حَدَّثَنَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ ، لَفْظًا ، قَالَ : نا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا الْجَرِيرِيُّ ، أنا ابْنُ الأَنْبَارِيِّ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمَرْوَزِيِّ ، وأناه الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْخَزَّازُ ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيِّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ صَالِحٍ الْيَشْكُرِيُّ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ مُجِيبٍ الْمَازِنِيُّ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، قَالَ : " لَمَّا قَدِمَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَصْرَةَ وَالِيًا عَلَيْهَا ، قِيلَ لَهُ : إِنَّ بِالْمِرْبَدِ رَجُلا مِنْ بَنِي سَعْدٍ مَجْنُونًا ، سَرِيعَ الْجَوَابِ ، لا يَتَكَلَّمُ إِلا بِالشِّعْرِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ قَهْرَمَانًا لَهُ ، فَقَالَ لَهُ : أَجِبِ الأَمِيرَ ، فَامْتَنَعَ ، فَجَرَّهُ وَزَبَرَهُ ، وَخَرَقَ ثِيَابَهُ ، وَكَانَ الْمَجْنُونُ يَعْمَلُ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ ، فَاسْتَاقَ الْقَهْرَمَانُ النَّاقَةَ ، وَأَتَى بِهَا سُلَمْيَانَ بْنَ عَلِيٍّ ، فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ : حَيَّاكَ اللَّهُ يَا أَخَا بَنِي سَعْدٍ ، فَقَالَ : حَيَّاكَ رَبُّ النَّاسِ مِنْ أَمِير يَا فَاضِلَ الأَصْلِ عَظِيمَ الْخَيْرِ إِنِّي أَتَانِي الْفَاسِقُ الْجِلْوَازُ وَالْقَلْبُ قَدْ طَارَ بِهِ اشْتِرَازُ فَقَالَ سُلَيْمَانُ : إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِنَشْتَرِيَ نَاقَتَكَ ، فَقَالَ : مَا قَالَ شَيْئًا فِي شِرَاءِ النَّاقَةِ وَقَدْ أَتَى بِالْجَهْلِ وَالْحَمَاقَةِ قَالَ : مَا أَتَى ؟ فَقَالَ : خَرَقَ سِرْبَالِي وَشَقَّ بُرْدَتِي وَكَانَ وَجْهِي فِي الْمَلا وَزِينَتِي فَقَالَ لَهُ : نَخْلُفُ عَلَيْكَ وَنِعْمَةِ عَيْنٍ ، فَقَالَ : نَعَّمَكَ اللَّهُ وَأَرْخَى بَالَكَا وَأَكْثَرَ اللَّهُ لَنَا أَمْثَالَكَ قَالَ : أَفَتَعْزِمُ عَلَى بَيْعِ النَّاقَةِ ؟ فَقَالَ : أَبِيعُهَا مِنْ بَعْدِ مَالا أُوكَسُ وَالْبَيْعُ فِي بَعْضِ الأَوَانِ أَكْيَسُ قَالَ : كَمْ شِرَاؤُهَا عَلَيْكَ ؟ فَقَالَ : شِرَاؤُهَا عَشْرٌ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنَ الدَّنَانِيرِ الْقِيَامِ السِّكَّةِ وَلا أَبِيعُ الدَّهْرَ أَوْ أَزْدَادُ إِنِّي لِرِبْحٍ فِي الْهَوَى مُعْتَادُ قَالَ : فَبِكَمْ تَبِيعُهَا ؟ فَقَالَ : خُذْهَا بِعَشْرٍ وَبِخَمْسٍ وَازِنَةً فَإِنَّهَا نَاقَةُ صِدْقٍ مَازِنَةٌ قَالَ : تَحُطُّنَا وَتُحْسِنُ ، فَقَالَ : تَبَارَكَ اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَالِي تَسْأَلُنِي الْحَطَّ وَأَنْتَ الْوَالِي قَالَ : فَنَأْخُذُهَا وَلا نُعْطِيَكَ شَيْئًا ، فَقَالَ : وَأَيْنَ رَبِّي ذُو الْجَلالِ الأَفْضَلِ إِنْ أَنْتَ لَمْ تَخْشَ الإِلَهَ فَافْعَلِ فَقَالَ : كَمْ نَزِنُ لَكَ فِيهَا ؟ فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا يُنْعِشُنِي مَا تُعْطِي وَلا يُدَانِي الْفَقْرَ مِنِّي حَطِّي خُذْهَا بِمَا أَحْبَبْتَ يَابْنَ عَبَّاسِ يَابْنَ الْكِرَامِ مِنْ قُرَيشٍ وَالرَّاسِ فَأَمَرَ لَهُ سُلَيْمَانُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ أَثْوَابٍ ، فَقَالَ : إِنِّي رَمَتْنِي نَحْوَكَ الْفِجَاجُ أَبُو عِيَالٍ مُعْدَمٌ مُحْتَاجُ أَغُضُّ مِنِّي ضِيقَ الْمَعِيشِ فَأَنْبَتَ اللَّهُ لَدَيْكَ رِيشِي صَبَّحْتَنِي مِنْكَ بِأَلْفِ فَاخِرَةِ شَرَّفَكَ اللَّهُ بِهَا فِي الآخِرَةِ وَكِسْوَةٍ طَاهِرَةٍ حِسَانٍ كَسَاكَ رَبِّي حُلَلَ الْجِنَانِ فَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ : مَنْ يَقُولُ عَنْ هَذَا مَجْنُونٌ ؟ مَا كَلَّمْتُ أَعْرَابِيًّا أَعْقَلَ مِنْهُ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |