قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَحُدِّثْتُ عَنْهُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ جَبْرٍ الأَنْصَارِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ " يَتَوَضَّأُ بِرَطْلَيْنِ " , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَجَاءَتْ هَذِهِ الأَحَادِيثُ فِي الْغُسْلِ بِأَلْفَاظٍ يَتَوَهَّمُ السَّامِعُ أَنَّهَا مُخْتَلِفَةُ الْمَعَانِي لاخْتِلافِ لَفْظِهَا ، وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ ، وَلَكِنَّ الْمَعْنَى فِيهَا كُلِّهَا , إِنَّمَا يَدُورُ عَلَى وَقْتَيْنِ مِنَ الْمَاءِ ، أَقْصَاهُمَا ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ ، وَأَدْنَاهُمَا صَاعٌ ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ , وَسَائِرُ هَذِهِ الأَحَادِيثِ , إِنَّمَا تَرْجِعُ إِلَى أَحَدِهِمَا ، لا يَخْلُو مِنْ ذَلِكَ لِمَنْ عَرَفَهُ , فَكَانَ غُسْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِنَّمَا يَتَرَدَّدُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ عَلَى قَدْرِ مَا يَحْضُرُهُ مِنَ الْمَاءِ ، غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْتَقِصُ مِنَ الصَّاعِ وَهُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ , وَلا يَزِيدُ عَلَى صَاعٍ وَنِصْفٍ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ , فَمِنَ الثَّمَانِيَةِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الأَحَادِيثِ فِي الْفَرَقِ بَيْنَهُ , وَبَيْنَ عَائِشَةَ جَمِيعًا ، وَذَلِكَ أَنَّ الْفَرَقَ ثَلاثَةُ آصُعٍ ، وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلا ، فَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَانِيَةٌ , فَكَذَلِكَ الأَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الأَقْسَاطِ هِيَ مِثْلُ الْفَرَقِ سَوَاءٌ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقِسْطَ نِصْفُ صَاعٍ ، وَتَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ نَفْسِهِ ، حِينَ ذَكَرَ الْفَرَقَ ، فَقَالَ : وَهُوَ سِتَّةُ أَقْسَاطٍ ، فَرَجَعَ مَعْنَاهُ إِلَى الثَّمَانِيَةِ أَيْضًا , وَأَمَّا الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ الأَمْدَادُ الْخَمْسَةُ يَغْتَسِلُ بِهَا وَحْدَهُ ، فَهُوَ مِثْلُ الأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْغُسْلِ بِالصَّاعِ ، وَالْوُضُوءِ بِالْمُدِّ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ قَبْلَ الْغُسْلِ بِمُدٍّ ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالصَّاعِ ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ ، فَتِلْكَ خَمْسَةٌ لاغْتِسَالِهِ خَاصَّةً , وَأَمَّا الَّذِي فِيهِ ثَلاثَةُ أَمْدَادٍ بَيْنَهُ , وَبَيْنَ عَائِشَةَ ، فَإِنِّي لا أَعْرِفُ لِهَذَا وَجْهًا ، إِلا أَنْ يَكُونَ بِهَذَا الْمُدِّ الْكَبِيرِ الَّذِي يُكَالُ بِهِ التَّمْرُ الْيَوْمَ بِالْمَدِينَةِ ، فَتَكُونَ الأَمْدَادُ إِنَّمَا هِيَ تَفْسِيرٌ مِنَ الْمُحَدِّثِ بِالْحَدِيثِ ، جَعَلَهُ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ , وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ أَنَّهُ كَانَ هُوَ , وَعَائِشَةُ يَغْتَسِلانِ بِصَاعٍ وَاحِدٍ جَمِيعًا ، فَإِنَّمَا وَجْهُهُ عِنْدَنَا , أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ هُوَ بِصَاعٍ ، وَهِيَ بِصَاعٍ آخَرَ , فَهَذَا مَا فِي سُنَنِ الْغُسْلِ بِالصَّاعِ ، وَالْفَرَقِ ، وَالْقِسْطِ ، وَالأَمْدَادِ , وَأَمَّا ذِكْرُ الصَّاعِ فِي صَدَقَةِ الأَرَضِينَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ | أنس بن مالك الأنصاري | صحابي |
ابْنِ جَبْرٍ الأَنْصَارِيِّ | عبد الله بن جبر الأنصاري | مقبول |
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى | عبد الله بن عيسى الأنصاري / توفي في :130 | ثقة فيه تشيع |