حَدَّثَنِي جَدِّي ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ " لَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ، جَاءَهُ جِبْرِيلُ ، فَقَالَ : طُفْ بِهِ سَبْعًا ، فَطَافَ بِهِ سَبْعًا ، هُوَ وَإِسْمَاعِيلُ ، يَسْتَلِمَانِ الأَرْكَانَ كُلَّهَا فِي كُلِّ طَوَافٍ ، فَلَمَّا أَكْمَلا سَبْعًا هُوَ وَإِسْمَاعِيلُ ، صَلَّيَا خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ ، قَالَ : فَقَامَ مَعَهُ جِبْرِيلُ ، فَأَرَاهُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا : الصَّفَا ، وَالْمَرْوَةَ ، وَمِنًى ، وَمُزْدَلِفَةَ ، وَعَرَفَةَ ، قَالَ : فَلَمَّا دَخَلَ مِنًى ، وَهَبَطَ مِنَ الْعَقَبَةِ ، تَمَثَّلَ لَهُ إِبْلِيسُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ : ارْمِهْ ، فَرَمَاهُ إِبْرَاهِيمُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ ، فَغَابَ عَنْهُ . ثُمَّ بَرَزَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ : ارْمِهْ ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ ، فَغَابَ عَنْهُ ، ثُمَّ بَرَزَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ السُّفْلَى ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ : ارْمِهْ ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ ، مِثْلَ حَصَى الْخَذْفِ ، فَغَابَ عَنْهُ إِبْلِيسُ ، ثُمَّ مَضَى إِبْرَاهِيمُ فِي حَجِّهِ ، وَجِبْرِيلُ يُوقِفُهُ عَلَى الْمَوَاقِفَ ، وَيُعَلِّمُهُ الْمَنَاسِكَ ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى عَرَفَةَ ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهَا ، قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ : أَعَرَفْتَ مَنَاسِكَكَ ؟ قَالَ إِبْرَاهِيمُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَسُمِّيَتْ عَرَفَاتٍ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ : أَعَرَفْتَ مَنَاسِكَكَ ؟ ثُمَّ أَمَرَ إِبْرَاهِيمَ : أَنْ يُؤَذِّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ، قَالَ : ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ : يَا رَبِّ مَا يَبْلُغُ صَوْتِي ؟ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : أَذِّنْ ، وَعَلَيَّ الْبَلاغُ ، قَالَ : فَعَلا عَلَى الْمَقَامِ ، فَأَشْرَفَ بِهِ ، حَتَّى صَارَ أَرْفَعَ الْجِبَالِ ، وَأَطْوَلَهَا ، فَجُمِعَتْ لَهُ الأَرْضُ يَوْمَئِذٍ سَهْلُهَا ، وَجَبَلُهَا ، وَبَرُّهَا ، وَبَحْرُهَا ، وَإِنْسُهَا ، وَجِنُّهَا ، حَتَّى أَسْمَعَهُمْ جَمِيعًا ، قَالَ : فَأَدْخَلَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ ، وَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ يَمِينًا ، وَشِمَالا ، شَرْقًا ، وَغَرْبًا ، وَبَدَأَ بِشِقِّ الأَيْمَنِ ، فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ، فَأَجِيبُوا رَبَّكُمْ ، فَأَجَابُوهُ مِنْ تَحْتِ التُّخُومِ السَّبْعَةِ ، وَمِنْ بَيْنِ الْمَشْرِقِ ، وَالْمَغْرِبِ إِلَى مُنْقَطَعِ التُّرَابِ مِنْ أَقْطَارِ الأَرْضِ كُلِّهَا : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ . قَالَ : وَكَانَتِ الْحِجَارَةُ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ ، إِلا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ الْمَقَامَ آيَةً ، فَكَانَ أَثَرُ قَدَمَيْهِ فِي الْمَقَامِ إِلَى الْيَوْمِ ، قَالَ : أَفَلا تَرَاهُمُ الْيَوْمَ يَقُولُونَ : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ؟ قَالَ : فَكُلُّ مَنْ حَجَّ إِلَى الْيَوْمِ ، فَهُوَ مِمَّنْ أَجَابَ إِبْرَاهِيمَ ، وَإِنَّمَا حَجُّهُمْ عَلَى قَدْرِ إِجَابَتِهِمْ يَوْمَئِذٍ ، فَمَنْ حَجَّ حَجَّتَيْنِ فَقَدْ كَانَ أَجَابَ مَرَّتَيْنِ ، أَوْ ثَلاثًا ، فَثَلاثًا عَلَى هَذَا ، قَالَ : وَأَثَرُ قَدَمَيْ إِبْرَاهِيمَ فِي الْمَقَامِ آيَةٌ ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا سورة آل عمران آية 97 وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : " وَبَلَغَنِي أَنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ اسْتَلَمَ الأَرْكَانَ كُلَّهَا ، قَبْلَ إِبْرَاهِيمَ ، وَحَجَّةِ إِسْحَاقَ ، وَسَارَةَ مِنَ الشَّامِ ، قَالَ : وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَحُجُّهُ كُلَّ سَنَةٍ عَلَى الْبُرَاقِ ، قَالَ : وَحَجَّتْ بَعْدَ ذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ ، وَالأُمَمُ " .