وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سَلامِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ، قَالَ : كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَامِلِهِ فِي عُمَانَ : " أَنْ لا يَأْخُذَ مِنَ السَّمَكِ شَيْئًا حَتَّى يَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ " ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : وَلا أَعْلَمُهُ , إِلا قَالَ : " فَإِذَا بَلَغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ , فَخُذْ مِنْهُ الزَّكَاةَ " , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : يَذْهَبُ عُمَرُ فِي مَا يُرَى , إِلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ الْبَحْرُ بِمَنْزِلَةِ مَا أَخْرَجَ الْبَرُّ مِنَ الْمَعَادِنِ ، وَكَانَ رَأْيُهُ فِي الْمَعَادِنِ الزَّكَاةَ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْهُ ، فَشَبَّهَهُ بِهِ ، وَلَيْسَ النَّاسُ فِي السَّمَكِ عَلَى هَذَا ، وَلا نَعْلَمُ أَحَدًا يَعْمَلُ بِهِ ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْعَنْبَرِ وَاللُّؤْلُؤِ ، فَالأَكْثَرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنْ لا شَيْءَ فِيهِمَا ، كَمَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَجَابِرٍ ، وَهُوَ رَأْيُ سُفْيَانَ ، وَمَالِكٍ جَمِيعًا , وَمَعَ هَذَا , إِنَّهُ قَدْ كَانَ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْبَحْرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمْ تَأْتِنَا عَنْهُ فِيهِ سُنَّةٌ عَلِمْنَاهَا ، وَلا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ مِنْ وَجْهٍ يَصِحُّ ، فَنَرَاهُ مِمَّا عَفَا عَنْهُ ، كَمَا عَفَا عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ , وَإِنَّمَا يُوجِبُ الْخُمُسَ فِي مَا يَخْرُجُ مِنَ الْبَحْرِ مَنْ أَوْجَبُهُ تَشْبِيهًا بِمَا يَخْرُجُ مِنَ الْبَرِّ مِنَ الْمَعَادِنِ ، فَرَآهُمَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ وَذَهَبَ مَنْ لا يَرَى ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُمَا مُفْتَرِقَانِ , يَقُولُونَ : فَرَّقَتْ بَيْنَهُمَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِذْ جَعَلَ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسَ ، وَسَكَتَ عَنِ الْبَحْرِ ، فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ شَيْئًا , وَكَذَلِكَ هُمَا عِنْدَنَا ، لَيْسَا بِمُتَسَاوِيَيْنِ ، وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا حُكْمَ الْبَحْرِ , وَالْبَرِّ مُخْتَلِفَيْنِ فِي غَيْرِ خُلَّةٍ ، وَلا اثْنَتَيْنِ مِنْ ذَلِكَ : أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ صَيْدَ الْبَرِّ عَلَى الْمُحْرِمِينَ ، وَأَوْجَبَ عَلَى قَاتِلِهِ مِنْهُمُ الْجَزَاءَ ، وَأَبَاحَ لَهُمْ صَيْدَ الْبَحْرِ ، فَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِمْ فِيهِ جُنَاحًا وَلا كَفَّارَةً ، وَكَذَلِكَ الْمَيْتَةُ ، حَرَّمَ اللَّهُ مَيْتَةَ الْبَرِّ إِلا بِالزَّكَاةِ ، وَجَاءَتِ السُّنَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ، فِي مَيْتَةِ الْبَحْرِ , أَنْ قَالَ : " وَهُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ " ، فَفَرَّقَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ بَيْنَ حُكْمِ الْبَرِّ , وَالْبَحْرِ ، فَجَعَلَ مَا فِي الْبَحْرِ مُبَاحًا لآخِذِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَكَذَلِكَ نَرَى سَائِرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِمَنْزِلَتِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ , عَنْ عُمَرَ , أَنَّهُ جَعَلَ فِيهِ شَيْئًا ، وَذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ لَيْسَ بِالثَّبْتِ عَنْهُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |