حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ ، " وَذَكَرَ الْكَبَائِرَ , وَقَرَأَ بِهَا قُرْآنًا , ثُمَّ ذَكَرَ فِيهَا وَالتَّعَرُّبَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ , وَقَرَأَ : إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ سورة محمد آية 25 أَوْ بَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى " , هَكَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي حَدِيثِهِ , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَإِذَا كَانَ التَّارِكُ لِلْهِجْرَةِ مُرْتَدًّا يَكُونُ حُكْمُهُ فِي الْمِيرَاثِ , كَحُكْمِ الْكَافِرِ الَّذِي لا يَرِثُ الْمُسْلِمَ ، وَمِمَّا يَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ : وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ سورة الأنفال آية 72 ، فَإِذَا كَانَ تَرْكُ الْهِجْرَةِ يَقْطَعُ الْوَلايَةَ مِمَّنْ هَاجَرَ ، وَيَحْرُمُ الْوَارِثَ مِيرَاثَهُ ، فَهُوَ مِنَ الْمُشَارَكَةِ فِي الْفَيْءِ أَبْعَدُ ، فَكَانَ ذَلِكَ حَتَّى نَسَخَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ : وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ سورة الأنفال آية 75 , فَلَمَّا رَجَعَتِ الْمَوَارِيثُ إِلَى مَوَاضِعِهَا عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إِلا بِالْوِلايَةِ الَّتِي صَارَتْ بَيْنَهُمْ ، فَعَادَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ إِخْوَةٌ أَوْلِيَاءُ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ سورة الحجرات آية 10 , وَكَمَا قَالَ : وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ سورة التوبة آية 71 فَاسْتَوَتْ أَحْكَامُهُمْ ، وَوَجَبَ لَهُمْ جَمِيعًا مَا وَجَبَ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَعَلَيْهِمْ : مَا عَلَيْهِمْ مِنَ الأُسْوَةِ فِي الْفَيْءِ وَغَيْرِهِ ، إِلا أَنَّ لأَهْلِ الْحَاضِرَةِ وَذَوِي الْغَنَاءِ عَنِ الإِسْلامِ الْفَضْلُ بِقَدْرِ غَنَائِهِمْ , وَجَزْئِهِمْ عَنِ الإِسْلامِ ، وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ , وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَهُ أَنَّهُ قَدْ لَحِقَ آخِرُ الْمُسْلِمِينَ بِأَوَّلِهِمْ فِي الْحُكْمِ ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ قَدْ نُسِخَتْ : قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ : " لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ " , وَفِي ذَلِكَ آثَارٌ كَثِيرَةٌ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |