وَحَدَّثَنَا وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، قَالَ : أَسْلَمَ دِهْقَانٌ ، فَقَامَ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقَالَ لَهُ عَلِيّ : " أَمَّا أَنْتَ فَلا جِزْيَةَ عَلَيْكَ ، وَأَمَّا أَرْضُكَ فَلَنَا " , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَتَأَوَّلَ قَوْمٌ لِهَذِهِ الأَحَادِيثِ , أَنْ لا عُشْرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ ، يَقُولُونَ : لأَنَّ عُمَرَ , وَعَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَمْ يَشْتَرِطَاهُ عَلَى الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنَ الدَّهَاقِينِ , وَبِهَذَا كَانَ يُفْتِي أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ , وَلَيْسَ فِي تَرْكِ ذِكْرِ عُمَرَ , وَعَلِيٍّ الْعُشْرَ دَلِيلٌ عَلَى سُقُوطِهِ عَنْهُمْ , لأَنَّ الْعُشْرَ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي أَرَضِيهِمْ لأَهْلِ الصَّدَقَةِ ، لا يُحْتَاجُ إِلَى اشْتِرَاطِهَا عَلَيْهِمْ عِنْدَ دُخُولِهِمْ فِي الأَرَضِينَ , أَلا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ " ، وَلَمْ يَقُلْ : عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهَا الْعُشْرَ , فَهَلْ لأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ : لا عُشْرَ عَلَيْهِ فِيهَا ؟ وَكَذَلِكَ إِقْطَاعُهُ الأَرَضِينَ الَّتِي أَقْطَعَهَا هُوَ وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ ، لَمْ يَأْتِ عَنْهُمْ ذِكْرُ شَيْءٍ مِنَ الْعُشْرِ عِنْدَ الإِقْطَاعِ , وَذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ , وَسُنَّةَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي أَرْضِهِ ، إِنْ ذُكِرَ ذَلِكَ أَوْ تُرِكَ ، وَإِنَّمَا أَرْضُ الْخَرَاجِ : كَالأَرْضِ يَكْتَرِيهَا الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ مِنْ رَبِّهَا الَّذِي يَمْلِكُهَا بَيْضَاءَ فَيَزْدَرِعُهَا ، أَفَلَسْتَ تَرَى أَنَّ عَلَيْهِ كِرَاءَهَا لِرَبِّهَا ، وَعَلَيْهِ عُشْرُ مَا تَخْرُجُ ، إِذَا بَلَغَ ذَلِكَ مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ ؟ وَمِمَّا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْعُشْرِ , وَالْخَرَاجِ وَيُوَضِّحُ لَكَ أَنَّهُمَا حَقَّانِ اثْنَانِ ، وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ : أَنَّ مَوْضِعَ الْخَرَاجِ الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ سِوَى مَوْضِعِ الْعُشْرِ ، إِنَّمَا ذَلِكَ فِي أَعْطِيَةِ الْمُقَاتِلَةِ وَأَرْزَاقِ الذُّرِّيَّةِ ، وَهَذَا صَدَقَةٌ يُعْطَاهَا الأَصْنَافَ الثَّمَانِيَةَ ، فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنَ الْحَقَّيْنِ قَاضِيًا عَنِ الآخَرِ , وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ , إِنَّهُ قَدْ أَفْتَى بِهِمَا جَمِيعًا رِجَالٌ مِنْ أَفَاضِلِ الْعُلَمَاءِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |