حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، قَالَ : قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ : انْظُرْ كِتَابًا قَرَأْتُهُ عِنْدَ فُلانِ بْنِ جُبَيْرٍ ، فَكَلِّمْ فِيهِ زِيَادَ بْنَ جُبَيْرٍ ، قَالَ : فَكَلَّمَتْهُ , فَأَعْطَانِي فَإِذَا فِي الْكِتَابِ : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , إِلَى أَهْلِ رُعَاشٍ كُلِّهِمْ ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ ، أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّكُمْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ مُسْلِمُونَ ، ثُمَّ ارْتَدَدْتُمْ بَعْدُ ، وَإِنَّهُ مَنْ يَتُبْ مِنْكُمْ وَيُصْلِحْ , لا يَضُرُّهُ ارْتِدَادُهُ ، وَنُصَاحِبُهُ صُحْبَةً حَسَنَةً ، فَادَّكِرُوا وَلا تَهْلِكُوا ، وَلْيُبْشِرْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْكُمْ ، فَمَنْ أَبِي إِلا النَّصْرَانِيَّةَ , فَإِنَّ ذِمَّتِي بَرِيئَةٌ مِمَّنْ وَجَدْنَاهُ بَعْدَ عَشْرٍ تَبَقَّى مِنْ شَهْرِ الصَّوْمِ مِنَ النَّصَارَى بِنَجْرَانَ ، أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ يَعْلَى كَتَبَ يَعْتَذِرُ أَنْ يَكُونَ أَكْرَهَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَلَى الإِسْلامِ أَوْ عَذَّبَهُ عَلَيْهِ ، إِلا أَنْ يَكُونَ قَسْرًا جَبْرًا وَوَعِيدًا لَمْ يَنْفُذْ إِلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ ، أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ أَمَرْتُ يَعْلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْكُمْ نِصْفَ مَا عَلِمْتُمْ مِنَ الأَرْضِ ، وَإِنِّي لَنْ أُرِيدَ نَزْعَهَا مِنْكُمْ مَا أَصْلَحْتُمْ " , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَهَذِهِ الأَمْصَارُ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ وَأَشْبَاهِهَا مِمَّا مَصَّرَ الْمُسْلِمُونَ , هِيَ الَّتِي لا سَبِيلَ لأَهْلِ الذِّمَّةِ فِيهَا إِلَى إِظْهَارِ شَيْءٍ مِنْ شَرَائِعِهِمْ ، وَأَمَّا الْبِلادُ الَّتِي لَهُمْ فِيهَا السَّبِيلُ إِلَى ذَلِكَ , فَمَا كَانَ مِنْهَا صُلْحًا صُولِحُوا عَلَيْهِ ، فَلَنْ يُنْتَزَعُ مِنْهُمْ ، وَهُوَ تَأْوِيلُ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ : قَوْلُهُ : وَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَحَقٌّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُوَفُّوا لَهُمْ بِهِ , فَمِنْ بِلادِ الصُّلْحِ , أَرْضُ هَجَرَ وَالْبَحْرَيْنِ ، وَأَيْلَةُ ، وَدَوْمَةُ الْجَنْدَلِ ، وَأَذْرُحُ ، فَهَذِهِ الْقُرَى الَّتِي أَدَّتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجِزْيَةَ ، فَهُمْ عَلَى مَا أَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ , وَكَذَلِكَ مَا كَانَ بَعْدَهُ مِنَ الصُّلْحِ بَيْتُ الْمَقْدِسِ ، افْتَتَحَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ صُلْحًا ، وَكَذَلِكَ مَدِينَةُ دِمَشْقَ ، افْتَتَحَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ صُلْحًا ، وَعَلَى هَذَا مُدُنُ الشَّامِ كَانَتْ كُلُّهَا صُلْحًا ، دُونَ أَرْضِهَا ، عَلَى يَدَيْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ، وَشُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ ، وَكَذَلِكَ بِلادُ الْجِزْيَةِ يُرْوَى أَنَّهَا كُلُّهَا صُلْحٌ ، صَالَحَهُمْ عَلَيْهَا عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ ، وَكَذَلِكَ قِبْطُ مِصْرَ صَالَحَهُمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ، وَكَذَلِكَ بِلادُ خُرَاسَانَ , يُقَالَ : إِنَّهَا أَوْ أَكْثَرُهَا صُلْحًا عَلَى يَدَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَرِيزٍ ، وَكَانَ مُنْتَهَى ذَلِكَ إِلَى مَرْوَ الرُّوذِ , وَهَذَا فِي دَهْرِ عُثْمَانَ ، وَأَمَّا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ ، فَإِنَّهَا افْتُتِحَتْ بَعْدُ عَلَى يَدَيْ سَعِيدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وَالْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ ، وَقُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ ، وَغَيْرِهِمْ , فَهَؤُلاءِ عَلَى شُرُوطِهِمْ ، لا يُحَالُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا ، وَكَذَلِكَ كُلُّ بِلادٍ أُخِذَتْ عَنْوَةً ، فَرَأَى الإِمَامُ رَدَّهَا إِلَى أَهْلِهَا ، وَإِقْرَارَهَا فِي أَيْدِيهِمْ عَلَى ذِمَّتِهِمْ وَدِينِهِمْ ، كَفِعْلِ عُمَرَ بِأَهْلِ السَّوَادِ ، وَإِنَّمَا أُخِذَ عَنْوَةً عَلَى يَدَيْ سَعْدٍ , وَكَذَلِكَ بِلادُ الشَّامِ كُلُّهَا عَنْوَةً ، مَا خَلا مُدُنَهَا عَلَى يَدَيْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ , وَشُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ ، وَكَذَلِكَ الْجَبَلُ أُخِذَ عَنْوَةً فِي وَقْعَةِ جَلُولاءَ , وَنَهَاوَنْدَ عَلَى يَدَيْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ , وَالنُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ ، وَكَذَلِكَ الأَهْوَازُ ، أَوْ أَكْثَرُهَا ، كَذَلِكَ فَارِسُ عَلَى يَدَيْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ ، وَعُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ , وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ عَلَى يَدَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |