ما جاء في ذات انواط


تفسير

رقم الحديث : 126

حَدَّثَنِي جَدِّي ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ - يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ - قَالا : " أَقَامَتْ خُزَاعَةُ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ وِلايَةِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ، وَالْحُكْمِ بِمَكَّةَ ثَلاثَمِائَةِ سَنَةٍ ، وَكَانَ بَعْضُ التَّبَابِعَةِ قَدْ سَارَ إِلَيْهِ ، وَأَرَادَ هَدْمَهُ ، وَتَخْرِيبَهُ ، فَقَامَتْ دُونَهُ خُزَاعَةُ ، فَقَاتَلَتْ عَلَيْهِ أَشَدَّ الْقِتَالِ حَتَّى رَجَعَ ، ثُمَّ آخَرُ ، فَكَذَلِكَ ، وَأَمَّا التُّبَّعُ الثَّالِثُ الَّذِي نَحَرَ لَهُ ، وَكَسَاهُ ، وَجَعَلَ لَهُ غَلَقًا ، وَأَقَامَ عِنْدَهُ أَيَّامًا ، يَنْحَرُ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ بَدَنَةٍ ، لا يَرْزَأُ هُوَ ، وَلا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ عَسْكَرِهِ شَيْئًا مِنْهَا ، يَرِدُهَا النَّاسُ فِي الْفِجَاجِ وَالشِّعَابِ ، فَيَأْخُذُونَ مِنْهَا حَاجَتَهُمْ ، ثُمَّ تَقَعُ عَلَيْهَا الطَّيْرُ فَتَأْكُلُ ، ثُمَّ تَنْتَابُهَا السِّبَاعُ إِذَا أَمْسَتْ ، لا يُرَدُّ عَنْهَا إِنْسَانٌ وَلا طَيْرٌ وَلا سَبُعٌ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْيَمَنِ إِنَّمَا كَانَ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ ، فَلَبِثَتْ خُزَاعَةُ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ ، وَقُرَيْشٌ إِذْ ذَاكَ فِي بَنِي كِنَانَةَ مُتَفَرِّقَةٌ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَعْضِ الزَّمَانِ حَاجُّ قُضَاعَةَ ، فِيهِمْ رَبِيعَةُ بْنُ حَرَامِ بْنِ ضَبَّةَ بْنِ عَبْدِ بْنِ كَبِيرِ بْنِ عُذْرَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدٍ ، وَقَدْ هَلَكَ كِلابُ بْنُ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ ، وَتَرَكَ زُهْرَةَ وَقُصَيًّا ، ابْنَيْ كِلابٍ مَعَ أُمِّهِمَا فَاطِمَةَ بِنْتِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ سَيْلٍ ، وَسَعْدُ بْنُ سَيَلٍ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ الشَّاعِرُ ، وَكَانَ أَشْجَعَ أَهْلِ زَمَانِهِ : لا أَرَى فِي النَّاسِ شَخْصًا وَاحِدًا فَاعْلَمُوا ذَاكَ كَسَعْدِ بْنِ سَيَلْ فَارِسٌ أضبط فِي عُسْرَةٍ فَإِذَا مَا عَايَنَ الْقَرْنَ نَزَلْ فَارِسٌ يَسْتَدْرِجُ الْخَيْلَ كَمَا يُدْرِجُ الْحُرُّ الْقَطَامِيُّ الْحَجَلْ وَزُهْرَةُ أَكْبَرُهُمَا ، فَتَزَوَّجَ رَبِيعَةُ بْنُ حَرَامٍ أُمَّهُمَا ، وَزُهْرَةُ رَجُلٌ بَالِغٌ ، وَقُصَيٌّ فَطِيمٌ أَوْ فِي سِنِّ الْفَطِيمِ ، فَاحْتَمَلَهَا رَبِيعَةُ إِلَى بِلادِهِمْ مِنْ أَرْضِ عُذْرَةَ مِنْ أَشْرَافِ الشَّامِ ، فَاحْتَمَلَتْ مَعَهَا قُصَيًّا لِصِغَرِهِ ، وَتَخَلَّفَ زُهْرَةُ فِي قَوْمِهِ ، فَوَلَدَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ لِرَبِيعَةَ رَزَاحَ بْنَ رَبِيعَةَ ، فَكَانَ أَخَا قُصَيِّ بْنِ كِلابٍ لأُمِّهِ ، وَلِرَبِيعَةَ بْنِ حَرَامٍ مِنَ امْرَأَةٍ أُخْرَى ثَلاثَةُ نَفَرٍ : حُنٌّ ، وَمَحْمُودَةٌ ، وَجَلْهَمَةُ بَنُو رَبِيعَةَ ، فَبَيْنَا قُصَيُّ بْنُ كِلابٍ فِي أَرْضِ قُضَاعَةَ ، لا يَنْتَمِي إِلا إِلَى رَبِيعَةَ بْنِ حَزَامٍ ، إِذْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ قُضَاعَةَ شَيْءٌ ، وَقُصَيٌّ قَدْ بَلَغَ ، فَقَالَ لَهُ الْقُضَاعِيُّ : أَلا تَلْحَقُ بِنَسَبِكَ ، وَقَوْمِكَ ، فَإِنَّكَ لَسْتَ مِنَّا . فَرَجَعَ قُصَيٌّ إِلَى أُمِّهِ ، وَقَدْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ مِمَّا قَالَ لَهُ الْقُضَاعِيُّ ، فَسَأَلَهَا عَمَّا قَالَ لَهُ ، فَقَالَتْ : وَاللَّهِ أَنْتَ يَا بُنَيَّ خَيْرٌ مِنْهُ وَأَكْرَمُ ، أَنْتَ ابْنُ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ ، وَقَوْمُكَ عِنْدَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ، وَمَا حَوْلَهُ . فَأَجْمَعَ قُصَيٌّ لِلْخُرُوجِ إِلَى قَوْمِهِ وَاللِّحَاقِ بِهِمْ ، وَكَرِهَ الْغُرْبَةَ فِي أَرْضِ قُضَاعَةَ ، فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ : يَا بُنَيَّ ، لا تَعْجَلْ بِالْخُرُوجِ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْكَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ ، فَتَخْرُجَ فِي حَاجِّ الْعَرَبِ ؛ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكَ . فَأَقَامَ قُصَيٌّ حَتَّى دَخَلَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ ، وَخَرَجَ فِي حَاجِّ قُضَاعَةَ ، حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْحَجِّ ، أَقَامَ بِهَا ، وَكَانَ قُصَيٌّ رَجُلا جَلِيدًا حَازِمًا بَارِعًا ، فَخَطَبَ إِلَى خَلِيلِ بْنِ حَبَشِيَّةَ بْنِ سَلُولَ الْخُزَاعِيِّ ابْنَتَهُ حُبَّى ابْنَةَ خَلِيلٍ ، فَعَرَفَ خَلِيلٌ نَسَبَهُ ، وَرَغِبَ فِي الرَّجُلِ ، فَزَوَّجَهُ ، وَخَلِيلٌ يَوْمَئِذٍ يَلِي الْكَعْبَةَ ، وَأَمْرَ مَكَّةَ ، فَأَقَامَ قُصَيٌّ مَعَهُ حَتَّى وَلَدَتْ حُبَّى لِقُصَيٍّ : عَبْدَ الدَّارِ ، وَهُوَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ ، وَعَبْدَ مَنَافٍ ، وَعَبْدَ الْعُزَّى ، وَعَبْدًا بَنِي قُصَيٍّ ، فَكَانَ خَلِيلٌ يَفْتَحُ الْبَيْتَ ، فَإِذَا اعْتَلَّ أَعْطَى ابْنَتَهُ حُبَّى الْمِفْتَاحَ فَفَتَحَتْهُ ، فَإِذَا اعْتَلَّتْ أَعْطَتِ الْمِفْتَاحَ زَوْجَهَا قُصَيًّا ، أَوْ بَعْضَ وَلَدِهَا فَيَفْتَحُهُ ، وَكَانَ قُصَيٌّ يَعْمَلُ فِي حِيَازَتِهِ إِلَيْهِ ، وَقَطَعَ ذِكْرَ خُزَاعَةَ عَنْهُ ، فَلَمَّا حَضَرَتْ خَلِيلا الْوَفَاةُ نَظَرَ إِلَى قُصَيٍّ ، وَإِلَى مَا انْتَشَرَ لَهُ مِنَ الْوَلَدِ مِنَ ابْنَتَهِ ، فَرَأَى أَنْ يَجْعَلَهَا فِي وَلَدِ ابْنَتِهِ ، فَدَعَا قُصَيًّا ، فَجَعَلَ لَهُ وِلايَةَ الْبَيْتِ ، وَأَسْلَمَ إِلَيْهِ الْمِفْتَاحَ ، وَكَانَ يَكُونُ عِنْدَ حُبَّى ، فَلَمَّا هَلَكَ خَلِيلٌ أَبَتْ خُزَاعَةُ أَنْ تَدَعَهُ وَذَاكَ ، وَأَخَذُوا الْمِفْتَاحَ مِنْ حُبَّى ، فَمَشَى قُصَيٌّ إِلَى رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَبَنِي كِنَانَةَ ، وَدَعَاهُمْ إِلَى أَنْ يَقُومُوا مَعَهُ فِي ذَلِكَ ، وَأَنْ يَنْصُرُوهُ ، وَيُعَضِّدُوهُ ، فَأَجَابُوهُ إِلَى نَصْرِهِ ، وَأَرْسَلَ قُصَيٌّ إِلَى أَخِيهِ لأُمِّهِ ، رَزَاحِ بْنِ رَبِيعَةَ ، وَهُوَ بِبِلادِ قَوْمِهِ مِنْ قُضَاعَةَ ، يَدْعُوهُ إِلَى نَصْرِهِ ، وَيُعْلِمُهُ مَا حَالَتْ خُزَاعَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وِلايَةِ الْبَيْتِ ، وَيَسْأَلُهُ الْخُرُوجَ إِلَيْهِ بِمَنْ أَجَابَهُ مِنْ قَوْمِهِ ، فَقَامَ رَزَاحٌ فِي قَوْمِهِ ، فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ ، فَخَرَجَ رَزَاحُ بْنُ رَبِيعَةَ ، وَمَعَهُ إِخْوَتُهُ مِنْ أَبِيهِ : حُنٌّ ، وَمَحْمُودَةٌ ، وَجَلْهَمَةُ بَنُو رَبِيعَةَ بْنِ حَزَامٍ فِيمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ قُضَاعَةَ فِي حَاجِّ الْعَرَبِ ، مُجْتَمِعِينَ لِنَصْرِ قُصَيٍّ ، وَالْقِيَامِ مَعَهُ ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ بِمَكَّةَ ، خَرَجُوا إِلَى الْحَجِّ ، فَوَقَفُوا بِعَرَفَةَ ، وَبِجَمْعٍ ، وَنَزَلُوا مِنًى ، وَقُصَيٌّ مُجْمِعٌ عَلَى مَا أَجْمَعَ مِنْ قِتَالِهِمْ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَبَنِي كِنَانَةَ ، وَمَنْ قَدِمَ عَلَيْهِ مَعَ أَخِيهِ رَزَاحٍ مِنْ قُضَاعَةَ ، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ أَيَّامِ مِنًى ، أَرْسَلَتْ قُضَاعَةُ إِلَى خُزَاعَةَ يَسْأَلُونَهُمْ أَنْ يُسَلِّمُوا إِلَى قُصَيٍّ مَا جَعَلَ لَهُ خَلِيلٌ ، وَعَظَّمُوا عَلَيْهِمُ الْقِتَالَ فِي الْحَرَمِ ، وَحَذَّرُوهُمُ الظُّلْمَ وَالْبَغْيَ بِمَكَّةَ ، وَذَكَّرُوهُمْ مَا كَانَتْ فِيهِ جُرْهُمٌ ، وَمَا صَارَتْ إِلَيْهِ حِينَ أَلْحَدُوا فِيهِ بِالظُّلْمِ وَالْبَغْيِ ، فَأَبَتْ خُزَاعَةُ أَنْ تُسَلِّمَ ذَلِكَ ، فَاقْتَتَلُوا بِمَفْضَى مَأْزِمَيْ مِنًى . قَالَ : فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْمَكَانُ الْمَفْجَرَ لِمَا فُجِرَ فِيهِ ، وَسُفِكَ فِيهِ مِنَ الدِّمَاءِ ، وَانْتُهِكَ مِنْ حُرْمَتِهِ ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا ، حَتَّى كَثُرَتِ الْقَتْلَى فِي الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا ، وَفَشَتْ فِيهِمُ الْجِرَاحَاتُ ، وَحَاجُّ الْعَرَبِ جَمِيعًا مِنْ مُضَرَ وَالْيَمَنِ مُسْتَكْفُونَ يَنْظُرُونَ إِلَى قِتَالِهِمْ ، ثُمَّ تَدَاعَوْا إِلَى الصُّلْحِ ، وَدَخَلَتْ قَبَائِلُ الْعَرَبِ بَيْنَهُمْ ، وَعَظَّمُوا عَلَى الْفَرِيقَيْنِ سَفْكَ الدِّمَاءِ ، وَالْفُجُورَ فِي الْحَرَمِ ، فَاصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يُحَكِّمُوا بَيْنَهُمْ رَجُلا مِنَ الْعَرَبِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ، فَحَكَّمُوا يَعْمَرَ بْنَ عَوْفِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ ، وَكَانَ رَجُلا شَرِيفًا ، فَقَالَ لَهُمْ : مَوْعِدُكُمْ فِنَاءُ الْكَعْبَةِ غَدًا . فَاجْتَمَعَ النَّاسُ ، وَعَدُّوا الْقَتْلَى ، فَكَانَتْ فِي خُزَاعَةَ أَكْثَرَ مِنْهَا فِي قُرَيْشٍ ، وَقُضَاعَةَ ، وَكِنَانَةَ ، وَلَيْسَ كُلُّ بَنِي كِنَانَةَ قَاتَلَ مَعَ قُصَيٍّ ، إِنَّمَا كَانَتْ مَعَ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ قَبَائِلُ يَسِيرَةٌ ، وَاعْتَزَلَتْ عَنْهَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ مَنَاةَ قَاطِبَةً ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ ، قَامَ يَعْمَرُ بْنُ عَوْفٍ ، فَقَالَ : أَلا إِنِّي قَدْ شَدَخْتُ مَا كَانَ بَيْنَكُمْ مِنْ دَمٍ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ ، فَلا تِبَاعَةَ لأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فِي دَمٍ ، وَإِنِّي قَدْ حَكَمْتُ لِقُصَيٍّ بِحِجَابَةِ الْكَعْبَةِ ، وَوِلايَةِ أَمْرِ مَكَّةَ دُونَ خُزَاعَةَ ؛ لِمَا جَعَلَ لَهُ خَلِيلٌ ، وَأَنْ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ ، وَأَنْ لا تَخْرُجَ خُزَاعَةُ عَنْ مَسَاكِنِهَا مِنْ مَكَّةَ . قَالَ : فَسُمِّيَ يَعْمَرُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ : الشَّدَّاخَ ، فَسَلَّمَتْ ذَلِكَ خُزَاعَةُ لِقُصَيٍّ ، وَعَظَّمُوا سَفْكَ الدِّمَاءِ فِي الْحَرَمِ ، وَافْتَرَقَ النَّاسُ ، فَوَلِيَ قُصَيُّ بْنُ كِلابٍ حِجَابَةَ الْكَعْبَةِ ، وَأَمْرَ مَكَّةَ ، وَجَمَعَ قَوْمَهُ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ مَنَازِلِهِمْ إِلَى مَكَّةَ ، يَسْتَعِزُّ بِهِمْ ، وَتَمَلَّكَ عَلَى قَوْمِهِ فَمَلَّكُوهُ ، وَخُزَاعَةُ مُقِيمَةٌ بِمَكَّةَ ، عَلَى رِبَاعِهِمْ ، وَسَكَنَاتِهِمْ ، لَمْ يُحَرِّكُوا ، وَلَمْ يَخْرُجُوا مِنْهَا ، فَلَمْ يَزَالُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى الآنَ . وَقَالَ قُصَيٌّ فِي ذَلِكَ ، وَهُوَ يَتَشَكَّرُ لأَخِيهِ ، رَزَاحِ بْنِ رَبِيعَةَ : أَنَا ابْنُ الْعَاصِمَيْنِ بَنِي لُؤَيٍّ بِمَكَّةَ مَوْلِدِي وَبِهَا رَبِيتُ وَلِي الْبَطْحَاءُ قَدْ عَلِمَتْ مَعَدٌّ وَمَرْوَتُهَا رَضِيتُ بِهَا رَضِيتُ وَفِيهَا كَانَتِ الآبَاءُ قَبْلِي فَمَا شُوِيَتْ أُخَيَّ وَلا شُوِيتُ فَلَسْتُ لِغَالِبٍ إِنْ لَمْ تَأَثَّلْ بِهَا أَوْلادُ قَيْدَرَ وَالنَّبِيتُ رَزَاحٌ نَاصِرِي وَبِهِ أُسَامِي فَلَسْتُ أَخَافُ ضَيْمًا مَا حَيِيتُ فَكَانَ قُصَيٌّ أَوَّلَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ أَصَابَ مُلْكًا ، وَأَطَاعَ لَهُ بِهِ قَوْمُهُ ، فَكَانَتْ إِلَيْهِ الْحِجَابَةُ ، وَالرِّفَادَةُ ، وَالسِّقَايَةُ ، وَالنَّدْوَةُ ، وَاللِّوَاءُ ، وَالْقِيَادَةُ ، فَلَمَّا جَمَعَ قُصَيٌّ قُرَيْشًا بِمَكَّةَ سُمِّيَ : مُجَمِّعًا ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ حُذَافَةُ بْنُ غَانِمٍ الْجُمَحِيُّ يَمْدَحُهُ : أَبُوهُمْ قُصَيٌّ كَانَ يُدْعَى مُجَمِّعًا بِهِ جَمَعَ اللَّهُ الْقَبَايِلَ مِنْ فِهْرِ هُمُ نَزَلُوهَا وَالْمِيَاهُ قَلِيلَةٌ وَلَيْسَ بِهَا إِلا كُهُولُ بَنِي عُمَرِ يَعْنِي : خُزَاعَةَ . قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ " وَزَادَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ كَعْبٍ الْخُزَاعِيُّ : أَقَمْنَا بِهَا وَالنَّاسُ فِيهَا قَلايِلُ وَلَيْسَ بِهَا إِلا كُهُولُ بَنِي عُمَرَ هُمُ مَلَئُوا الْبَطْحَاءَ مَجْدًا وَسُؤْدُدًا وَهُمْ طَرَدُوا عَنْهَا غُوَاةَ بَنِي بَكْرِ وَهُمْ حَفَرُوهَا وَالْمِيَاهُ قَلِيلَةٌ وَلَمْ يُسْتَقَى إِلا بِنَكْدٍ مِنَ الْحَفْرِ حَلِيلُ الَّذِي عَادَى كِنَانَةَ كُلَّهَا وَرَابَطَ بَيْتَ اللَّهِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ أَحَازِمُ إِمَّا أَهْلِكَنَّ فَلا تَزَلْ لَهُمْ شَاكِرًا حَتَّى تُوَسَّدَ فِي الْقَبْرِ وَيُقَالُ : مِنْ أَجْلِ تَجَمُّعِ قُرَيْشٍ إِلَى قُصَيٍّ سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشًا . وَأَنْشَدَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَلَبِيُّ التَّقَرُّشِ ، وَهُوَ الاجْتِمَاعُ : أَيُجْدِي كَثْحُنَا لِلطِّعَانِ إِذَا اقْتَرَشَ الْقَنَا وَتَقَعْقَعَ الْحَجَفُ وَلِبَعْضِهِمْ : قَوَارِشُ بِالرِّمَاحِ كَأَنَّ فِيهَا شَوَاطِنَ تَنْتَزِعْنَ بِهِ انْتِزَاعًا وَالتَّجَمُّعُ : التَّقَرُّشُ فِي بَعْضِ كَلامِ الْعَرَبِ . وَيُقَالُ : كَانَ يُقَالُ لِقُصَيٍّ الْقُرَشِيُّ ، وَلَمْ يُسَمَّ قُرَشِيٌّ قَبْلَهُ . وَيُقَالُ أَيْضًا : إِنَّ النَّضْرَ بْنَ كِنَانَةَ كَانَ يُسَمَّى الْقُرَشِيَّ . وَقَدْ قِيلَ أَيْضًا : إِنَّمَا سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشًا ؛ أَنَّهَا كَانَتْ تُجَّارًا تَكْتَسِبُ وَتَتَّجِرُ وَتَحْتَرِشُ ، فَشُبِّهَتْ بِحُوتٍ فِي الْبَحْرِ " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.