حَدَّثَنِي جَدِّي ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي مُقَاتِلٌ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ ، قَالَ : " بَلَغَنِي أَنَّ التَّضَلُّعَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ بَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ ، وَأَنَّ مَاءَهَا يَذْهَبُ بِالصُّدَاعِ ، وَأَنَّ الإِطِّلاعَ فِيهَا يَجْلُو الْبَصَرَ ، وَأَنَّهُ سَيَأْتِي عَلَيْهِ زَمَانٌ يَكُونُ أَعْذَبَ مِنَ النِّيلِ وَالْفُرَاتِ " قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ : وَقَدْ رَأَيْنَا ذَلِكَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَصَابَ مَكَّةَ أَمْطَارٌ كَثِيرَةٌ ، فَسَالَ وَادِيهَا بِأَسْيَالٍ عِظَامٍ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ ، وَسَنَةِ ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ ، فَكَثُرَ مَاءُ زَمْزَمَ وَارْتَفَعَ حَتَّى كَانَ قَارَبَ رَأْسَهَا ، فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَفَتِهَا الْعُلْيَا إِلا سَبْعَةُ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا ، وَمَا رَأَيْتُهَا قَطُّ كَذَلِكَ ، وَلا سَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ أَنَّهُ رَآهَا كَذَلِكَ ، وَعَذُبَتْ جِدًّا حَتَّى كَانَ مَاؤُهَا أَعْذَبَ مِنْ مِيَاهِ مَكَّةَ الَّتِي يَشْرَبُهَا أَهْلُهَا ، وَكُنْتُ أَنَا وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ نَخْتَارُ الشَّرَابَ مِنْهَا لِعُذُوبَتِهِ ، وَأَنَّا رَأَيْنَاهُ أَعْذَبَ مِنْ مِيَاهِ الْعُيُونِ ، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنَ الْمَشَايِخِ يَذْكُرُ أَنَّهُ رَآهَا بِهَذِهِ الْعُذُوبَةِ ، ثُمَّ غَلُظَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَلاثَةٍ وَثَمَانِينَ وَمَا بَعْدَهَا ، وَكَانَ الْمَاءُ فِي الْكَثْرَةِ عَلَى حَالِهِ ، وَكُنَّا نُقَدِّرُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي بَطْنِ وَادِي مَكَّةَ لَسَالَ مَاؤُهَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ ؛ لأَنَّ الْمَسْجِدَ أَرْفَعُ مِنَ الْوَادِي وَزَمْزَمَ أَرْفَعُ مِنَ الْمَسْجِدِ ، وَكَانَتْ فِجَاجُ مَكَّةَ وَشِعَابُهَا فِي هَاتَيْنِ السَّنَتَيْنِ وَبُيُوتُهُمَا الَّتِي فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ تَتَفَجَّرُ مَاءً " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |