بَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْهُ , عَنْ بَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْهُ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ أَبِي الْفَيْضِ , عَنْ عُمَرَ أَبِي حَفْصٍ الْحِمْصِيِّ , أَنَّ مُعَاوِيَةَ " أَعْطَى الْمِقْدَادَ حِمَارًا ، فَقَبِلَهُ " ، فَقَالَ لَهُ الْعِرْبَاضُ : مَا كَانَ لَكَ أَنْ تَأْخُذَهُ ، وَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَكَ ، فَكَأَنِّي بِكَ قَدْ جِئْتَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَحْمِلُهُ ، قَالَ : فَرَدَّهُ الْمِقْدَادُ , قَالَ شُعْبَةُ : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِيَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ ، فَعَرَفَهُ ، وَقَالَ : كَانَ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ مِنَ الْخُمُسِ , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَهَذَا لَيْسَ لَهُ عِنْدِي وَجْهٌ ، إِذْ جَاءَتْ هَذِهِ الْكَرَاهَةُ إِلا أَنْ تَكُونَ الأَصْنَافُ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْخُمُسِ , كَانُوا يَوْمَئِذٍ أَحْوَجَ إِلَيْهِ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ ، فَهَذَا حُكْمُ الْخُمُسِ : أَنَّ النَّظَرَ فِيهِ إِلَى الإِمَامِ ، وَهُوَ مُفَوَّضٌ إِلَيْهِ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى ، فَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَلَمْ يَأْتِنَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ وَلا الْعُلَمَاءِ , أَنَّهُ رَأَى صَرْفَهَا إِلَى أَحَدٍ سِوَى الأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا , فَاخْتَلَفَ حُكْمُ الْخُمُسِ , وَحُكْمُ الصَّدَقَةِ فِي ذَلِكَ ، وَكِلاهُمَا قَدْ سُمِّيَ أَهْلُهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، فَنَرَى أَنَّ اخْتِلافَهُمَا كَانَ مِنْ أَجْلِ : أَنَّ الْخُمُسَ إِنَّمَا هُوَ مِنَ الْفَيْءِ ، وَالْفَيْءُ وَالْخُمُسُ جَمِيعًا أَصْلُهُمَا مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ ، فَرَأَوْا رَدَّ الْخُمُسِ إِلَى أَصْلِهِ عِنْدَ مَوْضِعِ الْفَاقَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى ذَلِكَ , وَمِمَّا يُقَرِّبُ أَحَدَهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ , أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَكَرَ أَوَّلَهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ ، فَقَالَ فِي الْخُمُسِ : وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ سورة الأنفال آية 41 فَاسْتَفْتَحَ الْكَلامَ بِأَنْ نَسَبَهُ إِلَى نَفْسِهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ أَهْلَهُ بَعْدُ ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْفَيْءِ : مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ سورة الحشر آية 7 فَنَسَبَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِلَى نَفْسِهِ ، ثُمَّ اقْتَصَّ ذِكْرَ أَهْلِهِ ، فَصَارَ فِيهِمَا الْخِيَارُ إِلَى الإِمَامِ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُرَادُ اللَّهُ بِهِ ، فَكَانَ أَقْرَبَ إِلَيْهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ الصَّدَقَةَ , فَقَالَ : إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ سورة التوبة آية 60 , وَلَمْ يَقُلْ : لِلَّهِ ، وَلِكَذَا وَلِكَذَا ، فَأَوْجَبَهَا لَهُمْ ، وَلَمْ يَجْعَلْ لأَحَدٍ فِيهَا خِيَارًا , أَنْ يَصْرِفَهَا عَنْ أَهْلِهَا إِلَى مَنْ سِوَاهُمْ ، وَمَعْنَى هَذَا : أَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا هِيَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ خَاصَّةً ، فَحُكْمُهَا أَنْ تُؤْخَذَ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ ، فَتُرَدَّ فِي فُقَرَائِهِمْ ، فَلا يَجُوزُ مِنْهَا نَفَلٌ وَلا عَطَاءٌ , فَهَذِهِ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ ، وَذَاكَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْكُفْرِ ، فَافْتَرَقَ حُكْمُ الْخُمُسِ وَالصَّدَقَةِ لِمَا ذَكَرْنَا , وَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ مَعَ هَذَا ، فِي مَا حُكِيَ عَنْهُ , يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِنَّمَا اسْتَفْتَحَ الْكَلامَ فِي الْفَيْءِ وَالْخُمُسِ بِذِكْرِ نَفْسِهِ ، لأَنَّهُمَا أَشْرَفُ الْكَسْبِ ، وَإِنَّمَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ يُشَرَّفُ وَيُعَظَّمَ ، قَالَ : وَلَمْ يَنْسُبِ الصَّدَقَةَ إِلَى نَفْسِهِ ، لأَنَّهَا أَوْسَاخٌ النَّاسِ , وَلَيْسَ هَذَا بَرَّادٍ لِمَذْهَبِنَا ، بَلْ هُوَ يُحَقِّقُهُ , لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَرَنَ الْفَيْءَ وَالْخُمُسَ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ ، وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَهُمَا ، وَأَبَانَ الصَّدَقَةَ مِنْ ذَلِكَ بِمَعْنًى سِوَى هَذَا ، فِي مَا نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |