حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، عَنِ الْهِقْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ ، قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، قَالَ : " خَفِّفُوا عَلَى النَّاسِ فِي الْخَرْصِ ، فَإِنَّ فِي الْمَالِ الْعَرِيَّةَ , وَالأَكَلَةَ " , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ " الْوَطَأَةُ " ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ : الْوَطِئَةُ , فَأَمَّا الْوَطِئَةُ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ ، وَأَمَّا الْوَاطِئَةُ وَالْوَطَأَةُ ، فَهُمَا جَمِيعًا السَّابِلَةُ ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِوَطْئِهِمْ بِلادَ الثِّمَارِ مُجْتَازِينَ , وَهُمُ الَّذِينَ جَاءَتْ فِيهِمُ الأَحَادِيثُ : إِنَّ الْمُسَافِرَ يُصِيبُ مِنَ الثَّمَرَةِ وَلا خُبْنَةً , وَيُقَالَ : " وَلا ثِبَانًا " , وَالآثَارُ فِيهِ كَثِيرَةٌ مُسْتَفِيضَةٌ ، وَلَهَا مَوْضِعٌ سِوَى هَذَا , وَقَوْلُهُ : " وَالأَكَلَةُ " : هُمْ أَرْبَابُ الثِّمَارِ وَأَهْلُوهُمْ ، وَمَنْ لَصَقَ بِهِمْ ، فَكَانَ مَعَهُمْ , فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ , فِي مَالِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَعْدٍ , حِينَ قَالَ : " لَوْلا أَنِّي وَجَدْتُ فِيهِ أَرْبَعِينَ عَرِيشًا , لَخَرَصْتُهُ تِسْعَ مِائَةِ وَسْقٍ " , فَكَانَتْ تِلْكَ الْعُرُوشُ مَظَالَّ , وَمَسَاكِنَ لِهَؤُلاءِ الأَكَلَةِ أَيَّامَ الثِّمَارِ ، وَأَمَّا الْعَرِيَّةُ : فَإِنَّهَا تُفَسَّرُ تَفْسِيرَيْنِ , فَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , يَقُولُ : هِيَ النَّخْلَةُ يَهَبُ الرَّجُلُ ثَمْرَتَهَا لِلْمُحْتَاجِ ، يُعْرِيهَا إِيَّاهُ ، فَيَأْتِي الْمُعْرَى وَهُوَ الْمَوْهُوبُ لَهُ إِلَى نَخْلَتِهِ تِلْكَ لِيَجْتَنِيَهَا ، فَيَشُقُّ عَلَى الْمُعْرِي وَهُوَ الْوَاهِبُ دُخُولُهُ عَلَيْهِ لِمَكَانِ أَهْلِهِ فِي النَّخْلِ , قَالَ : فَجَاءَتِ الرُّخْصَةُ لِلْوَاهِبِ خَاصَّةً أَنْ يَشْتَرِيَ ثَمَرَةَ تِلْكَ النَّخْلَةِ مِنَ الْمَوْهُوبَةِ لَهُ بِخَرْصِهَا ثَمَرًا , فَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ , وَأَمَّا التَّفْسِيرُ الآخَرُ فَهُوَ : أَنَّ الْعَرَايَا هِيَ النَّخَلاتُ يَسْتَثْنِيهَا الرَّجُلُ مِنْ حَائِطِهِ إِذَا بَاعَ ثَمْرَتَهُ ، فَلا يُدْخِلُهَا فِي الْبَيْعِ ، وَلَكِنَّهُ يُبْقِيهَا لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ ، فَتِلْكَ الثُّنْيَا لا تُخْرَصُ عَلَيْهِ ، لأَنَّهُ قَدْ عَنَى لَهُمْ عَمَّا يَأْكُلُونَ تِلْكَ الأَيَّامَ ، فَهِيَ الْعَرَايَا ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ فِي هَذَا التَّفْسِيرِ , لأَنَّهَا أُعْرِيَتْ مِنْ أَنْ تُبَاعَ ، أَوْ تُخْرَصَ فِي الصَّدَقَةِ , فَأَرْخَصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لأَهْلِ الْحَاجَةِ , وَالْمَسْكَنَةِ الَّذِينَ لا وَرِقَ لَهُمْ وَلا ذَهَبَ ، وَهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى التَّمْرِ أَنْ يَبْتَاعُوا بِتَمْرِهِمْ مِنْ ثِمَارِ هَذِهِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا , فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , تَرَفُّقًا بِأَهْلِ الْفَاقَةِ الَّذِينَ لا يَقْدِرُونَ عَلَى الرُّطَبِ , لِيُشَارِكُوا النَّاسَ فِيهِ ، فَيُصِيبُوا مِنْهُ مَعَهُمْ ، وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ أَنْ يَبْتَاعُوا مِنْهُ مَا يَكُونُ لِتِجَارَةٍ ، وَلا لادِّخَارٍ وَهَذَا التَّأْوِيلُ , أَصَحُّ فِي الْمَعْنَى مِنَ الأَوَّلِ , لأَنَّ لَهُ شَاهِدَيْنِ فِي الْحَدِيثِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ | عمر بن الخطاب العدوي / توفي في :23 | صحابي |