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ ، فَخَرَجَ مِنْ فِعْلِ الصَّحَابَةِ ، بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَدْخُلُونَ فِيهَا مُغَلِّسِينَ لِيُطَوِّلُوا الْقِرَاءَةَ ، وَيَخْرُجُونَ مِنْهَا مُسْفِرِينَ ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِنَّمَا خَرَجَ مِنْهَا مُغَلِّسًا ، قَبْلَ أَنْ شُرِعَ فِيهَا طُولُ الْقِرَاءَةِ ، فَاسْتَدَلَّ عَلَى النَّسْخِ بِفِعْلِهِمْ ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنّ بَعْضَهُمْ كَانُوا يَخْرُجُونَ مِنْهَا مُغَلِّسِينَ كَمَا رُوِّينَا عَنْهُمْ ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ الأَوْدِيُّ : صَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ صَلاةَ الْفَجْرِ ، وَلَوْ أَنّ ابْنِي مِنِّي ثَلاثَةُ أَذْرُعٍ لَمْ أَعْرِفْهُ إِلا أَنْ يَتَكَلَّمَ ، ثُمَّ احْتَجَّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ : " أَنّ أَوَّلَ مَا فُرِضَتِ الصَّلاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَصَلَ إِلَى كُلِّ صَلاةٍ مِثْلَهَا ، غَيْرَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهَا وِتْرٌ ، وَصَلاةُ الصُّبْحِ لِطُولِ قِرَاءَتِهَا " ، وَزَعَمَ أَنّ الزِّيَادَةَ فِي الصَّلاةِ ، وَإِطَالَةَ الْقِرَاءَةِ كَانَتَا مَعًا ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنّ الزِّيَادَةَ فِي الصُّبْحِ ، إِنَّمَا لَمْ يُشْرَعْ لِطُولِ قِرَاءَتِهَا الْمَشْرُوعِ فِيهَا قَبْلَهَا ، ثُمَّ حَمَلَ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي التَّغْلِيسِ عَلَى أَنّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُشْرَعَ فِيهَا طُولُ الْقِرَاءَةِ ، وَعَائِشَةُ قَدْ أَخْبَرَتْ أَنّ الزِّيَادَةَ فِي الصَّلاةِ كَانَتْ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ ، وَغَيْرُهَا يَقُولُ : حِينَ فُرِضَتْ قَبْلَ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ ، وَعَلَى زَعْمِهِ حين شُرِعَ طُولُ الْقِرَاءَةِ فِيهَا حِينَ زِيدَ فِي عَدَدِ غَيْرِهَا ، وَعَائِشَةُ إِنَّمَا حَمَلَتْ حَدِيثَ التَّغْلِيسِ ، وَهِيَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ ، وَكَذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ ، وَإِنَّمَا تَزَوَّجَ بِهَا بَعْدَ مَا هَاجَرَ بِسَنَتَيْنِ ، فَكَيْفَ يَكُونُ مَنْسُوخًا بِحُكْمٍ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ ؟ كَيْفَ وَقَدْ أَخْبَرَتْنَا عَنْ دَوَامِ فِعْلِهِ وَفِعْلِ النِّسَاءِ مَعَهُ ، وَرُوِّينَا ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ فِي حَدِيثٍ مُخَرَّجٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ من حديث عائشة ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَانَ يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ " وَفِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ : أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الصُّبْحَ بِغَلَسٍ ، ثُمَّ صَلاهَا يَوْمًا فَأَسْفَرَ بِهَا ، ثُمَّ لَمْ يَعُدْ إِلَى الإِسْفَارِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ . وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى بُطْلانِ النَّسْخِ الَّذِي ادَّعَاهُ الطَّحَاوِيُّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ، وَغَيْرِهَا فِي التَّغْلِيسِ ، وَالطَّرِيقُ الصَّحِيحُ فِي ذَلِكَ ، أَنْ تُحْمَلَ الأَحَادِيثُ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الإِخْبَارِ عَنْ تَغْلِيسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ بِالصُّبْحِ ، عَلَى أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا هُوَ الأَفْضَلُ ، لأَنَّ ذَلِكَ كَانَ أَكْثَرَ فِعْلِهِمْ ، وَيُحْمَلُ حَدِيثُ رَافِعٍ عَلَى تَبْيِينِ الْفَجْرِ بِالْيَقِينِ ، وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ الدُّخُولُ فِيهَا فِي الْغَيْمِ بِالاجْتِهَادِ قَبْلَ التَّبْيِينِ ، وَحَدِيثُ مَنْ أَسْفَرَ بِهَا عَلَى الْجَوَازِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ

صحابي

مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ

له رؤية

عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ

ثقة

ابْنِ عَجْلانَ

صدوق حسن الحديث

سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ

ثقة حافظ حجة

الشَّافِعِيُّ

المجدد لأمر الدين على رأس المائتين

الرَّبِيعُ

ثقة

أَبُو الْعَبَّاسِ

ثقة حافظ

وَأَبُو بكر

ثقة

وَأَبُو زَكَرِيَّا

ثقة متقن

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ

ثقة حافظ

Whoops, looks like something went wrong.