باب القول فيمن يسوغ له التقليد ومن لا يسوغ


تفسير

رقم الحديث : 441

أنا أنا ابْنُ الْفَضْلِ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرَسْتُوَيْهِ ، نا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، نا الْحَجَّاجُ ، وَهُوَ ابْنُ مِنْهَالٍ ، نا حَمَّادٌ ، أنا أَيُّوبُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ عُبَيْدَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : " اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ عُمَرَ عَلَى أَنَّ أُمَّهَاتِ الأَوْلادِ لا يُبَعْنَ " ، قَالَ : " ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْدُ أَنْ تُبَاعَ فِي دَيْنِ سَيِّدِهَا ، وَأَنْ تُعْتَقَ مِنْ نَصِيبِ وَلَدِهَا " ، فَقُلْتُ : رَأْيُكَ وَرَأْيُ الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رَأْيِكَ فِي الْفُرْقَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلِيٌّ عَلَى عُبَيْدَةَ هَذَا الْقَوْلَ ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَمَّا احْتُجَّ بِهِ مِنَ الْعِلْمِ بِإِصَابَتِهِ ، وَالْقَطْعِ عَلَى خَطَأِ مُخَالِفِهِ وَتَأْثِيمِهِ ، وَمَنْعِهِ مِنَ الْحُكْمِ بِاجْتِهَادِهِ ، ونَقْضِ حُكْمِهِ ، وَمَنْعِ الْعَامِّي مِنْ تَقْلِيدِهِ فَهُوَ أَنَّا نَعْلَمُ إِصَابَتَنَا لِلْحَقِّ ، وَنَقْطَعُ بِخَطَأِ مَنْ خَالَفَنَا فِيهِ ، وَنَمْنَعُهُ مِنَ الْحُكْمِ بِاجْتِهَادِهِ الْمُخَالِفِ لِلْحَقِّ ، فَأَمَّا عِلْمُنَا بِإِصَابَتِنَا لِلْحَقِّ فَهُوَ : لأَنَّ أَحَدَ الْحُكْمَيْنِ يَتَمَيَّزُ عَنِ الآخَرِ بِالتَّأْثِيرِ الْمُوجِبِ لِلْعِلْمِ ، أَوْ بِكَثْرَةِ الأُصُولِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلظَّنِ ، وَتَمَيُّزِ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ عَنِ الآخَرِ مَعْلُومٌ لِلْمُجْتَهِدِ ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَتِ الإِصَابَةُ مَعْلُومَةً ، وَإِذَا عُلِمَتِ الإِصَابَةُ ، فَقَدْ عُلِمَ خَطَأُ مَنْ خَالَفَهَا وَأَمَّا التَّأْثِيمُ ، فَلا يَجُوزُ لأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِالْعَفْوِ عَنْهُ ، وَإِثَابَتِهِ عَلَى قَصْدِهِ وَنِيَّتِهِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ ، وَالْعَفْوِ وَالتَّأْثِيمِ طَرِيقُهُ الشَّرْعُ ، وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِالْعَفْوِ عَنْ خَطَئِهِ كَمَا وَرَدَ بِالْعَفْوِ عَنِ الْخَاطِئِ وَالنَّاسِي وَالْمُكْرَهِ ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ سورة الأنبياء آية 78 . إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا سورة الأنبياء آية 79 فَأَثْنَى عَلَيْهِمَا وَأَخْبَرَ بِإِصَابَةِ سُلَيْمَانَ ، وَلَمْ يُؤَثِّمْ دَاوُدَ ، وَكَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ ، فَجَعَلَ لَهُ أَجْرَ اجْتِهَادِهِ ، وَلَمْ يُؤَثِّمْهُ مَعَ خَطَئِهِ وَأَمَّا مَنْعُهُ مِنَ الْعَمَلِ بِمَا أَدَّى اجْتِهَادُهُ إِلَيْهِ ، فَلا شَكَّ فِيهِ ، لأَنَّا نَقُولُ : إِذَا عُمِلَ بِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ ، وَلِهَذَا نَقُولُ : إِذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ : إِنَّهُ نِكَاحٌ فَاسِدٌ ، وَإِذَا شَرِبَ النَّبِيذَ : إِنَّهُ شَرِبَ حَرَامًا ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَأَمَّا حُكْمُ الْحَاكِمِ ، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لا يُنْقَضُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِنَصٍّ ، أَوْ إِجْمَاعٍ ، أَوْ قِيَاسٍ مَعْلُومٍ ، وَالْمَنْعُ مِنْ نَقْضِهِ لا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ ، لأَنَّهُ لا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا مِنَ الْحُكْمِ ، فَإِذَا حَكَمَ بِهِ وَقَعَ مَوْقِعَ الصَّحِيحِ الْجَائِزِ ، كَمَا نَقُولُ فِي الْبَيْعِ فِي حَالِ النِّدَاءِ لِلْجُمُعَةِ ، وَالصَّلاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ ، وَالطَّلاقِ فِي حَالِ الْحَيْضِ فَإِنْ قِيلَ : مِثْلُ هَذَا لا يَمْتَنِعُ لَكِنْ مَا الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ ؟ فَالْجَوَابُ عَنْهُ : أَنَّ الدَّلِيلَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ إِجْمَاعِ الأُمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ نَقْضُهُ ، وَلأَنَّ فِي نَقْضِ الْحُكْمِ فَسَادًا لِكَوْنِهِ ذَرِيعَةً إِلَى تَسْلِيطِ الْحُكَّامِ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، فَلا يَشَاءُ حَاكِمٌ يَكُونُ فِي قَلْبِهِ مِنْ حَاكِمٍ شَيْءٌ إِلا تَعَقَّبَ حُكْمَهُ بِنَقْضٍ فَلا يَسْتَقِرُّ حُكْمٌ ، وَلا يَصِحُّ لأَحَدٍ مُلْكٌ ، وَفِي ذَلِكَ فَسَادٌ عَظِيمٌ ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ، ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ هَذَيْنِ الطَّرِيقَتَيْنِ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ تَقْلِيدِ الْعَامِّيِّ ، فَهُوَ : أَنَّ فَرْضَهُ تَقْلِيدُ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الاجْتِهَادِ ، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ : فَرْضُهُ اتِّبَاعُ عَالِمِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَالِمُهُ مُصِيبًا ، كَمَا يَتَّبِعُ عَالِمَهُ بِشَرْطِ أَنْ لا يَكُونَ مُخَالِفًا لِلنَّصِّ وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الْعَامِّيَّ يُقَلِّدُ أَوْثَقَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي نَفْسِهِ ، وَلا يُكَلَّفُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، لأَنَّهُ لا سَبِيلَ لَهُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ ، وَالْوُقُوفِ عَلَى طَرِيقِهِ ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ يَقِينُهُ بِمَا أَدَّى إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ ، فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى حِيرَةِ الْعَامِّيِّ ، فَجَعَلَ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ أَوْثَقَهُمَا فِي نَفْسِهِ ، وَيُخَالِفَ الْمُجْتَهِدَ ، لأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ مُوَافَقَتِهِ عَلَى طَرِيقِ الْحَقِّ وَمُنَاظَرَتِهِ فِيهِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَلِيٍّ

صحابي

عُبَيْدَةَ

ثقة

مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ

ثقة ثبت كبير القدر لا يرى الرواية بالمعنى

أَيُّوبُ

ثقة ثبتت حجة

يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ

ثقة حافظ

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرَسْتُوَيْهِ

ثقة

ابْنُ الْفَضْلِ

مجهول

Whoops, looks like something went wrong.