كتاب الفيء ووجوهه وسبله


تفسير

رقم الحديث : 36

حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : " وَاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ ، لَقَدْ قَسَّمَ اللَّهُ هَذَا الْفَيْءَ قَبْلَ أَنْ تُفْتَتَحَ فَارِسُ , وَالرُّومُ " , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَنَرَى عَبْدَ اللَّهِ , إِنَّمَا تَأَوَّلَ الآيَةَ الَّتِي تَأَوَّلَهَا عُمَرُ ، فِي قَوْلِهِ : وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ سورة الحشر آية 10 , وَهَذِهِ السُّورَةُ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْقِتَالِ , يَعْنِي : سُورَةَ الْحَشْرِ , وَهَذِهِ قُوَّةٌ لِعُمَرَ فِي الْفَيْءِ ، لأَنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ , إِنَّمَا افْتُتِحَتَا بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا لِمَنْ يَجِيءُ مِنْ بَعْدِهِ , قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا , وَقَبْلَ أَنْ تُفْتَتَحَا , فَالأَمْوَالُ الَّتِي تَلِيهَا أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ هِيَ هَذِهِ الثَّلاثَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا عُمَرُ ، وَتَأَوَّلَهَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : الْفَيْءُ ، وَالْخُمُسُ ، وَالصَّدَقَةُ , وَهِيَ أَسْمَاءٌ مُجْمَلَةٌ يَجْمَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَنْوَاعًا مِنَ الْمَالِ ، فَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَزَكَاةُ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ، وَالإِبِلِ ، وَالْبَقَرِ ، وَالْغَنَمِ ، وَالْحَبِّ ، وَالثِّمَارِ فَهِيَ لِلأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى ، لا حَقَّ لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ فِيهَا سِوَاهُمْ ، وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ : هَذِهِ لِهَؤُلاءِ ، وَأَمَّا مَالُ الْفَيْءِ فَمَا اجْتُبِيَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِمَّا صُولِحُوا عَلَيْهِ : مِنْ جِزْيَةِ رُءُوسِهِمُ الَّتِي حُقِنَتْ دِمَاؤُهُمْ , وَحُرِّمَتْ أَمْوَالُهُمْ ، وَمِنْهُ خَرَاجُ الأَرَضِينَ الَّتِي افْتُتِحَتْ عَنْوَةً ، ثُمَّ أَقَرَّهَا الإِمَامُ فِي أَيْدِي أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى طَسْقٍ يُؤَدُّونَهُ ، وَمِنْهُ وَظِيفَةُ أَرْضِ الصُّلْحِ الَّتِي مَنَعَهَا أَهْلُهَا حَتَّى صُولِحُوا مِنْهَا عَلَى خَرَاجٍ مُسَمًّى ، وَمِنْهُ يَأْخُذُهُ الْعَاشِرُ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ الَّتِي يَمُرُّونَ بِهَا عَلَيْهِ لِتِجَارَتِهِمْ ، وَمِنْهُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ إِذَا دَخَلُوا بِلادَ الإِسْلامِ لِلتِّجَارَاتِ ، فَكُلُّ هَذَا مِنَ الْفَيْءِ وَهُوَ الَّذِي يَعُمُّ الْمُسْلِمِينَ : غَنِيَّهُمْ وَفَقِيرَهُمْ , فَيَكُونُ فِي أَعْطِيَةِ الْمُقَاتِلَةِ ، وَأَرْزَاقِ الذُّرِّيَّةِ ، وَمَا يَنُوبُ الإِمَامُ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ بِحُسْنِ النَّظَرِ لِلإِسْلامِ وَأَهْلِهِ , وَأَمَّا الْخُمُسُ : فَخُمُسُ غَنَائِمِ أَهْلِ الْحَرْبِ ، وَالرِّكَازُ الْعَادِيُّ ، وَمَا يَكُونُ مِنْ غَوْصٍ أَوْ مَعْدِنٍ : فَهُوَ الَّذِي اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ لِلأَصْنَافِ الْخَمْسَةِ الْمُسَمَّيْنَ فِي الْكِتَابِ ، كَمَا قَالَ عُمَرُ : هَذِهِ لِهَؤُلاءِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ : سَبِيلُ الْخُمُسِ سَبِيلُ الْفَيْءِ ، يَكُونُ حُكْمُهُ إِلَى الإِمَامِ : إِنْ رَأَى أَنْ يَجْعَلَهُ فِيمَنْ سَمَّى اللَّهُ جَعَلَهُ , وَإِنْ رَأَى أَنَّ أَفْضَلَ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَرَدَّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَصْرِفَهُ إِلَى غَيْرِهِمْ صَرَفَهُ ، وَفِي كُلِّ ذَلِكَ سُنَنٌ وَآثَارٌ ، تَأْتِي فِي مَوَاضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ

صحابي