قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ ، يَقُولُ : كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , " أَنِ اقْضُوا عَنِ الْغَارِمِينَ " , فَكُتِبَ إِلَيْهِ : إِنَّا نَجِدُ الرَّجُلَ لَهُ الْمَسْكَنُ ، وَالْخَادِمُ ، وَالْفَرَسُ ، وَالأَثَاثُ ، فَكَتَبَ عُمَرُ : " إِنَّهُ لا بُدَّ لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ مِنْ مَسْكَنٍ يَسْكُنُهُ ، وَخَادِمٍ يَكْفِيهِ مِهْنَتَهُ ، وَفَرَسٍ يُجَاهِدُ عَلَيْهِ عَدُوَّهُ ، وَمِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ الأَثَاثُ فِي بَيْتِهِ ، نَعَمْ , فَاقْضُوا عَنْهُ ، فَإِنَّهُ غَارِمٌ " , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : أَفَلا تَرَى عُمَرَ , إِنَّمَا اشْتَرَطَ فِي ذَلِكَ مَا يَكُونُ فِيهِ الْكَفَافُ الَّذِي لا غَنَاءَ بِهِ عَنْهُ ، فَأَرْخَصَ فِيهِ ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ , قَوْلُ الْحَسَنِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ , هُوَ شَبِيهٌ بِهَذَا أَيْضًا ، إِلا أَنَّ هَذَا أَبْيَنُ تَفْسِيرًا , وَقَدْ وَجَدْنَا عَلَى مُسْتَحِلِّ الصَّدَقَةِ شَرْطًا آخَرَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَى الْغَنَاءِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : لا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ ، وَلا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ ، وَلا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ , وَهُوَ الْقَوِيُّ أَيْضًا , فَأَرَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمَا ، وَجَعَلَ الْغِنَى , وَالْقُوَّةَ عَلَى الاكْتِسَابِ عَدْلَيْنِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْقَوِيُّ ذَا مَالٍ ، فَهُمَا الآنَ سِيَّانِ ، إِلا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَوِيُّ مَجْدُودًا عَنِ الرِّزْقِ مُحَارَفًا ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ مُجْتَهِدٌ فِي السَّعْيِ عَلَى عِيَالِهِ حَتَّى يُعْجِزَهُ الطَّلَبُ ، فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ حَالَهُ ، فَإِنَّ لَهُ حِينَئِذٍ حَقًّا فِي أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ , لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ سورة الذاريات آية 19 .
الأسم | الشهرة | الرتبة |