أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَرْفِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخُتُلِّيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ ، يَقُولُ : " كُنَّا نَظُنُّ أَنَّ كَثْرَةَ الْحَدِيثِ خَيْرٌ ، فَإِذَا هُوَ شَرٌّ كُلُّهُ " ، قَالَ الشَّيْخُ الْحَافِظُ : وَهَذَا الْكَلامُ كُلُّهُ قَرِيبٌ مِنْ كَلامِ الثَّوْرِيِّ فِي ذَمِّ شَوَاذِّ الْحَدِيثِ ، وَالْمَعْنَى فِيهِمَا سَوَاءٌ ، إِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ وَابْنُ إِدْرِيسَ وَغَيْرُهُمَا الإِكْثَارَ مِنْ طَلَبِ الأَسَانِيدِ الْغَرِيبَةِ وَالطُّرُقِ الْمُسْتَنْكَرَةِ كَأَسَانِيدِ : حَدِيثِ الطَّائِرِ ، وَطُرُقِ حَدِيثِ الْمِغْفَرِ ، وَغُسْلِ الْجُمُعَةِ ، وَقَبْضِ الْعِلْمِ ، وَإِنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ ، وَلا نِكَاحَ إِلا بِوَلِيٍّ ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَتَتَبَّعُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ طُرُقَهُ وُيَعْنَوْنَ بِجَمْعِهِ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ طُرُقِهِ أَقَلُّهَا ، وَأَكْثَرُ مَنْ يَجْمَعُ ذَلِكَ الأَحْدَاثُ مِنْهُمْ ، فَيَتَحَفَّظُونَهَا وَيُذَاكِرُونَ بِهَا ، وَلَعَلَّ أَحَدَهُمْ لا يَعْرِفُ مِنَ الصِّحَاحِ حَدِيثًا ، وَتَرَاهُ يَذْكُرُ مِنَ الطُّرُقِ الْغَرِيبَةِ وَالأَسَانِيدِ الْعَجِيبَةِ الَّتِي أَكْثَرُهَا مَوْضُوعٌ ، وَجُلُّهَا مَصْنُوعٌ ، مَا لا يَنْتَفِعُ بِهِ ، وَقَدْ أَذْهَبَ مِنْ عُمُرِهِ جُزْءًا فِي طَلَبِهِ ، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ ، هِيَ الَّتِي اقْتَطَعَتْ أَكْثَرَ مَنْ فِي عَصْرِنَا مِنْ طَلَبَةِ الْحَدِيثِ عَنِ التَّفَقُّهِ بِهِ ، وَاسْتِنْبَاطِ مَا فِيهِ مِنَ الأَحْكَامِ , وَقَدْ فَعَلَ مُتَفَقِّهَةُ زَمَانِنَا كَفِعْلِهِمْ ، وَسَلَكُوا فِي ذَلِكَ سَبِيلَهُمْ ، وَرَغَّبُوا عَنْ سَمَاعِ السُّنَنِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ ، وَشَغَلُوا أَنْفُسَهُمْ بِتَصَانِيفِ الْمُتَكَلِّمِينَ ، فَكِلا الطَّائِفَتَيْنِ ضَيَّعَ مَا يَعْنِيهِ ، وَأَقْبَلَ عَلَى مَا لا فَائِدَةَ لَهُ فِيهِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |