أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ , حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ , أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ , أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ , قَالَ : قَالَ قَائِلٌ : لا أَنْفِي أَحَدًا , فَقِيلَ لِبَعْضِ مَنْ يَقُولُ قَوْلَهُ : وَلِمَ رَدَدْتَ النَّفْيَ فِي الزِّنَا , وَهُوَ ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَبِي بَكْرٍ , وَعُمَرَ , وَعُثْمَانَ , وَعَلِيٍّ , وَابْنِ مَسْعُودٍ , وَالنَّاسِ عِنْدَنَا إِلَى الْيَوْمِ ؟ قَالَ : رَدَدْتُهُ ، بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ سَفَرًا يَكُونُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ " , فَقُلْتُ لَهُ : سَفَرُ الْمَرْأَةِ شَيْءٌ حِيطَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ فِيمَا لا يَلْزَمُهَا مِنَ الأَسْفَارِ , وَقَدْ نُهِيَتْ أَنْ تَخْلُوَ فِي الْمِصْرِ بِرَجُلٍ , وَأُمِرَتْ بِالْقَرَارِ فِي بَيْتِهَا , وَقِيلَ لَهَا : صَلاتُكِ فِي بَيْتِكِ أَفْضَلُ لِئَلا تَعْرِضِي أَنْ تُفْتَنِي ، أَوْ يُفْتَنَ بِكِ , وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يَلْزَمُهَا بِسَبِيلٍ , ثُمَّ بَسَطَ الْكَلامَ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ إِلَى أَنْ قَالَ : أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَتْ بِبَادِيَةٍ لا قَاضِيَ عِنْدَ قَرْيَتِهَا ، إِلا عَلَى ثَلاثِ لَيَالٍ ، أَوْ أَكْثَرَ , فَادَّعَى عَلَيْهَا مُدَّعٍ حَقًّا , أَوْ أَصَابَتْ حَدًّا ؟ , قَالَ : تُرْفَعُ إِلَى الْقَاضِي , قُلْنَا : مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قُلْنَا : فَقَدْ أَبَحْتَ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ ثَلاثًا أَوْ أَكْثَرَ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ ؟ قَالَ : هَذَا يَلْزَمُهَا , قُلْنَا : فَهَذَا يَلْزَمُهَا بِرَأْيِكَ فَأَبَحْتَهُ لَهَا وَمَنَعْتَهَا مِنْهُ فِيمَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَخْبَرَ بِهِ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا , ثُمَّ سَاقَ الْكَلامَ إِلَى ، أَنْ قَالَ : فَلِمَ لا يَكُونُ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ لا يَحْتَاجُ إِلَى مَحْرَمٍ مَنْفِيًّا , وَالنَّفْيُ حَدُّهُ , قَالَ : فَقَدَ نفى عُمَرُ رَجُلا , وَقَالَ : لا أَنْفِي بَعْدَهُ , قُلْنَا : عُمَرُ نَفَى فِي الْخَمْرِ ، وَالنَّفْيُ فِي السُّنَّةِ عَلَى الزَّانِي وَالْمُخَنَّثِ , وَفِي الْكِتَابِ عَلَى الْمُحَارِبِ , وَهُوَ خِلافُ نَفْيِهِمَا , فَإِنْ رَأَى عُمَرُ نَفْيًا فِي الْخَمْرِ , ثُمَّ رَأَى أَنَ يَدَعَهُ , فَلَيْسَ الْخَمْرُ بِالزِّنَا , وَقَدْ نَفَى عُمَرُ فِي الزِّنَا فَكَيْفَ لَمْ تَحْتَجَّ بِنَفْيِ عُمَرَ فِي الزِّنَا , وَقَدْ قُلْنَا نَحْنُ وَأَنْتَ : وَأَنَّ لَيْسَ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّةٌ ، قَالَ أَحْمَدُ : جَاءَ مَنْ يَدَّعِي تَسْوِيَةَ الآثَارِ عَلَى مَذْهَبِهِ وَعَارَضَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الأَخْبَارِ فِي نَفْيِ الْبِكْرِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ , وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الأَمَةِ إِذَا زَنَتْ ، وَلَمْ تُحْصَنْ , فقَالَ : " إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا , ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا , ثُمَّ إِنْ زَنَتْ , فَاجْلِدُوهَا , ثُمَّ بِيعُوهَا , وَلَوْ بِضَفِيرٍ " , وَقَالَ : إِنْ كَانَ سُكُوتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أُنَيْسٍ عَنْ ذِكْرِ الْجَلْدِ يَدُلُّ عَلَى رَفْعِ الْجَلْدِ ، فَسُكُوتُهُ هَا هُنَا عَنْ ذِكْرِ النَّفْيِ يَدُلُّ عَلَى رَفْعِ النَّفْيِ , قَالَ أَحْمَدُ : خَالَفَ هَذَا الشَّيْخُ حَدِيثَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ , وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْيِ الْبِكْرِ , وَخَالَفَ مَذْهَبَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فِيهِ , وَمَنْ رُوِّينَاهُ عَنْ سِوَاهُمْ , وَزَعَمَ أَنَّهُ ذَهَبَ فِيهِ إِلَى حَدِيثِ زَيْدٍ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي الأَمَةِ ، إِذَا زَنَتْ ، فَاجْلِدُوهَا , وَهُوَ يُخَالِفُ حَدِيثَهُمَا فِي الأَمَةِ ، فِيمَا وَرَدَ فِيهِ الْخَبَرُ , وَذَاكَ لأَنَّ الْخَبَرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلسَّادَاتِ أَنْ تَجْلِدُوا إِمَاءَهُمْ ، إِذَا زَنَيْنَ , وَلا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ السَّادَاتِ , فَهُوَ مُخَالِفٌ لِجَمِيعِ مَا وَرَدَ فِيهِ مِنَ الأَحَادِيثِ , وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، فَإِنَّهُ قَالَ بِالأَحَادِيثِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي نَفْيِ الْبِكْرِ , وَقَالَ : بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي جَلْدِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ ، إِذَا زَنَتْ وَأَمَّا نَفْيُهَا ، فَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ , حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ , أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ , قَالَ : قَالَ الشَّافِعِيُّ " اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي نَفْيِهِمَا يَعْنِي نَفْيَ الْعَبْدِ وَالأَمَةِ , فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : لا يُنْفَيَانِ , كَمَا لا يُرْجَمَانِ , وَلَوْ نُفِيَا نِصْفَ سَنَةٍ , وَهَذَا مِمَّا أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِيهِ " , فَهُوَ ذَا يُشِيرُ إِلَى التَّوَقُّفِ فِي نَفْيِهِمَا , وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّهُمَا لا يُنْفَيَانِ , وَحَكَاهُ أَبُو الزِّنَادِ عَنْ أَصْحَابِهِ , وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ , فَعَلَى هَذَا قَدْ قُلْنَا بِظَاهِرِ هَذِهِ الأَحَادِيثِ ، لَمْ نُخَالِفْ شَيْئًا مِنْهَا , وَإِنْ قُلْنَا بِنَفْيِهِمَا فَلَمْ نُخَالِفْ فِيمَا قُلْنَا إِجْمَاعًا , فَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ صَاحِبُ الْخِلافِيَّاتِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ حَدَّ مَمْلُوكَةً لَهُ فِي الزِّنَا , وَنَفَاهَا إِلَى فَدَكَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |