وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ : قُلْتُ لِعِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ : مَنْ أَفْقَهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ؟ قَالَ : " أَمَّا أَعْلَمُهُمْ بِقَضَايَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، وَأَفْقَهُهُمْ فِقْهًا ، وَأَبْصَرُهُمْ بِمَا مَضَى مِنْ أَمَرِ النَّاسِ : فَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ " ، قَالَ أَحْمَدُ : الْحِكَايَاتُ عَنِ السَّلَفِ فِي تَفْضِيلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِيمَا يَرَوْيَهُ عَلَى أَبْنَاءِ دَهْرِهِ كَثِيرَةٌ ، وَلِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا قَالَ فِي مَرَاسِيلِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ بِهِمْ قُدْوَةٌ ، ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ فِي مَرَاسِيلِهِ عَلَى مُجَرَّدِ الدَّعْوَى ، حَتَّى يبَيَّنَ وَجْهَ الرُّجْحَانِ فِي مَرَاسِيلِهِ ، ثُمَّ لَمْ يَخُصَّ بِهِ ابْنَ الْمُسَيِّبِ ، بَلْ قَدْ قَطَعَ الْقَوْلَ بِأَنَّ مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهِ قَبِلْنَا مُنْقَطَعَهُ ، وَقَدْ حَكَيْنَا مَبْسُوطَ كَلامِهِ فِي ذَلِكَ فِي الأُصُولِ ، ثُمَّ هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ وَصَلَهُ زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ ، وَهُوَ مِنَ الثِّقَاتِ ، وَسَبَقَ ذِكْرُنَا لَهُ وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، مَرْفُوعًا " الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ " ، مُنْقَطِعٌ وَإِسْنَادُهُ غَيْرُ قَوِيٍّ , وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ الذَّارِعُ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ رَاشِدٍ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، مَرْفُوعًا : " الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ " ، وَإِسْمَاعِيلُ هَذَا كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيمَا أَخْبَرُونَا عَنْهُ وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنْ عَلِيٍّ ، فَرَوَى عَبْدُ الأَعْلَى الثَّعْلَبِيُّ ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ ، عَنْ عَلِيٍّ : " إِذَا كَانَ الرَّهْنُ أَقَلَّ رُدَّ الْفَضْلُ ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ بِمَا فِيهِ " ، وَعَبْدُ الأَعْلَى الثَّعْلَبِيُّ ضَعِيفٌ ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ : قُلْتُ لِسُفْيَانَ فِي أَحَادِيثِ عَبْدِ الأَعْلَى ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَوَهَّنَهَا ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيٍّ ، وَرِوَايَةِ الْحَارِثِ ، عَنْ عَلِيٍّ : يَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ ، وَضَعِيفٌ وَفِي رِوَايَةِ قَتَادَةَ ، عَنْ خِلاسٍ ، عَنْ عَلِيٍّ إِذَا كَانَ فِي الرَّهْنِ فَضْلٌ فَإِنْ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَالرَّهْنُ بِمَا فِيهِ ، وَإِنْ لَمْ تُصِبْهُ جَائِحَةٌ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْفَضْلَ ، وَهَذِهِ أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ عَنْ عَلِيٍّ ، وَفِيهَا أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ يَقُولُونَ : مَا رَوَى خِلاسٌ ، عَنْ عَلِيٍّ أَخَذَهُ مِنْ صَحِيفَةٍ قَالَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ، وَغَيْرُهُ مِنَ الْحُفَّاظِ ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِثْلُ رِوَايَةِ عَبْدِ الأَعْلَى ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ أَبُو الْعَوَّامِ عِمْرَانُ بْنُ دَاوَرَ الْقَطَّانُ ، عَنْ مَطَرٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَعِمْرَانُ بْنُ دَاوَرَ الْقَطَّانُ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ صَاحِبَا الصَّحِيحِ ، وَضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ ، وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ لا يُحَدِّثُ عَنْهُ ، وَقَالَ : لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ ، كَتَبْتُ عَنْهُ أَشْيَاءَ فَرَمَيْتُ بِهَا , أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيّ قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ ، يَقُولُ : عِمْرَانُ الْقَطَّانُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، وَلَيْسَ هُوَ بِشَيْءٍ , وَالْعَجَبُ أَنَّ بَعْضَ مَنْ يَدَّعِي تَسْوِيَةَ الأَخْبَارِ عَلَى مَذْهَبِهِ يَطْعُنُ فِي مَطَرٍ الْوَرَّاقِ فِي مَسْأَلَةِ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ ، حِينَ رَوَى حَمَّادٌ ، عَنْ مَطَرٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ حَلالا " ، ثُمَّ يَحْتَجُّ بِرِوَايَةِ أَبِي الْعَوَّامِ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَيَجْعَلُ اعْتِمَادَهُ عَلَيْهِ ، إِذْ لَيْسَ لَهُ فِيمَا يَرْوِي عَنْ غَيْرِهِ حَجَّةٌ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّافِعِيُّ , ثُمَّ إِنَّهُ ذَكَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ فُقَهَائِنَا الَّذِينَ يُنْتَهَى إِلَى قَوْلِهِمْ ، مِنْهُمْ : سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، وَذَكَرَ الْفُقَهَاءَ السَّبْعَةَ فِي مشيخَةٍ مِنْ نُظَرَائِهِمْ أَهْلِ فِقْهٍ وَفَضْلٍ ، فَذَكَرَ مَا جَمَعَ مِنْ أَقَاوِيلِهِمْ فِي كِتَابِهِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا : " الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ إِذَا هَلَكَ وَعَمِيَتْ قِيمَتُهُ " ، وَيَرْفَعُ ذَلِكَ مِنْهُمُ الثِّقَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا عَلَى أَنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى تَضْمِينِ الرَّهْنِ ، وَالرَّاوِي أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِ الْخَبَرِ ، دَلَّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى حَدِيثِهِ غَيْرُ مَا ذَهَبْتُمْ إِلَيْهِ قُلْنَا : لَيْسَ مِنَ الإِنْصَافِ تَرْكُ شَيْءٍ مِنَ الْحَدِيثِ لِيَسْتَقِيمَ عَلَى الْبَاقِي ، وَمَا قَصَدَهُ مِنَ الاحْتِجَاجِ بِهِ حَدِيثُ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ ، قَدْ : أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الرَّفَّاءُ , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، وَعِيسَى بْنُ مِينَا ، قَالا : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ , قَالَ : كَانَ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ فُقَهَائِنَا الَّذِينَ يُنْتَهَي إِلَى قَوْلِهِمْ ، فَذَكَرَ أَسْمَاءَهُمْ ، ثُمَّ قَالَ : وَرُبَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الشَيْءٍ فَأَخَذْنَا بِقَوْلِ أَكْثَرِهِمْ ، فَأَخْبَرَ أَبُو الزِّنَادِ ، أَنَّ الَّذِي جَمَعَهُ وَاخْتَارَهُ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ ، لا قَوْلَ جَمِيعِهِمْ ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ خِلافُ ذَلِكَ ، دَلَّ أَنَّهُ لَمْ يَرَدَّهُ ، وَأَمَّا رِوَايَةُ الثِّقَةِ مِنْهُمْ فَهُوَ مُنْقَطِعٌ ، كَحَدِيثِ عَطَاءٍ ، وَفِيهِ زِيَادَةٌ لَيْسَتْ فِي حَدِيثِ عَطَاءٍ ، وَهِيَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ بِمَا فِيهِ إِذَا عُمِّيَتْ قِيمَتُهُ ، وَهَذَا أَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْفَرَقِ بَيْنَ مَا يَظْهَرُ هَلاكُهُ ، مِثْلُ الدَّارِ وَالنَّخْلِ وَالْعَبْدِ ، وَبَيْنَ مَا يَخْفَى هَلاكُهُ ، فَيَجْعَلُهُ بِمَا فِيهِ فِيمَا يَخْفَى هَلاكُهُ ، وَيَجْعَلُهُ أَمَانَةً فِيمَا يَظْهَرُ هَلاكُهُ ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ هَلاكُهُ ، وَالْمُحْتَجُّ بِهَذَا لا يَقُولُ بِهِ فِيمَا يَخْفَي هَلاكُهُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ ، وَلا يَقُولُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ هَلاكُهُ بِحَالٍ ، فَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَحْتَجَّ بِمَا لا يَقُولُ بِهِ فِي أَكْثَرِ أَحْوَالِهِ ، وَهُوَ عِنْدَنَا لا حُجَّةَ فِيهِ لانْقِطَاعهِ ، وَنَحْنُ لَمْ نَحْتَجَّ بِمَرَاسِيلِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ حَتَّى أَكَّدْنَاهَا بِمَا تَتَأَكَّدُ بِهِ الْمَرَاسِيلُ ، ثُمَّ قَدْ رُوِّينَا مُرْسَلَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ مَوْصُولا ، فَقَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ ، وَاعْتَرَضَ الْمُحْتَجُّ بِهَذَا الْمُنْقَطِعِ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي تَأْوِيلِهِ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا يَغْلَقُ الرَّهْنُ " ، وَزَعَمَ أَنَّهُ يُخَالِفُ تَأْوِيلَ غَيْرِهِ ، وَالشَّافِعِيُّ قَدْ ذَكَرَ مَعَهُ تَأْوِيلَ غَيْرِهِ ، وَاسْتَنْبَطَ مِنَ الْخَبَرِ مَعْنًى آخَرَ ، وَهُوَ بِمَكَانِهِ مِنَ اللُّغَةِ ، وَكَوْنِهِ مِنْ أَرْباب اللِّسَانِ دَارًا وَنَسَبًا ، فَمِنَ الْغَبَاوَةِ الدُّخُولُ عَلَيْهِ فِيمَا يَقُولُهُ فِي اللُّغَةِ ، ثُمَّ اعْتِمَادُهُ فِي الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ عَلَى قَوْلِهِ : الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ ، لَهُ غُنْمُهُ ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ ، وَلَمْ أَجِدْ لِقَائِلِ هَذَا عَلَيْهِ كَلامًا سِوَى التَّخْصِيصِ ، وَذَلِكْ لا يُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ دَلالَةٍ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ | يحيى بن معين / ولد في :156 / توفي في :233 | ثقة حافظ إمام الجرح والتعديل |
الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيّ | العباس بن محمد الدوري / ولد في :173 / توفي في :271 | ثقة حافظ |
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ | الحاكم النيسابوري / ولد في :321 / توفي في :405 | ثقة حافظ |
أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ | محمد بن يعقوب الأموي / ولد في :247 / توفي في :346 | ثقة حافظ |