حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ ، قَالَ : قَرَأْتُ كِتَابَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ : " أَنْ يَأْخُذَ الْعُشُورَ ، ثُمَّ يَكْتُبَ بِمَا يَأْخُذُ مِنْهُمُ الْبَرَاءَةَ ، وَلا يَأْخُذَ ذَلِكَ الْمَالَ , وَلا مِنْ رِبْحِهِ زَكَاةً سَنَةً وَاحِدَةً ، وَيَأْخُذَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَالِ إِنْ مَرَّ بِهِ " , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَحَدِيثُ عُمَرَ هَذَا هُوَ الَّذِي عَدَلَ بَيْنَ قَوْلِ أَهْلِ الْحِجَازِ ، وَأَهْلِ الْعِرَاقِ ، أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَالُ الثَّانِي هُوَ الَّذِي مَرَّ بِهِ بِعَيْنِهِ فِي الْمَرَّةِ الأُولَى ، لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ ، وَلا مِنْ رِبْحِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ , لأَنَّ الْحَقَّ الَّذِي لَزِمَهُ قَدْ قَضَاهُ ، فَلا يُقْضَى حَقٌّ وَاحِدٌ مِنْ مَالٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ ، وَإِنْ كَانَ مَرَّ بِمَالٍ سِوَاهُ أُخِذَ مِنْهُ ، وَإِنْ جَدَّدَ ذَلِكَ فِي كُلِّ عَامٍ مِرَارًا إِذَا كَانَ قَدْ عَادَ إِلَى بِلادِهِ ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِمَالٍ سِوَى الْمَالِ الأَوَّلِ لا يُجْزِي عَنِ الآخَرِ ، وَلا يَكُونُ فِي هَذَا أَحْسَنَ حَالا مِنَ الْمُسْلِمِ ، أَلا تَرَى أَنَّهُ لَوْ مَرَّ بِمَالٍ لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ , أُخِذَتْ مِنْهُ الصَّدَقَةُ ، ثُمَّ إِنْ مَرَّ بِمَالٍ آخَرَ فِي عَامِهِ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ أُخِذَتْ مِنْهُ الزَّكَاةُ : أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ مِنْ مَالِهِ هَذَا أَيْضًا ؟ لأَنَّ الصَّدَقَةَ الأُولَى لا تَكُونُ قَاضِيَةً عَنِ الْمَالِ الآخَرِ , فَهَذَا مَا فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ , فَأَمَّا أَهْلُ الْحَرْبِ ، فَكُلُّهُمْ يَقُولُ : إِذَا انْصَرَفَ إِلَى بِلادِهِ , ثُمَّ عَادَ بِمَالِهِ ذَلِكَ ، أَوْ بِمَالٍ سِوَاهُ ، أَنَّ عَلَيْهِ الْعُشْرَ كُلَّمَا مَرَّ , لأَنَّهُ إِذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ , بَطَلَتْ عَنْهُ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ ، فَإِذَا عَادَ إِلَى دَارِ الإِسْلامِ , كَانَ مُسْتَأْنِفًا لِلْحُكْمِ ، كَالَّذِي لَمْ يَدْخُلْهَا قَطُّ ، لا فَرْقَ بَيْنَهُمَا , وَكُلُّهُمْ يَقُولُ : لا يُصَدَّقُ الْحَرْبِيُّ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَدَّعِي مِنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ ، أَوْ قَوْلِهِ : إِنَّ هَذَا الْمَالَ لَيْسَ لِي ، وَلَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، إِلا أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ يَقُولُونَ : يُصَدَّقُ الْحَرْبِيُّ فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ : إِذَا مَرَّ بِجَوَارٍ ، فَقَالَ : هَؤُلاءِ أُمَّهَاتُ أَوْلادِي قُبِلَ مِنْهُ ، وَلَمْ يُؤْخَذُ مِنْهُ عُشْرُ قِيمَتِهِنَّ , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَإِنِ ارْتَابَ الْعَاشِرُ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُسْلِمُ , أَوِ الذِّمِّيُّ , أَوِ الْحَرْبِيُّ ، فَأَرَادَ إِحْلافَهُ عَلَى ذَلِكَ ، فَإِنَّ سُفْيَانَ , قَالَ : لا أَرَى أَنْ يُسْتَحْلَفَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ , لأَنَّهُمْ مُؤْتَمَنُونَ فِي زَكَاتِهِمْ , وَقَالَ غَيْرُ سُفْيَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ : يُسْتَحْلَفُونَ ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي هَذَا هُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمِينَ ، كُلُّ شَيْءٍ صُدِّقَ فِيهِ هَؤُلاءِ صُدِّقَ فِيهِ الآخَرُونَ , وَأَمَّا مَالِكٌ : فَإِنَّهُ يَقْبَلُ قَوْلَ الْمُسْلِمِ ، وَلا يَقْبَلُ لِلذِّمِّيِّ قَوْلا , وَلا يَمِينًا ، وَكَيْفَ تُقْبَلُ يَمِينُهُ , وَهُوَ لا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ ؟ وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الإِحْلافِ قَدِيمًا .
الأسم | الشهرة | الرتبة |