قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ هَانِئٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو حُذَيْفَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلْقَمَةَ ، قَالَ : قَدِمَ وَفْدُ ثَقِيفٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَعَهُمْ هَدِيَّةٌ قَدْ جَاءُوا بِهَا ، فَقَالَ لَهُمْ : " مَا هَذَا ، أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ ؟ فَإِنَّ الصَّدَقَةَ يُبْتَغَى بِهَا وَجْهُ اللَّهِ ، وَالْهَدِيَّةُ يُبْتَغَى بِهَا وَجْهُ الرَّسُولِ ، وَقَضَاءُ الْحَاجَةِ " , فَقَالُوا : هَدِيَّةٌ , فَقَبَضَهَا مِنْهُمْ , ثُمَّ جَلَسُوا ، فَشَغَلُوهُ بِالْمَسْأَلَةِ ، فَمَا صَلَّى الظُّهْرَ إِلا عِنْدَ الْعَصْرِ , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّ الصَّدَقَةَ كُلُّ مَا يُرَادُ بِهِ مَا عِنْدَ اللَّهِ عُمُومًا ، مِنْ غَيْرِ خُصُوصٍ وَلا تَمْيِيزٍ بَيْنَ فَرْضٍ وَلا نَافِلَةٍ ، وَجَعَلَ الْهَدِيَّةَ سِوَى ذَلِكَ , فَهَذَا الَّذِي نَتَّبِعُهُ , وَنَقُولُ بِهِ : إِنَّا لا نُحِبُّ الصَّدَقَةَ لِغَنِيٍّ ، وَإِنْ كَانَتْ تَطَوُّعًا ، وَإِنَّمَا هَذَا اخْتِيَارٌ اخْتَارَهُ لَهُ تَنَزُّهًا ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ تَحْرِيمَ الْفَرِيضَةِ ، فَإِنِّي لا آمَنُ ذَلِكَ , لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الصَّدَقَةَ لا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ " , وَلِهَذِهِ الأَخْبَارِ الَّتِي اقْتَصَصْنَاهَا , أَرَأَيْتَ رَجُلا رَبَّ مِئِينَ أُلُوفٍ ، لَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ رَجُلٌ بِدِرْهَمٍ أَوْ رَغِيفٍ ، لا يُرِيدُ إِلا نَفْسَ الصَّدَقَةِ الَّتِي يُبْتَغَى بِهَا ثَوَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَعَلِمَ بِذَلِكَ الْمُعْطَى ، أَكَانَ ذَلِكَ يَطِيبُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ؟ فَكَذَلِكَ الْكَثِيرُ مِنْ إِعْطَاءِ الصَّامِتِ ، وَالْعَقَارِ ، وَالْحَيَوَانِ وَغَيْرِهَا ، إِذَا كَانَ يُرَادُ بِهَا الصَّدَقَةُ ، بَلِ الْكَثِيرُ أَوْلَى بِالْكَرَاهَةِ ، إِلا أَنْ يَكُونَ الْمُعْطِي إِنَّمَا قَصَدَ بِالْعَطِيَّةِ , قَصْدَ الْهِبَةِ وَالنَّحْلِ بِقَلْبِهِ لِوَلَدِهِ ، أَوْ لأَقْرِبَائِهِ ، أَوْ لِمَنْ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الأَجْنَبِيِّينَ ، إِلا أَنَّهُ أَظْهَرَ الصَّدَقَةَ , وَأَعْلَنَهَا لِيُؤَكِّدَهَا بِذَلِكَ لِلْمُعْطَى ، وَلأَنْ تَكُونَ وَاجِبَةً لَهُ ، فَلا يَجُوزَ فِيهَا مَرْجِعٌ فِي الْحُكْمِ كَانَ كَذَلِكَ , فَهِيَ طَيِّبَةٌ لَهُ إِنْ شَاءَ , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَإِذَا اسْتَوَى أَمْرُ الصَّدَقَةِ فِي الْفَرْضِ , وَالنَّافِلَةِ فِي مَخْرَجِهِمَا ، فَكَذَلِكَ يَجُوزُ إِعْطَاءُ الْكَثِيرِ مِنَ الزَّكَاةِ ، كَمَا يَجُوزُ إِعْطَاؤُهُ مِنَ التَّطَوُّعِ ، إِذَا كَانَ الْمُعْطَوْنَ يَوْمَ يُعْطَوْنَهَا لَهَا مَوْضِعًا فِي الْفَاقَةِ , وَالْخَلَّةِ عَلَى مَذْهَبِ الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ , فِي أَمْرِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، وَحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ ، إِذْ كَانَ مَا أَعْطَاهُمَا أَبُو طَلْحَةَ نَافِلَةً غَيْرَ فَرَضٍ , عَلَى أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا التَّوْسِعَةَ فِي الإِعْطَاءِ مِنَ الزَّكَاةِ نَفْسِهَا .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلْقَمَةَ | عبد الرحمن بن أبي علقمة الثقفي | مختلف في صحبته |
عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ | عبد الملك بن محمد الكوفي | مجهول |
أَبُو حُذَيْفَةَ | عبد الله بن محمد الكوفي | مجهول |
يَحْيَى بْنِ هَانِئٍ | يحيى بن هانئ المرادي | ثقة |
أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ | أبو بكر بن عياش الأسدي | صدوق حسن الحديث |