باب الصاع الذي تعرف به صدقة الارضين وزكاة الفطر وكفارة الايمان وفدية المناسك وغسل الج...


تفسير

رقم الحديث : 1106

قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ مُجَاهِدًا , عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ ؟ فَقَالَ : " فَرِّقْ بَيْنَ عَشَرَةٍ " , قَالَ : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ ، فَقَالَ : مُدَّانِ لإِدَامِهِ , وَحَطَبِهِ , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَفَسَّرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا الْحَدِيثَ , قَالَ : مَعْنَاهُ أَنَّ مَذْهَبَ مُجَاهِدٍ , أَنَّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدًّا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ , قَالَ : وَالْفَرَقُ ثَلاثَةُ آصُعٍ ، وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ ، اثْنَا عَشَرَ مُدًّا ، فَتُقَسَّمُ هَذِهِ كُلُّهَا بَيْنَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ، فَيَكُونُ عَشَرَةٌ مِنْهَا لِطَعَامِهِمْ ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ ، وَيَكُونُ الْمُدَّانِ زِيَادَةً مُتَفَرِّقَةً بَيْنَهُمْ ، لِمَا يَلْزَمُ الطَّعَامُ مِنْ مَئُونَةِ الأُدْمِ وَالْحَطَبِ , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَهَذَا الَّذِي أَرَادَ الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ , فَعَلَى هَذَا الصَّاعِ الَّذِي فَسَّرْنَاهُ ، تَدُورُ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَا يَنُوبُهُمْ مِنْ أَمْرِ الْكَيْلِ فِي دِينِهِمْ , مِنْ ذَلِكَ زَكَاةُ الأَرَضِينَ ، وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ ، وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ ، وَفِدْيَةُ النُّسُكِ , وَقَدْ عَايَرْتُ مِكْيَالَنَا هَذَا الْمُلْجَمَ ، الَّذِي يَعْتَمِلُهُ النَّاسُ الْيَوْمَ ، فَإِذَا هُوَ صَاعَانِ وَنِصْفٌ ، وَذَلِكَ عَشَرَةُ أَمْدَادٍ إِذَا مَسَحْتَ أَعْلاهُ ، عَلَى مَا يُكَالُ الْيَوْمَ فِي الأَسْوَاقِ , فَأَمَّا زَكَاةُ الأَرَضِينَ , فَإِنَّهَا إِذَا كَانَتْ بِهَذَا الْمَكُّوكِ عِشْرِينَ وَمِائَةً مِنْ حِنْطَةٍ ، أَوْ شَعِيرٍ ، أَوْ تَمْرٍ ، أَوْ زَبِيبٍ وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ ، فَإِنْ كَانَ سَقْيُهَا بَعْلا , أَوْ غَيْلا فَالْعُشْرُ ، وَإِنْ كَانَ بِالنَّوَاضِحِ وَالْغَرْبِ فَنِصْفُ الْعُشْرِ , وَذَلِكَ لأَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ ، وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا ، فَجَمِيعُهَا ثَلاثُ مِائَةِ صَاعٍ ، وَهِيَ عِشْرُونَ وَمِائَةُ مَكُّوكٍ , لأَنَّهُ كَمَا أَعْلَمْتُكَ صَاعَانِ وَنِصْفٌ ، وَمَبْلَغُهَا مِنْ أَقْفِزَتِنَا هَذِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ قَفِيزًا سَوَاءٌ , فَهَذِهِ صَدَقَةُ الأَرَضِينَ , وَأَمَّا زَكَاةُ الْفِطْرِ فَإِنَّ صَاحِبَهَا فِيهَا بِالْخِيَارِ ، إِنْ شَاءَ جَعَلَهَا بُرًّا ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهَا تَمْرًا ، أَوْ شَعِيرًا ، أَوْ زَبِيبًا ، فَإِنِ اخْتَارَ التَّمْرَ ، أَوِ الشَّعِيرَ ، أَوِ الزَّبِيبَ ، فَإِنَّ هَذَا الْمَكُّوكَ يُجْزِي عَنْ نَفْسَيْنِ وَنِصْفٍ , لأَنَّهُ صَاعَانِ وَنِصْفٌ ، وَإِنِ اخْتَارَ الْبُرَّ ، فَإِنَّ أَحَبَّ الأَمْرَيْنِ إِلَيَّ لَهُ , أَنْ لا يَنْتَقِصَ مِنْ مَكِيلَةِ الصَّاعِ شَيْئًا , لأَنَّ أَكْثَرَ الآثَارِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ أَفْضَلُ عِنْدِي مِنَ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ ، وَإِنْ جَعَلَهُ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ كَانَ مُجْزِيًا عَنْهُ , لأَنَّهُ قَدْ أَفْتَى بِهِ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ , وَصَاعُ تَمْرٍ ، أَوْ صَاعُ شَعِيرٍ ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نِصْفِ صَاعِ بُرٍّ ، وَإِنْ كَانَ مُجْزِيًا , لأَنَّهُ هُوَ أَشَدُّ مُوَافَقَةً لِلاتِّبَاعِ , وَأَمَّا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ , فَإِنَّ الْوَاحِدَ بِهَذَا الْمَكُّوكِ بُرًّا كَافِيهِ فِي الْكَفَّارَةِ بَيْنَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ , لأَنَّهُ عَشَرَةُ أَمْدَادٍ كَمَا أَعْلَمْتُكَ ، فَيَكُونُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ هَذَا عَلَى مَذْهَبِنَا , وَأَمَّا مَنْ جَعَلَهُ نِصْفَ صَاعٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ ، رَأَى عَلَيْهِ مَكُّوكَيْنِ بِهَذَا بَيْنَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ , وَأَمَّا فِدْيَةُ الْمَنَاسِكِ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ ، وَلُبْسِ الثِّيَابِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ بِهِ الْفِدْيَةُ ، فَإِنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ ، وَأَهْلَ الْعِرَاقِ اخْتَلَفُوا فِيهِ ، فَقَالَ أُولَئِكَ : لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ , وَقَالَ هَؤُلاءِ : لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ , وَلِهَذَا مَوْضِعٌ سِوَى هَذَا ، يَأْتِي فِيهِ مُفَسَّرًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَقَدْ فَسَّرْنَا مَا فِي الصَّاعِ مِنَ السُّنَنِ ، وَهُوَ كَمَا أَعْلَمْتُكَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ ، وَالْمُدُّ رُبُعُهُ ، وَهُوَ رِطْلٌ وَثُلُثٌ ، وَذَلِكَ بِرِطْلِنَا هَذَا الَّذِي وَزْنُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا ، وَوُزِنَ فِي الدَّرَاهِمِ , وَمَعْرِفَةِ وَزْنِهَا عِلْمٌ أَيْضًا , وَسَمِعْتُ شَيْخًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ , بِأَمْرِ النَّاسِ كَانَ مَعْنِيًّا بِهَذَا الشَّأْنِ , يَذْكُرُ قِصَّةَ الدَّرَاهِمِ وَسَبَبَ ضَرْبِهَا فِي الإِسْلامِ ، وَقَالَ : إِنَّ الدَّرَاهِمَ الَّتِي كَانَتْ نَقَدَ النَّاسُ عَلَى وَجْهِ الدَّهْرِ , لَمْ تَزَلْ نَوْعَيْنِ : هَذِهِ السُّودَ الْوَافِيَةَ ، وَهَذِهِ الطَّبَرِيَّةَ الْعُتُقَ ، فَجَاءَ الإِسْلامُ وَهِيَ كَذَلِكَ ، فَلَمَّا كَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ وَأَرَادُوا ضَرْبَ الدَّرَاهِمِ ، نَظَرُوا فِي الْعَوَاقِبِ ، فَقَالُوا : إِنَّ هَذِهِ تَبْقَى مَعَ الدَّهْرِ ، وَقَدْ جَاءَ فَرْضُ الزَّكَاةِ أَنَّ فِي كُلِّ مِائَتَيْنِ , أَوْ فِي كُلِّ خَمْسِ أَوَاقِيَّ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ ، وَالأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ ، فَأَشْفَقُوا إِنْ جَعَلُوهَا كُلَّهَا عَلَى مِثَالِ السُّودِ ، ثُمَّ فَشَا فُشُوًّا بَعْدُ ، لا يَعْرِفُونَ غَيْرَهَا ، أَنْ يَحْمِلُوا مَعْنَى الزَّكَاةِ : عَلَى أَنَّهَا لا تَجِبُ حَتَّى تَبْلُغَ تِلْكَ السُّودُ الْعِظَامُ مِائَتَيْنِ عَدَدًا فَصَاعِدًا ، فَيَكُونَ فِي هَذَا بَخْسٌ لِلزَّكَاةِ ، وَأَشْفَقُوا إِنْ جَعَلُوهَا كُلَّهَا عَلَى مِثَالِ الطَّبَرِيَّةِ , أَنْ يَحْمِلُوا الْمَعْنَى عَلَى أَنَّهَا إِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ عَدَدًا حَلَّتْ فِيهَا الزَّكَاةُ ، فَيَكُونُ فِيهَا اشْتِطَاطٌ عَلَى رَبِّ الْمَالِ ، فَأَرَادُوا مَنْزِلَةً بَيْنَهُمَا يَكُونُ فِيهَا كَمَالُ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِ إِضْرَارٍ بِالنَّاسِ ، وَأَنْ يَكُونَ مَعَ هَذَا مُوَافِقًا وَقْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الزَّكَاةِ , قَالَ : وَإِنَّمَا كَانوا قَبْلَ ذَلِكَ يُزَكُّونَهَا شَطْرَيْنِ : مِنَ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ , فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى ضَرْبِ الدَّرَاهِمِ , نَظَرُوا إِلَى دِرْهَمٍ وَافٍ ، فَإِذَا هُوَ ثَمَانِيَةُ دَوَانِيقَ ، وَإِلَى دِرْهَمٍ مِنَ الصِّغَارِ ، فَكَانَ أَرْبَعَةَ دَوَانِيقَ ، فَحَمَلُوا زِيَادَةَ الأَكْبَرِ عَلَى نَقْصِ الأَصْغَرِ ، فَجَعَلُوهُمَا دِرْهَمَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ ، كُلُّ وَاحِدٍ سِتَّةُ دَوَانِيقَ ، ثُمَّ اعْتَبَرُوهَا بِالْمَثَاقِيلِ ، وَلَمْ يَزَلِ الْمِثْقَالَ فِي آبَادِ الدَّهْرِ مُؤَقَّتًا مَحْدُودًا ، فَوَجَدُوا عَشَرَةً مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي وَاحِدُهَا سِتَّةُ دَوَانِيقَ ، ثُمَّ اعْتَبَرُوهَا بِالْمَثَاقِيلِ , تَكُونُ وَزْنَ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ سَوَاءً ، فَاجْتَمَعَتْ فِيهِ وُجُوهٌ ثَلاثَةٌ : أَنَّهُ وَزْنُ سَبْعَةٍ ، وَأَنَّهُ عَدْلٌ بَيْنَ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ ، وَأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّدَقَةِ ، وَلا وَكْسَ فِيهِ ، وَلا شَطَطَ , فَمَضَتْ سُنَّةُ الدِّرْهَمِ عَلَى هَذَا ، وَاجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الأُمَّةُ ، فَلَمْ تَخْتَلِفْ أَنَّ الدِّرْهَمَ التَّامَّ هُوَ سِتَّةُ دَوَانِيقَ ، فَمَا زَادَ أَوْ نَقَصَ قِيلَ : دِرْهَمٌ زَائِدٌ وَنَاقِصٌ , فَالنَّاسُ فِي زَكَاتِهِمْ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ عَلَى الأَصْلِ الَّذِي هُوَ السُّنَّةُ وَالْهُدَى ، لَمْ يَزِيغُوا عَنْهُ ، وَلا الْتِبَاسَ فِيهِ , وَكَذَلِكَ الْمُبَايِعَاتُ وَالدِّيَاتُ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ ، وَكُلُّ مَا يَحْتَاجُ إِلَى ذِكْرِهَا فِيهِ , هَذَا كَمَا بَلَغَنَا ، أَوْ كَلامٌ هَذَا مَعْنَاهُ , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَكَانَتِ الدَّرَاهِمُ هَذَا وَزْنَ سِتَّةٍ , بِذَلِكَ جَاءَ ذِكْرُهَا فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.