قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : " كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُعْطُوا مِنَ الزَّكَاةِ مَا يَكُونُ رَأْسَ مَالٍ " , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَكَانَ سُفْيَانُ , يَكْرَهُ أَنْ يُعْطَى الرَّجُلُ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ دِرْهَمًا ، كَمَا كَانَ لا يَرَى أَنْ يُعْطَاهَا مَنْ يَمْلِكُ خَمْسِينَ , قَالَ : إِلا أَنْ يَكُونَ غَارِمًا ، فَإِنَّهُ يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ , فَشَبَّهَ سُفْيَانُ الإِعْطَاءَ بِالْمِلْكِ الْمُتَقَدِّمِ عِنْدَ الْمُعْطَى , وَهَذَا مَذْهَبٌ فِيهِ قُدْوَةٌ لِمَنْ شَاءَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ وَيَتَّبِعَهُ , وَأَمَّا سَائِرُ أَهْلِ الْعِرَاقِ , غَيْرَ سُفْيَانَ ، فَإِنَّهُمْ قَدْ كَانُوا يَذْهَبُونَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَيْضًا فِي تَشْبِيهِهِمْ مَا يُعْطَى بِالْمِلْكِ الأَوَّلِ ، إِلا أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْوَقْتَ فِي ذَلِكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ، فَقَالُوا : لا يُعْطَى مِنْهَا الْوَاحِدُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْنِ ، كَمَا لا تَحِلُّ لَهُ إِذَا كَانَتْ لَهُ مِائَتَانِ , وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ نَحْوٌ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ , فَأَمَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فِي هَذَا حَدٌّ مَعْلُومٌ ، وَكَانَ يَقُولُ : أَرَى عَلَى الْمُعْطِي فِي ذَلِكَ الاجْتِهَادَ ، وَحُسْنَ النَّظَرِ , وَقَدْ تَدَبَّرْنَا الأَحَادِيثَ الْعَالِيَةَ ، فَلَمْ نَجِدْهَا تُخْبِرُ فِي ذَلِكَ بِتَوْقِيتٍ ، إِنَّمَا حَدَّتِ السُّنَّةُ مَا كَانَ مِلْكًا مُتَقَدِّمًا لِلْمُعْطِي مِنَ الأُوقِيَّةِ ، وَغَيْرِهَا قَبْلَ الْعَطِيَّةِ ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ يَوْمَ يُعْطَاهَا فَقِيرًا مَوْضِعًا لِلصَّدَقَةِ ، فَإِنَّا لَمْ نَجِدْ فِي الآثَارِ دَلِيلا عَلَى ذَلِكَ ، بَلْ تَدُلُّ عَلَى الْفَضِيلَةِ فِي الإِكْثَارِ مِنْهَا , وَالاسْتِحْبَابِ لِذَلِكَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |