ذكر وحشة ادم في الارض حين نزلها وفضل البيت الحرام والحرم


تفسير

رقم الحديث : 31

حَدَّثَنِي جَدِّي ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ " آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمَّا هَبَطَ إِلَى الأَرْضِ اسْتَوْحَشَ فِيهَا لِمَا رَأَى مِنْ سَعَتِهَا ، وَلَمْ يَرَ فِيهَا أَحَدًا غَيْرَهُ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ ! أَمَا لأَرْضِكَ هَذِهِ عَامِرٌ يُسَبِّحُكَ فِيهَا ، وَيُقَدِّسُ لَكَ غَيْرِي ؟ قَالَ : إِنِّي سَأَجْعَلُ فِيهَا مِنْ ذُرِّيَّتِكَ مَنْ يُسَبِّحُ بِحَمْدِي ، وَيُقَدِّسُ لِي ، وَسَأَجْعَلُ فِيهَا بُيُوتًا ، تُرْفَعُ لِذِكْرِي ، وَيُسَبِّحُنِي فِيهَا خَلْقِي ، وَسَأُبَوِّئُكَ فِيهَا بَيْتًا أَخْتَارُهُ لِنَفْسِي ، وَأَخْتَصُّهُ بِكَرَامَتِي ، وَأُوثِرُهُ عَلَى بُيُوتِ الأَرْضِ كُلِّهَا بِاسْمِي ، فَأُسَمِّيهِ بَيْتِي ، وَأَنْطِقُهُ بِعَظَمَتِي ، وَأَجُوزُهُ بِحُرُمَاتِي ، وَأَجْعَلُهُ أَحَقَّ بُيُوتِ الأَرْضِ كُلِّهَا وَأَوْلاهَا بِذِكْرِي ، وَأَضَعُهُ فِي الْبُقْعَةِ الَّتِي اخْتَرْتُ لِنَفْسِي ، فَإِنِّي اخْتَرْتُ مَكَانَهُ يَوْمَ خَلَقْتُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ، وَقَبْلَ ذَلِكَ قَدْ كَانَ بُغْيَتِي ، فَهُوَ صَفْوَتِي مِنَ الْبُيُوتِ ، وَلَسْتُ أُسْكِنُهُ ، وَلَيْسَ يَنْبَغِي لِي أَنْ أُسْكِنَ الْبُيُوتَ ، وَلا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَسَعَنِي ، وَلَكِنْ عَلَى كُرْسِيِّ الْكِبْرِيَاءِ ، وَالْجَبَرُوتِ ، وَهُوَ الَّذِي اسْتَقَلَّ بِعِزَّتِي ، وَعَلَيْهِ وَضَعْتُ عَظَمَتِي وَجَلالِي ، وَهُنَالِكَ اسْتَقَرَّ قَرَارِي ، ثُمَّ هُوَ بَعْدُ ضَعِيفٌ عَنِّي لَوْلا قُوَّتِي ، ثُمَّ أَنَا بَعْدَ ذَلِكَ مِلْءُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَفَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَمَعَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَمُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ ، وأَمَامَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَخَلْفَ كُلِّ شَيْءٍ ، لَيْسَ يَنْبَغِي لِشَيْءٍ أَنْ يَعْلَمَ عِلْمِي ، وَلا يَقْدِرُ قُدْرَتِي ، وَلا يَبْلُغُ كُنْهَ شَأْنِي ، اجْعَلْ ذَلِكَ الْبَيْتَ لَكَ ، وَلِمَنْ بَعْدَكَ حَرَمًا وَأَمْنًا ، أُحَرِّمُ بِحُرُمَاتِهِ مَا فَوْقَهُ ، وَمَا تَحْتَهُ ، وَمَا حَوْلَهُ ، فَمَنْ حَرَّمَهُ بِحُرْمَتِي فَقَدْ عَظَّمَ حُرُمَاتِي ، وَمَنْ أَحَلَّهُ فَقَدْ أَبَاحَ حُرُمَاتِي ، وَمَنْ أَمَّنَ أَهْلَهُ فَقَدِ اسْتَوْجَبَ بِذَلِكَ أَمَانِي ، وَمَنْ أَخَافَهُمْ فَقَدْ أَخْفَرَنِي فِي ذِمَّتِي ، وَمَنْ عَظَّمَ شَأْنَهُ عَظُمَ فِي عَيْنِي ، وَمَنْ تَهَاوَنَ بِهِ صَغُرَ فِي عَيْنِي ، وَلِكُلِّ مَلَكٍ حِيَازَةُ مَا حَوَالَيْهِ ، وَبَطْنُ مَكَّةَ خِيرَتِي ، وَحِيَازَتِي ، وَجِيرَانُ بَيْتِي ، وَعُمَّارُهَا ، وَزُوَّارُهَا وَفْدِي ، وَأَضْيَافِي فِي كَنَفِي وَأَفْنِيَتِي ضَامِنُونَ عَلَيَّ فِي ذِمَّتِي وَجِوَارِي ، فَاجْعَلْهُ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ ، وَأَعْمِرْهُ بِأَهْلِ السَّمَاءِ ، وَأَهْلِ الأَرْضِ يَأْتُونَهُ أَفْوَاجًا شُعْثًا غُبْرًا عَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَعُجُّونَ بِالتَّكْبِيرِ عَجِيجًا ، وَيَرْجُونَ بِالتَّلْبِيَةِ رَجِيجًا ، وَيَنْتَحِبُونَ بِالْبُكَاءِ نَحِيبًا ، فَمَنِ اعْتَمَرَهُ ، لا يُرِيدُ غَيْرِي ، فَقَدْ زَارَنِي ، وَوَفَدَ إِلَيَّ ، وَنَزَلَ بِي ، وَمَنْ نَزَلَ بِي فَحَقِيقٌ عَلَيَّ أَنْ أُتْحِفَهُ بِكَرَامَتِي ، وَحَقُّ الْكَرِيمِ أَنْ يُكْرِمَ وَفْدَهُ وَأَضْيَافَهُ ، وَأَنْ يُسْعِفَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِحَاجَتِهِ ، تَعْمُرُهُ يَا آدَمُ مَا كُنْتَ حَيًّا ، ثُمَّ تَعْمُرُهُ مِنْ بَعْدِكَ الأُمَمُ ، وَالْقُرُونُ ، وَالأَنْبِيَاءُ أُمَّةٌ بَعْدَ أُمَّةٍ ، وَقَرْنٌ بَعْدَ قَرْنٍ ، وَنَبِيٌّ بَعْدَ نَبِيٍّ ، حَتَّى يَنْتَهِيَ ذَلِكَ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ وَلَدِكَ ، وَهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ ، فَاجْعَلْهُ مِنْ عُمَّارِهِ ، وَسُكَّانِهِ ، وَحُمَاتِهِ ، وَوُلاتِهِ ، وَسُقَاتِهِ ، يَكُونُ أَمِينِي عَلَيْهِ مَا كَانَ حَيًّا ، فَإِذَا انْقَلَبَ إِلَيَّ وَجَدَنِي قَدْ ذَخَرْتُ لَهُ مِنْ أَجْرِهِ وَفَضِيلَتِهِ مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ لِلْقُرْبَةِ مِنِّي ، وَالْوَسِيلَةِ إِلَيَّ ، وَأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ فِي دَارِ الْمُقَامِ ، وَاجْعَلِ اسْمَ ذَلِكَ الْبَيْتِ ، وَذِكْرَهُ ، وَشَرَفَهُ ، وَمَجْدَهُ ، وَثَنَاءَهُ ، وَمَكْرُمَتَهُ لِنَبِيٍّ مِنْ وَلَدِكِ يَكُونُ قَبْلَ هَذَا النَّبِيِّ ، وَهُوَ أَبُوهُ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ أَرْفَعُ لَهُ قَوَاعِدَهُ ، وَأَقْضِي عَلَى يَدَيْهِ عِمَارَتَهُ ، وَأُنِيطُ لَهُ سِقَايَتَهُ ، وَأُرِيهِ حِلَّهُ ، وَحَرَمَهُ ، وَمَوَاقِفَهُ ، وَأُعْلِمُهُ مَشَاعِرَهُ وَمَنَاسِكَهُ ، وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً وَاحِدَةً ، قَانِتًا لِي ، قَائِمًا بِأَمْرِي دَاعِيًا إِلَى سَبِيلِي ، أَجْتَبِيهِ ، وَأَهْدِيهِ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ، أَبْتَلِيهِ فَيَصْبِرُ ، وَأُعَافِيهِ فَيَشْكُرُ ، ويَنْذِرُ لِي فَيَفِي ، وَيَعِدُنِي فَيُنْجِزُ ، وَأَسْتَجِيبُ لَهُ فِي وَلَدِهِ وَذُرِّيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ ، وَأُشَفِّعُهُ فِيهِمْ ، فَاجْعَلْهُمْ أَهْلَ ذَلِكَ الْبَيْتِ ، وَوُلاتَهُ ، وَحُمَاتَهُ ، وَخُدَّامَهُ ، وَسُدَّانَهُ وَخُزَّانَهُ ، وَحُجَّاجَهُ ، حَتَّى يَبْتَدِعُوا وَيُغَيِّرُوا . فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَأَنَا اللَّهُ أَقْدَرُ الْقَادِرِينَ عَلَى أَنْ أَسْتَبْدِلَ مَنْ أَشَاءُ بِمَنْ أَشَاءُ ، أَجْعَلُ إِبْرَاهِيمَ إِمَامَ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ ، وَأَهْلِ تِلْكَ الشَّرِيعَةِ يَأْتَمُّ بِهِ مَنْ حَضَرَ تِلْكَ الْمَوَاطِنَ مِنْ جَمِيعِ الإِنْسِ ، وَالْجِنِّ يَطَئُونَ فِيهَا آثَارَهُ ، وَيَتَّبِعُونَ فِيهَا سُنَّتَهُ ، وَيَقْتَدُونَ فِيهَا بِهَدْيِهِ ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَوْفَى نَذْرَهُ ، وَاسْتَكْمَلَ نُسُكَهُ ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مِنْهُمْ ضَيَّعَ نُسُكَهُ ، وَأَخْطَأَ بُغْيَتَهُ ، فَمَنْ سَأَلَ عَنِّي يَوْمَئِذٍ فِي تِلْكَ الْمَوَاطِنِ ، أَيْنَ أَنَا ؟ فَأَنَا مَعَ الشُّعْثِ الْغُبْرِ الْمُوفِينَ بِنُذُورِهِمْ ، الْمُسْتَكْمِلِينَ مَنَاسِكَهُمْ ، الْمُبْتَهِلِينَ إِلَى رَبِّهِمُ الَّذِي يَعْلَمُ مَا يُبْدُونَ ، وَمَا يَكْتُمُونَ ، وَلَيْسَ هَذَا الْخَلْقُ ، وَلا هَذَا الأَمْرُ الَّذِي قَصَصْتُ عَلَيْكَ شَأْنَهُ يَا آدَمُ بِزَايِدٍ فِي مُلْكِي ، وَلا عَظَمَتِي ، وَلا سُلْطَانِي ، وَلا شَيْءٍ مِمَّا عِنْدِي إِلا كَمَا زَادَتْ قَطْرَةٌ مِنْ رَشَاشٍ وَقَعَتْ فِي سَبْعَةِ أَبْحُرٍ تَمُدُّهَا مِنْ بَعْدِهَا سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ، لا تُحْصَى ، بَلِ الْقَطْرَةُ أَزْيَدُ فِي الْبَحْرِ مِنْ هَذَا الأَمْرِ فِي شَيْءٍ مِمَّا عِنْدِي ، وَلَوْ لَمْ أَخْلُقْهُ لَمْ يَنْقُصْ شَيْئًا مِنْ مُلْكِي وَلا عَظَمَتِي ، وَلا عِنْدِي مِنَ الْغِنَاءِ ، وَالسَّعَةِ إِلا كَمَا نَقَصَتِ الأَرْضُ ذَرَّةً وَقَعَتْ مِنْ جَمِيعِ تُرَابِهَا ، وَجِبَالِهَا وَحَصَاهَا ، وَرِمَالِهَا ، وَأَشْجَارِهَا ، بَلِ الذُّرَةُ أَنْقُصُ فِي الأَرْضِ مِنْ هَذَا الأَمْرِ ، لَوْ لَمْ أَخْلُقْهُ لِشَيْءٍ مِمَّا عِنْدِي ، وَبَعْدَ هَذَا مِنْ هَذَا مَثَلا لِلْعَزِيزِ الْحَكِيمِ " حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ أَبِي الْمَهْدِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، بِنَحْوِهِ .

الرواه :

الأسم الرتبة