باب قسم الصدقة في بلدها وحملها الى بلد سواه ومن اولى بان يبدا به منها


تفسير

رقم الحديث : 1224

قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، عَنِ اللَّيْثِ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَمَرَهُ , فَكَتَبَ السُّنَّةَ فِي مَوَاضِعِ الصَّدَقَةِ ، فَكَتَبَ : " هَذِهِ مَنَازِلُ الصَّدَقَاتِ وَمَوَاضِعُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَهِيَ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ : فَسَهْمٌ لِلْفُقَرَاءِ ، وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ ، وَسَهْمٌ لِلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ، وَسَهْمٌ لِلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ، وَسَهْمٌ فِي الرِّقَابِ ، وَسَهْمٌ لِلْغَارِمِينَ , وَسَهْمٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَسَهْمٌ لابْنِ السَّبِيلِ " , قَالَ : فَسَهْمُ الْفُقَرَاءِ : نِصْفُهُ لِمَنْ غَزَا مِنْهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوَّلَ غَزْوَةٍ ، حِينَ يُفْرَضُ لَهُمْ مِنَ الأَمْدَادِ , وَأَوَّلُ عَطَاءٍ يَأْخُذُونَهُ ، ثُمَّ تُقْطَعُ عَنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ الصَّدَقَةُ ، وَيَكُونُ سَهْمُهُمْ فِي عَظْمِ الْفَيْءِ ، وَالنِّصْفُ الْبَاقِي لِلْفُقَرَاءِ مِمَّنْ لا يَغْزُو ، مِنَ الزَّمْنَى وَالْمُكُثِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الْعَطَاءَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ , وَسَهْمُ الْمَسَاكِينِ : نِصْفٌ لِكُلِّ مِسْكِينٍ بِهِ عَاهَةٌ لا يَسْتَطِيعُ حِيلَةً , وَلا تَقَلُّبًا فِي الأَرْضِ ، وَالنِّصْفُ الْبَاقِي لِلْمَسَاكِينِ الَّذِينَ يَسْأَلُونَ ، وَيَسْتَطْعِمُونَ ، وَمَنْ فِي السُّجُونِ مِنْ أَهْلِ الإِسْلامِ ، مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ أَحَدٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ , وَسَهْمُ الْعَامِلِينَ عَلَيْهَا يُنْظَرُ : فَمَنْ سَعَى عَلَى الصَّدَقَاتِ بِأَمَانَةٍ , وَعَفَافٍ أُعْطِي عَلَى قَدْرِ مَا وَلِيَ وَجَمَعَ مِنَ الصَّدَقَةِ ، وَأُعْطِي عُمَّالُهُ الَّذِينَ سَعَوْا مَعَهُ عَلَى قَدْرِ وِلايَتِهِمْ وَجَمْعِهِمْ ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ أَنْ يَبْلُغَ قَرِيبًا مِنْ رُبْعِ هَذَا السَّهْمِ بَعْدَ الَّذِي يُعْطَى عُمَّالُهُ ثَلاثَةَ أَرْبَاعٍ ، فَيُرَدُّ مَا بَقِيَ عَلَى مَنْ يَغْزُو مِنَ الأَمْدَادِ وَالْمُشْتَرِطَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ , وَسَهْمُ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ : لِمَنْ يُفْتَرَضُ لَهُ مِنْ إِمْدَادِ النَّاسِ أَوَّلُ عَطَاءٍ يُعْطَوْنَهُ ، وَمَنْ يَغْزُو مُشْتَرِطًا لا عَطَاءَ لَهُ ، وَهُمْ فُقَرَاءَ ، وَمَنْ يَحْضُرِ الْمَسَاجِدَ مِنَ الْمَسَاكِينِ الَّذِينَ لا عَطَاءَ لَهُمْ ، وَلا سَهْمَ ، وَلا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ , وَسَهْمُ الرِّقَابِ نِصْفَانِ : نِصْفٌ لِكُلِّ مُكَاتَبٍ يَدَّعِي الإِسْلامَ ، وَهُمْ عَلَى أَصْنَافٍ شَتَّى : فَلِفُقَهَائِهِمْ فِي الإِسْلامِ فَضِيلَةٌ ، وَلِمَنْ سِوَاهُمْ مِنْهُمْ مَنْزِلَةٌ أُخْرَى ، عَلَى قَدْرِ مَا أَدَّى كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ ، وَمَا بَقِيَ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَالنِّصْفُ الْبَاقِي تُشْتَرَى بِهِ رِقَابٌ مِمَّنْ صَلَّى , وَصَامَ , وَقَدِمَ فِي الإِسْلامِ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى ، فَيُعْتَقُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ , وَسَهْمُ الْغَارِمِينَ عَلَى ثَلاثَةِ أَصْنَافٍ : مِنْهُمْ صِنْفٌ لِمَنْ يُصَابُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي مَالِهِ وَظَهْرِهِ وَرَقِيقِهِ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لا يَجِدُ مَا يَقْضِي وَلا مَا يَسْتَنْفِقُ إِلا بِدَيْنٍ ، وَمِنْهُ صِنْفَانِ لِمَنْ يَمْكُثُ وَلا يَغْزُو ، وَهُوَ غَارِمٌ ، وَقَدْ أَصَابَهُ فَقْرٌ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْهُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، وَلا يُتَّهَمُ فِي دِينِهِ , أَوْ قَالَ : فِي دَيْنِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ , وَسَهْمٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَمِنْهُ لِمَنْ فُرِضَ لَهُ رُبْعُ هَذَا السَّهْمِ ، وَمِنْهُ لِلْمُشْتَرِطِ الْفَقِيرِ رُبُعَهُ ، وَمِنْهُ لِمَنْ تُصِيبُهُ الْحَاجَةُ فِي ثَغْرَةٍ ، وَهُوَ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ , وَسَهْمُ ابْنِ السَّبِيلِ , يُقَسَّمُ ذَلِكَ لِكُلِّ طَرِيقٍ عَلَى قَدْرِ مَنْ يَسْلُكُهَا ، وَيَمُرُّ بِهَا مِنَ النَّاسِ ، لِكُلِّ رَجُلٍ رَجُلٌ مِنَ ابْنِ السَّبِيلِ لَيْسَ لَهُ مَأْوًى ، وَلا أَهْلٌ يَأْوِي إِلَيْهِمْ ، فَيُطْعَمُ حَتَّى يَجِدَ مَنْزِلا ، أَوْ يَقْضِيَ حَاجَتَهُ ، وَيُجْعَلُ فِي مَنَازِلَ مَعْلُومَةٍ عَلَى أَيْدِي أُمَنَاءَ ، لا يَمُرُّ بِهِمُ ابْنُ السَّبِيلِ لَهُ حَاجَةٌ إِلا آوَوْهُ ، وَأَطْعَمُوهُ ، وَعَلَفُوا دَابَّتَهُ ، حَتَّى يَنْفَدَ مَا بِأَيْدِيهِمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : ثُمَّ ذَكَرَ صَدَقَةَ الْحَبِّ ، وَالثِّمَارِ ، وَالإِبِلِ ، وَالْبَقَرِ ، وَالْغَنَمِ ، فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ " , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَهَذِهِ مَخَارِجُ الصَّدَقَةِ إِذَا جُعِلَتْ مُجَزَّأَةً ، وَهُوَ الْوَجْهُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَأَطَاقَهُ ، غَيْرَ أَنِّي لا أَحْسِبُ هَذَا يَجِبُ إِلا عَلَى الإِمَامِ الَّذِي تَكْثُرُ عِنْدَهُ صَدَقَاتُ الْمُسْلِمِينَ ، وَتَلْزَمُهُ حُقُوقُ الأَصْنَافِ كُلِّهَا ، وَيُمَكِّنُهُ كَثْرَةُ الأَعْوَانِ عَلَى تَفْرِيقِهَا ، فَأَمَّا مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ مِنْهَا إِلا مَا يَلْزَمُهُ لِخَاصَّةِ مَالِهِ ، فَإِنَّهُ إِذَا وَضَعَهَا فِي بَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ كَانَ جَازِيًا عَنْهُ ، عَلَى قَوْلِ مَنْ قَدْ سَمَّيْنَاهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ , وَالأَصْلُ فِي هَذَا هُوَ الْحَدِيثُ الْمَأْثُورُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حِينَ ذَكَرَ الصَّدَقَةَ ، فَقَالَ : " تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ ، فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ " , فَلَمْ يَذْكُرْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَاهُنَا غَيْرَ صِنْفٍ وَاحِدٍ ، ثُمَّ أَتَاهُ مَالٌ بَعْدَ هَذَا ، فَجَعَلَهُ فِي صِنْفٍ ثَانٍ سِوَى الْفُقَرَاءِ ، وَهُمُ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمُ : الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ ، وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ عُلاثَةَ ، وَزَيْدُ الْخَيْلِ قَسَمَ فِيهِمُ الذَّهَبَةَ الَّتِي بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِ عَلِيٌّ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْيَمَنِ ، وَإِنَّمَا الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِهِمُ الصَّدَقَةُ ، ثُمَّ أَتَاهُ مَالٌ آخَرُ ، فَجَعَلَهُ فِي صِنْفٍ ثَالِثٍ ، وَهُمُ الْغَارِمُونَ , مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ لِقَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ فِي الْحَمَالَةِ الَّتِي تَحَمَّلَ بِهَا : " أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ ، فَإِمَّا أَنْ نُعِينَكَ عَلَيْهَا ، وَإِمَّا أَنْ نَحْمِلَهَا عَنْكَ " , وَكُلُّ هَذِهِ الأَحَادِيثِ قَدْ مَرَّتْ فِي مَوَاضِعَ غَيْرِ هَذَا ، فَأَرَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَعَلَ بَعْضَ الأَصْنَافِ أَسْعَدَ بِهَا مِنْ بَعْضٍ , فَالإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِي الصَّدَقَةِ فِي التَّفْرِيقِ فِيهِمْ جَمِيعًا ، وَفِي أَنْ يَخُصَّ بِهَا بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ , إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الاجْتِهَادِ , وَمُجَانَبَةِ الْهَوَى , وَالْمَيْلِ عَنِ الْحَقِّ ، وَكَذَلِكَ مَنْ سِوَى الإِمَامِ ، بَلْ هُوَ لِغَيْرِهِ أَوْسَعُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.