سمعت بعض أصحابنا يذكر : " أن رجلا عربيا كان يمشي في بعض دروب الكوفة في يوم قائظ شديد الحر ، فلظه العطش ، فتقدم إلى باب دار فطرقه ، فخرجت إليه جارية ، فقال لها : قد لظني العطش ، فاسقيني كوزا من ماء . فقالت له : واللَّه ما عندنا ماء ، ولكن عندنا لبن ، فهل لك أن تشرب منه ؟ فقال لها الرجل : ومن لي بذلك ؟ فأخرجت إليه فخارة فيها لبن ودفعتها إليه ، فعجب الرجل ، وقال في نفسه : أليس يذكر عن أهل الكوفة البخل ؟ وأنا قد طلبت من أهل هذه الدار ماء فسقوني لبنا وهذا غاية الكرم . ثم وضع الفخارة عن فمه ، وقال للجارية : يا هذه ، إني أرى في الفخارة فأرة ميتة . فقالت الجارية : فأرة أخرى ؟ فرمي بالفخارة عن يده إلى الأرض فسقطت فانكسرت ، فبادرت الجارية إلى مولاها صارخة تولول ، وتقول : يا ستي كسر الرجل مبولتك " .