أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ : قَرَأْتُ فِي أَصْلِ كِتَابِ أَبِي أَحْمَدَ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمَاسِرْجِسيِّ ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، قَالَ : وَقَدْ زَعَمَ الْعَائِبُ يَعْنِي عَلَى الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَنَّهُ تَرَكَ حَدِيثَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ الْمَشْهُورَ الْمَعْرُوفَ فِي التَّيَمُّمِ الَّذِي قَدْ شهد أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَاحْتَجُّوا بِهِ ، وَصَارَوا إِلَى أَنِ احْتَجَّ بِرِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنِ ابْنِ الصِّمَّةِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَيَمَّمَ ، فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ " . فَشَنَّعَ عَلَى الشَّافِعِيِّ هَذَا التَّشْنِيعَ ، وَهُوَ خُلُوٌّ مِنْ أَنْ تَلْزَمَهُ هَذِهِ الشَّنَاعَةُ ، لأَنَّهُ إِنَّمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ : تَرَكَ حَدِيثَ فُلانٍ ، وَصَارَ إِلَى حَدِيثِ فُلانٍ ، أَنْ الْحَدِيثَينِ كِلاهُمَا عِنْدَهُ ، فَيَمِيلَ بِالْقَوْلِ إِلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الآخَرِ ، فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ تَرَكَهُ ، لَيْسَ هُوَ عِنْدَهُ فَيَكُونُ لَهُ تَارِكًا ، وَذَلِكَ لأَنَّ حَدِيثَ عَمَّارٍ الَّذِي صَارَ أَهْلُ الْحَدِيثِ إِلَى الْقَوْلِ بِهِ فِي التَّيَمُّمِ ، هُوَ حَدِيثُ الْحَكَمِ ، عَنْ ذَرٍّ ، وَقَتَادَةَ ، عَنْ عَذْرَةَ ، كِلاهُمَا ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَمَّارٍ ، وَحَدِيثُ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، عَنْ عَمَّارٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَيْسَ فِي كِتَابِ الشَّافِعِيِّ ، لا الْمِصْرِيُّ ، وَلا الْبَغْدَادِيُّ ، وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ ، وَلِمَ اسْتَجَازَ الْعَائِبُ بَعِيبَهُ ، وَهُوَ فِي هَذَا خُلُوٌّ ظَاهِرٌ مِنَ الْعَيْبِ ، وَلَكِنَّ عَايِبَهُ فِي هَذَا وَأَشْبَاهِهِ مُجَازِفٌ ، وَمُقْدِمٌ عَلَى مَا لا عِلْمَ لَهُ بِهِ ، إِنَّمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ : قد قَالَ عَمَّارٌ : " تَيَمَّمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَنَاكِبِ " وَرُوِيَ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ " ، فَكَأَنَّ قَوْلَهُ : تَيَمَّمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَنَاكِبِ ، لَمْ يَكُنْ عَنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنْ ثَبَتَ عَنْ عَمَّارٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ " وَلَمْ يَثْبُتْ : " إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ " ، فَمَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى ، وَبِهَذَا كَانَ يعني سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ ، هَذَا لَفْظُ قَوْلِهِ فِي الْبَغْدَادِيِّ ، فَقَدْ أَعْطَى الْحَقَّ مِنْ نَفْسِهِ ، وَلَمْ يَتْرُكْ لِلْعَائِبِ فِيهِ قَوْلا ، وَلا لِعِتَابِهِ مَوْضِعًا ، وَقَدْ أَحْسَنَ الشَّاعِرُ فِي وَصْفِ الرَّجُلِ الْعَيَّابَةِ لِلأَقْوَامِ ، حَيْثُ يَقُولُ : رُبَّ عَيَّابٍ لَهُ مَنْظَرٌ مُشْتَمِلُ الثَّوْبِ عَلَى الْعَيْبِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ | الحاكم النيسابوري / ولد في :321 / توفي في :405 | ثقة حافظ |