حَدَّثَنِي جَدِّي ، قَالَ : حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ : " أَنَّ بَنِيَ إِسْمَاعِيلَ ، وَجُرْهُمٍ ، مِنْ سَاكِنِي مَكَّةَ ، ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ مَكَّةُ ، فَتَفَسَّحُوا فِي الْبِلادِ ، وَالْتَمَسُوا الْمَعَاشَ ، فَيَزْعُمُونَ أَنَّ أَوَّلَ مَا كَانَتْ عِبَادَةُ الْحِجَارَةِ فِي بَنِي إِسْمَاعِيلَ ، أَنَّهُ كَانَ لا يَظْعَنُ مِنْ مَكَّةَ ظَاعِنٌ مِنْهُمْ إِلا احْتَمَلَ مَعَهُ مِنْ حِجَارَةِ الْحَرَمِ ؛ تَعْظِيمًا لِلْحَرَمِ ، وَصَيَابَةً بِمَكَّةَ ، وَبِالْكَعْبَةِ حَيْثُمَا حَلُّوا وَضَعُوهُ ، وَطَافُوا بِهِ ، كَالطَّوَافِ بِالْكَعْبَةِ ، حَتَّى سَلَخَ ذَلِكَ بِهِمْ ، إِلَى أَنْ كَانُوا يَعْبُدُونَ مَا اسْتَحْسَنُوا مِنَ الْحِجَارَةِ ، وَأَعْجَبَهُمْ مِنْ حِجَارَةِ الْحَرَمِ خَاصَّةً ، حَتَّى خَلَفَتِ الْخُلُوفُ بَعْدَ الْخُلُوفِ ، وَنَسُوا مَا كَانُوا عَلَيْهِ ، وَاسْتَبْدَلُوا بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ غَيْرَهُ ، فعَبَدُوا الأَوْثَانَ ، وَصَارُوا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الأُمَمُ قَبْلَهُمْ مِنَ الضَّلالاتِ ، وانتحوا مَا كَانَ يَعْبُدُ قَوْمُ نُوحٍ مِنْهَا عَلَى إِرْثِ مَا كَانَ بَقِيَ فِيهِمْ مِنْ ذِكْرِهَا ، وَفِيهِمْ - عَلَى ذَلِكَ - بَقَايَا مِنْ عَهْدِ إِبْرَاهِيمَ ، وَإِسْمَاعِيلَ يَتَنَسَّكُونَ بِهَا ، مِنْ تَعْظِيمِ الْبَيْتِ ، وَالطَّوَافِ بِهِ ، وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ، وَالْوُقُوفِ عَلَى عَرَفَةَ ، وَمُزْدَلِفَةِ ، وَهَدْيِ الْبُدْنِ ، وَالإِهْلالِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ، مَعَ إِدْخَالِهِمْ فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ غَيَّرَ دِينَ إِبْرَاهِيمَ ، وَإِسْمَاعِيلَ ، وَنَصَبَ الأَوْثَانَ ، وَسَيَّبَ السَّائِبَةَ ، وَبَحَرَ الْبَحَيْرَةَ ، وَوَصَلَ الْوَصِيلَةَ ، وَحَمَى الْحَامِيَ : عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ " .