العسل والزيتون والخضر


تفسير

رقم الحديث : 912

قَالَ : وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ ، أَنَّهُ سَأَلَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ , " عَنْ رَجُلٍ لَهُ مَالٌ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ : أَعَلَيْهِ زَكَاةٌ ؟ قَالَ : لا " , قَالَ : وَقَالَ مَالِكٌ , وَاللَّيْثُ : فِي رَجُلٍ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ ، وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ ، وَعِنْدَهُ عُرُوضٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ، قَالَ اللَّيْثُ : " لا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الأَلْفِ الَّتِي عِنْدَهُ " , وَقَالَ مَالِكٌ : " عَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاةُ " , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَكَانَ سُفْيَانُ يَقُولُ : مِثْلَ قَوْلِ اللَّيْثِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الرَّأْيِ , يَذْهَبُ الَّذِي لَمْ يَرَ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ إِلَى أَنْ جَعَلَ الأَلْفَ الْعَيْنَ بِالدَّيْنِ ، وَلَمْ يَحْتَسِبْ بِالْعَرْضِ ، يَقُولُ : لأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ فِيهِ الزَّكَاةُ فِي الأَصْلِ , وَيَذْهَبُ الآخَرُ إِلَى أَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ , فَإِنَّهَا مَالٌ مِنْ مَالِهِ يَمْلِكُهُ ، فَجَعَلَهَا مَكَانَ دَيْنِهِ ، وَرَأَى أَنَّ عَلَيْهِ زَكَاةَ الأَلْفِ الْعَيْنِ , وَهَذَا عِنْدِي هُوَ الْقَوْلُ , لأَنَّهُ السَّاعَةَ مَالِكٌ لِزِيَادَةِ أَلْفِ عَيْنٍ عَلَى مَبْلَغِ دَيْنِهِ ، أَلا تَرَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الأَلْفُ , كَانَ لِغَرِيمِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالدَّيْنِ حَتَّى تُبَاعَ الْعُرُوضُ لَهُ ؟ , وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ مَنْ يُسْقِطُ الزَّكَاةَ عَنِ الدَّيْنِ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّمَا سَنَّ الزَّكَاةَ فِي الْعَيْنِ مِنَ الْمَوَاشِي دُونَ الدَّيْنِ " , قَالَ : وَقَدْ كَانَتِ الإِبِلُ تَكُونُ دَيْنًا مِثْلَ الدِّيَاتِ وَالأَسْلافِ ، فَلَمْ تَكُنْ تُؤْخَذُ زَكَاتُهَا , قَالَ : فَكَذَلِكَ الصَّامِتُ لا زَكَاةَ فِي الدَّيْنِ مِنْهُ , أَمَّا مَا ذَكَرَ فِي الْمَاشِيَةِ أَنَّ الصَّدَقَةَ لَمْ تَكُنْ مِنْ دُيُونِهَا ، فَهُوَ كَمَا قَالَ ، وَلا تَنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ فِي ذَلِكَ قَطُّ ، وَلَكِنَّ هَذَا نَسِيَ مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ , أَنَّهُ جَعَلَ دَيْنَ الصَّامِتِ قِيَاسًا عَلَى الْحَيَوَانِ ، وَقَدْ فَرَّقَتِ السُّنَّةُ بَيْنَهُمَا ، أَلا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ يَبْعَثُ مُصَدِّقِيهِ إِلَى الْمَاشِيَةِ ، فَيَأْخُذُونَهَا مِنْ أَرْبَابِهَا بِالْكُرْهِ مِنْهُمْ وَالرِّضَا ، وَكَذَلِكَ كَانَتِ الأَئِمَّةُ بَعْدَهُ ، وَعَلَى مَنْعِ صَدَقَةِ الْمَاشِيَةِ قَاتَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ ، وَلَمْ يَأْتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلا عَنْ أَحَدٍ بَعْدَهُ , أَنَّهُمُ اسْتَكْرَهُوا النَّاسَ عَلَى صَدَقَةِ الصَّامِتِ , إِلا أَنْ يَأْتُوا بِهَا غَيْرَ مُكْرَهِينَ ، وَإِنَّمَا هِيَ أَمَانَاتُهُمْ يُؤَدُّونَهَا ، فَعَلَيْهِمْ فِيهَا أَدَاءُ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ , لأَنَّهَا مِلْكُ أَيْمَانِهِمْ ، وَهُمْ مُؤْتَمَنُونَ عَلَيْهَا ، وَأَمَّا الْمَاشِيَةُ فَإِنَّهَا حُكْمٌ يُحْكَمُ بِهَا عَلَيْهِمْ ، وَإِنَّمَا تَقَعُ الأَحْكَامُ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ عَلَى الأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ ، وَهِيَ فِيمَا بَيْنَهُمْ , وَبَيْنَ اللَّهِ عَلَى الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ جَمِيعًا ، فَأَيُّ الْحَكَمَيْنِ أَشَدُّ تَبَايُنًا مِمَّا بَيْنَ هَذَيْنِ الأَمْرَيْنِ ؟ ! وَمِمَّا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا , أَنَّ رَجُلا لَوْ مَرَّ بِمَالِهِ الصَّامِتِ عَلَى عَاشِرٍ ، فَقَالَ : لَيْسَ هُوَ لِي ، أَوْ قَدْ أَدَّيْتُ زَكَاتَهُ ، كَانَ مُصَدَّقًا عَلَى ذَلِكَ ، وَلَوْ أَنَّ رَبَّ الْمَاشِيَةِ , قَالَ لِلْمُصَدِّقِ : قَدْ أَدَّيْتُ زَكَاةَ مَاشِيَتِي ، كَانَ لَهُ أَنْ لا يَقْبَلَ قَوْلَهُ ، وَأَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الصَّدَقَةَ ، إِلا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ قَبْلَهُ مُصَدِّقٌ ، فِي أَشْبَاهٍ لِهَذَا كَثِيرَةٍ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.