باب اخلاص النية والقصد بالتفقه وجه الله عز وجل


تفسير

رقم الحديث : 436

أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَاعِظُ ، نا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَرْوَرُوذِيُّ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، نا مُوسَى بْنُ عَامِرِ بْنِ خُرَيْمٍ ، نا الْوَلِيدُ يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ ، نا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ ، نا مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هَلْ تَدْرِي أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَمُ " . قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : " إِذَا اخْتَلَفُوا وَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ أَبْصَرَهُمْ بِالْحَقِّ ، وَإِنْ كَانَ فِي عَمَلِهِ تَقْصِيرٌ ، وَإِنْ كَانَ يَزْحَفُ عَلَى اسْتِهِ زَحْفًا " . فَقَدْ نَصَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ يُصِيبُهُ بِالْعِلْمِ بَعْضُ أَهْلِ الاخْتِلافِ ، وَمَنَعَ أَنْ يُصِيبَهُ جَمِيعُهُمْ مَعَ اخْتِلافِهِمْ ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُمْ إِذَا اخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ ، مِثْلِ تَحْلِيلٍ وَتَحْرِيمٍ ، وَتَصْحِيحٍ وَإِفْسَادٍ ، وَإِيجَابٍ وَإِسْقَاطٍ ، فَلا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ ثَلاثَةِ أَقْسَامٍ : إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلانِ فَاسِدَيْنِ ، أَوْ صَحِيحَيْنِ ، أَوْ أَحَدُهُمَا فَاسِدًا ، وَالآخَرُ صَحِيحًا ، فَلا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا فَاسِدَيْنِ ، لأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى اجْتِمَاعِ الأُمَّةِ عَلَى الْخَطَأِ ، وَلا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا صَحِيحَيْنِ ، لأَنَّهُمَا مُتَضَادَّانِ ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ حَرَامًا حَلالا ، وَوَاجِبًا غَيْرَ وَاجِبٍ ، وَصَحِيحًا بَاطِلا ، وَإِذَا بَطَلَ هَذَانِ الْقِسْمَانِ ، ثَبَتَ أَنَّ أَحَدَهُمَا صَحِيحٌ ، وَالآخَرَ فَاسِدٌ ، فَإِنْ قَالَ الْمُخَالِفُ : هُمَا صَحِيحَانِ وَلا يُؤَدِّي إِلَى التَّضَادِ ، وَلا تَسْتَحِيلُ صِحَّتُهُمَا ، إِلا أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَسْتَحِيلُ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدِ ، وَأَمَّا عَلَى شَخْصَيْنِ أَوْ فَرِيقَيْنٍ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَسْتَحِيلُ كَمَا وَرَدَ الشَّرْعُ ، بِإِيجَابِ الصَّلاةِ عَلَى الطَّاهِرِ وَإِسْقَاطِهَا عَنِ الْحَائِضِ ، وَوُجُوبِ إِتْمَامِ الصَّلاةِ عَلَى الْمُقِيمِ ، وَالرُّخْصَةِ فِي الْقَصْرِ لِلْمُسَافِرِ وَعِنْدَنَا أُمُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ يَلْزَمُهُ مَا أَدَّى إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ ، فَيَحْرُمُ النَّبِيذُ عَلَى مَنْ أَدَّى اجْتِهَادُهُ إِلَى تَحْرِيمِهِ ، وَيَحِلُّ لِمَنْ أَدَّى اجْتِهَادُهُ إِلَى تَحْلِيلِهِ ، وَتَجِبُ النِّيَّةُ لِلْوضُوءِ عَلَى مَنْ أَدَّى اجْتِهَادُهُ إِلَى وجُوبِهَا وَتَسْقُطُ عَمَّنْ أَدَّى اجْتِهَادُهُ إِلَى صِحَّتِهِ ، وَيَفْسُدُ فِي حَقِّ مَنْ أَدَّى اجْتِهَادُهُ إِلَى فَسَادِهِ ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ، لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَضَادٌّ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا خَطَأٌ : لأَنَّ الأَدِلَّةَ إِذَا كَانَتْ عَامَّةً لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مَدْلُولُهَا خَاصًّا ، وَالدَّلالَةُ الدَّالَّةُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَامَّةٌ فِي الْجَمِيعِ ، فَلا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا خَاصًّا ، وَإِذَا كَانَتِ الأَحْكَامُ عَامَّةً ثَبَتَ التَّضَادُّ ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ ، إِذَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إِلَى شَيْءٍ ، وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ عَلَى ضِدِّ قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ ، أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا فِيهِمَا ، كَالَّذِي تُلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ، لَمَّا كَانَتِ الْحُقُوقُ الثَّلاثَةُ مُتَسَاوِيَةً فِي كَوْنِهَا مِمَّا يَجُوزُ التَّكْفِيرُ بِهَا ، وَالْكُلُّ صَوَابٌ ، كَانَ مُخَيَّرًا فِيهَا ، فَلَمَّا لَزِمَ الْمُجْتَهِدَ أَنْ يَعْمَلَ بِمَا يُؤَدِّي اجْتِهَادُهُ إِلَيْهِ دُونَ مَا خَالَفَهُ مِنَ اجْتِهَادِ غَيْرِهِ ، ثَبَتَ أَنَّ الْحَقَّ فِي وَاحِدٍ مِنَ الْقَوْلَيْنِ وَدَلِيلٌ آخَرُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ لَيْسَ بِمُصِيبٍ ، وَهُوَ أَنَّا وَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ فِي كُلِّ عَصْرٍ يَتَنَاظَرُونَ وَيَتَبَاحَثُونَ ، وَيَحْتَجُّ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، وَلَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُصِيبًا ، كَانَتِ الْمُنَاظَرَةُ خَطَأً وَلَغْوًا ، لا فَائِدَةَ فِيهَا فَإِنْ ، قَالَ الْمُخَالِفُ : إِنَّمَا يُنَاظِرُ أَحَدٍ الْخَصْمَيْنِ الآخَرَ ، حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ مَا أَدَّى اجْتِهَادُهُ إِلَيْهِ ، فَيَرْجِعُ إِلَى قَوْلِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لا فَائِدَةَ فِي رُجُوعِهِ مِنْ حَقٍّ إِلَى حَقٍّ ، وَكَوْنُهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَانْتِقَالُهُ إِلَى ظَنٍّ آخَرَ سَوَاءٌ ، لا فَرْقَ بَيْنَهُمَا ، وَتَحَمُّلُ التَّعَبِ وَالْكُلْفَةِ وَالتَّنَازُعِ وَالتَّخَاصُمِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُخَالِفُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْعُقَلاءِ ، وَقَدْ وَجَدْنَا الأُمَّةَ مُتَّفِقَةً عَلَى حُسْنِ الْمُنَاظَرَةِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ ، وَعَقْدِ الْمَجَالِسِ بِسَبِبِهَا ، فَسَقَطَ مَا قَالَهُ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَمَّا احْتُجَّ بِهِ مِنْ إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ ، فَهُوَ أَنْ يُقَالَ لَهُ : أَقُلْتَ هَذَا نَصًّا أَوُ اسْتِدْلالا ؟ فَإِنْ قَالَ : نَصًّا لَمْ يَجِدْ إِلَيْهِ طَرِيقًا ، لأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ قَالَ لِصَاحِبِهِ : أَقْرَرْتُكَ عَلَى خِلافِكَ ، وَأَجَزْتُ لَكَ أَنْ تَعْمَلَ بِهِ وَسَوُّغْتُ لِلْعَامَّةِ أَنْ يُقَلِّدُوكَ ، وَإِنْ قَالَ : اسْتِدْلالا طُولِبَ بِهِ ، فَإِنْ قَالَ : لَوْ كَانَ الْمُخَالِفُ مُخْطِئًا ، لَقَاتَلُوهُ قِيلَ لَهُ : لَيْسَ فِي ذَلِكَ قِتَالٌ ، لأَنَّ الْخَاطِئَ فِيهِ مَعْذُورٌ ، وَلَهُ عَلَى قَصْدٍ الصَّوَابِ أَجْرٌ ، وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ ، بِذَلِكَ كَمَا وَرَدَ بِالْعَفْوِ عَنِ النَّاسِي ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ قِتَالُهُ وَلا تَأْثِيمُهُ ، فَإِنْ قَالَ : لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ بَعْضَهُمَ خَطَّأَ بَعْضًا ، وَلَوْ كَانَ أَحَدٍ الْقَوْلَيْنِ خَطَأً وَالآخَرُ صَوَبًا لَوَجَبَ أَنْ يُخَطِّئَ مَنْ أَصَابَ الْحَقَّ مَنْ لَمْ يُصِبْهُ ، فَلَمَّا لَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُخَطِّئْهُ ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَدْ نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ

صحابي

أَبِيهِ

ثقة

الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

ثقة

مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ

صدوق فاضل عالم صالح

بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ

صدوق حسن الحديث

الْوَلِيدُ يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ

ثقة

مُوسَى بْنُ عَامِرِ بْنِ خُرَيْمٍ

صدوق حسن الحديث

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ

ثقة

عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَرْوَرُوذِيُّ

ثقة

الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ

ضعيف الحديث

Whoops, looks like something went wrong.