أنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّرَّاجُ ، أنا بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ الإِسْفِرَايِينِيُّ ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الذُّهْلِيُّ ، نا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَأْكُلُ الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ " ، وَلَيْسَ تَخْلُو سُنَّةٌ رُوِيَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَائِدَةٍ أَوْ فَوَائِدَ ، فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ : أَنَّ قَوْمًا مِمَّنْ سَلَكَ طَرِيقَ الصَّلاحِ وَالتَّزَهُّدِ ، قَالُوا : لا يَحِلُّ لِلآكِلِ أَنْ يَأْكُلَ تَلَذُّذًا ، وَلا عَلَى سَبِيلِ التَّشَهِّي وَالإِعْجَابِ ، وَلا يَأْكُلُ إِلا مَا لا بُدَّ مِنْهُ إِلا لإِقَامَةِ الرَّمَقِ ، فَلَمَّا جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ سَقَطَ قَوْلُ هَذِهِ الطَّائِفَةِ ، وَصَلُحَ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَ تَشَهِّيًا وَتَفَكُّهًا وَتَلَذُّذًا ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ أَيْضًا : إِنَّهُ لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ مِنَ الطَّعَامِ ، وَلا بَيْنَ أَدَمَيْنِ عَلَى خِوَانٍ ، فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَى صَاحِبِ هَذَا الْقَوْلِ ، وَيُبِيحُ أَنْ يَجْمَعَ الإِنْسَانُ بَيْنَ لَوْنَيْنِ مِنَ الطَّعَامِ ، وَبَيْنَ أَدَمَيْنِ وَأَكْثَرَ وَكُلُّ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الأَفْعَالِ الَّتِي لَيْسَتْ قُرُبَاتٍ ، نَحْوُ الشُّرْبِ وَاللِّبَاسِ ، وَالْقُعُودِ وَالْقِيَامِ ، فَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الإِبَاحَةِ ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ فِعْلَ قُرْبَةٍ : فَلا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِغَيْرِهِ ، أَوِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ فَإِنْ كَانَ بَيَانًا لِغَيْرِهِ ، فَحُكْمُهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمُبَيَّنِ ، فَإِنْ كَانَ الْمُبَيَّنُ وَاجِبًا ، كَانَ الْبَيَانُ وَاجِبًا ، وَإِنْ كَانَ الْمُبَيَّنُ نَدْبًا ، كَانَ الْبَيَانُ نَدْبًا وَإِنْ كَانَ فِعْلا مُبْتَدًا ، مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ فَفِيهِ ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا : أَنَّهُ عَلَى الْوُجُوبِ ، إِلا أَنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى غَيْرِهِ وَالثَّانِي : أَنَّهُ عَلَى النَّدْبِ ، إِلا أَنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ أَنَّهُ عَلَى الْوُجُوبِ ، وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ عَلَى الْوَقْفِ ، فَلا يُحْمَلُ عَلَى الْوُجُوبِ وَلا عَلَى النَّدْبِ إِلا بِدَلِيلٍ ، وَهُوَ الأَصَحُّ ، لأَنَّ الْفِعْلَ لا يُعْلَمُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِهِ دُونَ أُمَّتِهِ ، وَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ أَوْقَعَهُ وَجَبَ التَّوَقُّفُ فِيهِ ، حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ وَإِذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا ، وَعُرِفَ أَنَّهُ فَعَلَهُ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ أَوِ النَّدْبِ ، كَانَ ذَلِكَ شَرْعًا لَنَا ، إِلا أَنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِذَلِكَ ، وَالْحُجَّةُ فِيهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ سورة الأحزاب آية 21 وَلأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَرْجِعُونَ فِيمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ إِلَى أَفْعَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَقْتَدُونَ بِهِ فِيهَا ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا شَرْعٌ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ | عبد الله بن جعفر الهاشمي / ولد في :5 / توفي في :85 | صحابي |
أَبِيهِ | سعد بن إبراهيم القرشي | ثقة |
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ | إبراهيم بن سعد الزهري | ثقة حجة |
يَحْيَى بْنُ يَحْيَى | يحيى بن يحيى النيسابوري / ولد في :142 / توفي في :226 | ثقة ثبت إمام |
إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الذُّهْلِيُّ | إبراهيم بن علي الذهلي | ثقة |
بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ الإِسْفِرَايِينِيُّ | بشر بن أحمد الإسفرائيني | صدوق حسن الحديث |
أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّرَّاجُ | عبد الرحمن بن محمد الكرشكي / توفي في :418 | ثقة |