قَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ التَّوَّزِيِّ ، سَمَاعَهُ مِنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، قَالَ : اسْتَعَارَ رَجُلٌ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ كِتَابًا , ثُمَّ رَدَّهُ إِلَيْهِ بَعْدَ حِينٍ مُتَكَسِّرًا مُتَغَيِّرًا , عَلَيْهِ آثَارُ الْبُزُورِ وَغَيْرِهِ , فَسَأَلَهُ أَنْ يُعِيرَهُ غَيْرَهُ , فَقَالَ لَهُ : مَا أَحْسَنْتَ ضِيَافَةَ الأَوَّلِ فَنُضِيفَكَ الثَّانِي ، قَالَ : وَاسْتَعَارَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ كِتَابًا بِنَفْسِهِ ثُمَّ رَدَّهُ مَعَ غُلامٍ لَهُ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ : لَيْسَ مِنْ حَقِّ الْعِلْمِ أَنْ يُمَكَّنَ مِنْهُ غَيْرُ أَهْلِ الْعِلْمِ , وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْكَرَامَةُ فِي رَدِّهِ كَالْكَرَامَةِ فِي أَخْذِهِ , وَإِنَّكَ لَمَّا أَخَذْتَهُ بِنَفْسِكَ وَجَبَ أَنْ تَرُدَّهُ بِنَفْسِكَ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ : إِنَّ الْغُلامَ الَّذِي أَنْفَذْتُهُ مَعَهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَى الْمَالِ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ : الْعِلْمُ أَفْضَلُ مِنَ الْمَالِ ، وَلَيْسَ كُلُّ مُؤْتَمَنٍ عَلَى الْمَالِ يُؤْتَمَنُ عَلَى الْعِلْمِ , وَالْمَالُ يَعْرِفُ قَدْرَهُ كُلُّ أَحَدٍ ؛ فَهُوَ يَصُونُهُ وَيُعَظِّمُهُ ، وَلَيْسَ الْعِلْمُ كَذَلِكَ , وَلَمْ يُعِرْهُ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِكَ لِمُسَافِرِ بْنِ الْحَسَنِ أَحَدِ أُدَبَاءِ خُرَاسَانَ : أَجُودُ بِجُلِّ مَالِيَ لا أُبَالِي وَأَبْخَلُ عِنْدَ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ وَذَاكَ لأَنَّنِي أَنْفَقْتُ حِرْصًا عَلَى تَحْصِيلِهِ شَرْخَ الشَّبَابِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |