أَنْشَدَنِي أَبُو نَصْرٍ هَارُونُ بْنُ مُوسَى النَّحْوِيُّ ، قَالَ : أَنْشَدَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْقَاسِمِ ، قَالَ : أنشدنا ابْنُ الأَنْبَارِيِّ ، قَالَ : أَنْشَدَنِي أَبِي ، فِي أَبْيَاتٍ ذَكَرَهَا : فَهَبْنِي عَذَرْتُ الْفَتَى جَاهِلا فَمَا الْعُذْرُ فِيهِ إِذَا الْمَرْءُ شَاخَا وَكَانَ يُقَالُ : مَنْ أَدَّبَ ابْنَهُ صَغِيرًا قَرَّتْ عَيْنُهُ كَبِيرًا ، وَلابْنِ أَغْبَسَ ، فِي أَبْيَاتٍ لَهُ : مَا أَقْبَحَ الْجَهْلَ عَلَى مَنْ بَدَا بِرَأْسِهِ الشَّيْبُ وَمَا أَشْنَعَهُ ولِغَيْرِهِ : رَأَيْتُ الْفَهْمَ لَمْ يَكُنِ انْتِهَابًا وَلَمْ يُقْسَمْ عَلَى عَدَدِ السِّنِينَ وَلَوْ أَنَّ السِّنِينَ تَقَاسَمَتْهُ حَوَى الآبَاءُ أَنْصِبَةَ الْبَنِينَ وَقَالَ آخَرُ : يُقَوِّمُ مِنْ مَيْلِ الْغُلامِ الْمُؤَدِّبُ وَلا يَنْفَعُ التَّأْدِيبُ وَالرَّأْسُ أَشْيَبُ وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ : إِنَّ الْغُلامَ مُطِيعٌ مَنْ يُؤَدِّبُهُ وَلا يُطِيعُكَ ذُو شَيْبٍ بِتَأْدِيبِ وَقَالَ آخَرُ : يُقَوِّمُ بِالثِّقَافِ الْعُودُ لُدْنًا وَلا يَتَقَوَّمُ الْعُودُ الصَّلِيبُ وَقَالَ سَابِقٌ الْبَرْبَرِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ : قَدْ يَنْفَعُ الأَدَبُ الأَحْدَاثَ فِي مَهَلٍ وَلَيْسَ يَنْفَعُ عِنْدَ الْكَبْرَةِ الأَدَبُ إِنَّ الْغُصُونَ إِذَا قَوَّمْتَهَا اعْتَدَلَتْ وَلَنْ يَلِينَ إِذَا قَوَّمْتَهُ الْخَشَبُ وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ فِي مِثْلِ هَذَا : إِنَّمَا يُطْبَعُ الطِّينُ إِذَا كَانَ رَطْبًا . وَقَدْ أَخَذَهُ مَنْصُورٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى ، فَقَالَ : وَلَمْ تَدُمْ قَطُّ حَالٌ فَاطْبَعْ وَطِينُكَ رَطْبُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَنَاذِرَ مِنْ شِعْرِهِ الْمُطَوَّلِ : وَإِذَا مَا يَبِسَ الْعُودُ عَلَى أَوَدٍ لَمْ يَسْتَقِمْ مِنْهُ الأَوَدُ وَمِمَّا يُنْشَدُ لِخَلَفٍ الأَحْمَرِ : خَيْرُ مَا وَرَّثَ الرِّجَالُ بَنِيهِمْ أَدَبٌ صَالِحٌ وَحُسْنُ الثَّنَاءِ هُوَ خَيْرٌ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَالأَوْرَاقِ فِي يَوْمِ شِدَّةٍ أَوْ رَخَاءِ تِلْكَ تَفْنَى وَالدِّينُ وَالأَدَبُ الصَّالِحُ لا يَفْنَيَانِ حَتَّى اللِّقَاءِ إِذَا تَأَدَّبْتَ يَا بُنَيَّ صَغِيرًا كُنْتَ يَوْمًا تُعَدُّ فِي الْكُبَرَاءِ وَإِذَا مَا أَضَعْتَ نَفْسَكَ أُلْفِيتَ كَبِيرًا فِي زُمْرَةِ الْغَوْغَاءِ لَيْسَ عَطْفُ الْقَضِيبِ إِنْ كَانَ رَطْبًا وَإِذَا كَانَ يَابِسًا بِسَوَاءِ هَكَذَا أَنْشَدَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ لِخَلَفٍ الأَحْمَرِ , وَأَنْشَدَهَا الْخُشَنِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، لإِبْرَاهِيمَ بْنِ دَاوُدَ الْبَغْدَادِيِّ ، فِي قَصِيدَةٍ لَهُ طَوِيلَةٍ يُوصِي فِيهَا ابْنَهُ أَوَّلُهَا : يَا بُنَيَّ اقْتَرِبْ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَتَعَلَّمْ تَكُنْ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَكَانَ يُقَالُ : مَنْ أَدَّبَ ابْنَهُ أَرْغَمَ أَنْفَ عَدُوِّهِ .